ثلاث سنوات على أبشع حملة تهجير وإبادة الروهنيغا.. المجرمون بلا عقاب والمظلومون في العراء تحل ذكرى آخر حملات العسكر الميانماري التي أدت قبل ثلاثة أعوام إلى نزوح نحو 750 ألف روهينغي إلى بنغلاديش التي تشكل فيها خلال السنوات الماضية أكبر مخيم للاجئين في العالم حيث يقدر عدد الروهينغيا على الحدود بين بنغلاديش وميانمار (بورما) بنحو 1.2مليون شخص ومثل ذلك العدد في دول أخرى كالهند وباكستان والسعودية وماليزيا وغيرها من البلدان العربية والآسيوية والأوروبية مما يجعل عدد الروهينغيا في المنفى أكبر ممن بقي منهم داخل موطنهم الأصلي في ولاية أراكان (راخين). ق.د/وكالات تقول منظمة روهينغيا أراكان الوطنية -إحدى أقدم الهيئات الروهينغية في العالم- في بيان لها إن ما حدث في 25 اوت 2017 وما تلا ذلك خلال أسابيع هو من تدبير الجيش الميانماري ومتواطئين من غير موظفي الدولة من قومية الريكاين البوذية التي تشارك الروهينغيا التاريخ والجغرافيا منذ قرون فقد وقعت أعمال قتل واسعة وجرائم اغتصاب وأعمال حرق منظمة وتدمير للقرى والمنازل . وفي ظل غياب أي جهة تحقيق دولية أو تغطية إعلامية وشبه انقطاع كامل لشبكة الإنترنت عن تلك المناطق منذ سنوات مما يجعل التواصل صعبا مع الروهينغيين في أريافهم فإن الأرقام متضاربة بشأن الجرائم المرتكبة تلك الفترة ولأسابيع لكن ما تتحدث عنه منظمة روهينغيا أراكان الوطنية يشير إلى حرق 360 قرية على الأقل ومقتل 24 ألفا و843 روهينغيا وإصابة نحو 40 ألفا آخرين بالرصاص كما سجلت 18 ألفا و498 حالة اغتصاب لسيدة وفتاة روهينغية وألقي نحو 34 ألف شخص في النيران وأحرق نحو 115 ألف منزل . وقد سبق ما وقع في اوت 2017 حملات أمنية وتهجير قسري عدة يصفها مؤرخون وحقوقيون روهينغيون بأنها تصل إلى الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية لكن العالم لم ينتبه لكثير منها فالتاريخ سجل حملات دامية في أراكان منذ أن سيطر العسكر على الحكم في ميانمار عام 1962 ومن أشهر تلك الحملات ما وقع عام 1978 وعامي 1990 و1991 ثم عام 2012 وما تلاها من تهجير لنحو 140 ألفا إلى مخيمات مغلقة داخل أراكان نفسها وكل ذلك حسب منظمة روهينغيا أراكان الوطنية وغيرها يستهدف إنهاء الوجود الروهينغي من أرضهم التي يرتبطون بها منذ أيام أسلافهم تاريخيا ونفسيا وحضاريا . *لم يتغير شيء اليوم وبعد 3 سنوات -على أحداث اوت 2017-لم يطرأ تغيير في المشهد الإنساني والحقوقي في واقع الروهينغيين فلا أحوال من بقوا في أراكان تغيرت حيث يعيشون حبيسي المخيمات ولا من لجأ منهم في بنغلاديش يقدر على العودة وهم لا يأمنون على أنفسهم من القمع مجددا كما تقول شهادات من يسأل منهم عن العودة إلى ميانمار. كما أن أونغ سان سوتشي زعيمة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية -التي انتقلت من المعارضة إلى مشاركة العسكر في حكمهم في 30 مارس 2016 مستشارة للدولة- آثرت عدم النظر إلى ملف أقلية الروهينغيا أو غيرهم من الأقليات المسلمة أو المسيحية الأخرى كما تقول منظمة روهينغيا أراكان الوطنية ولم يتغير الموقف الرسمي للعسكريين أو المدنيين في السلطة بالعاصمة نيبيدو. وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها صدر مؤخرا إن الحكومة الميانمارية قد عجزت عن ضمان عودة آمنة لنحو مليون لاجئ روهينغي بعد 3 سنوات على هربهم من جرائم الجيش الميانماري ضد الإنسانية وإبادة جماعية محتملة . وتشير المنظمة الحقوقية في بيان لها صدر بأن حكومة ميانمار لم تستجب لإجراءات العدالة الدولية ولم تسمح للأمم المتحدة بالتحقيق في الجرائم الداخلية التي وقعت أو التحقيق من قبل فرق ذات مصداقية في الجنايات التي ارتكبت. وكانت محكمة العدل الدولية في قرار لها في جانفي الماضي قد أمرت ميانمار باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع وقوع إبادة جماعية بحق أقلية الروهينغيا أو التحريض أو التواطؤ أو التآمر لارتكاب أعمال الإبادة الجماعية كما حثتها على إلغاء أي تدابير من شأنها حرمان ومنع أقلية الروهينغيا من الإنجاب وهم الذين تعتبر الحكومة أنهم بنغال ولا أصل لوجودهم في البلاد. كما أن المحكمة الجنائية الدولية قد بدأت -بمسار آخر في فيفري الماضي-تحقيقا في التهجير القسري للروهينغيا من ميانمار والجرائم التي ارتكبت في ذلك السياق الزمني والمكاني في حين رفضت ميانمار قرار هذه المحكمة القاضي بفتح التحقيق في تلك الوقائع عام 2017. *عزل اللاجئين في جزيرة وفي شأن متصل تخطط بنغلاديش كما أعلنت حكومتها مرارا لنقل نسبة من اللاجئين الروهينغيا بعد شهور من مخيماتهم المكتظة في منطقة كوكس بازار جنوب شرق البلاد إلى مساكن بنيت حديثا كما يقول مسؤولوها في جزيرة باشان تشار التي تبعد 37 ميلا عن أقرب ساحل لبنغلاديش. وآخر تصريحات صدرت بهذا الشأن ما تحدث به وزير الخارجية البنغالي مسعود بن مؤمن إذ نفى ما عبرت عنه منظمات حقوقية وبيئية من أسباب القلق على حياة اللاجئين الروهينغيا في تلك الجزيرة كون موقعها يأتي في مهب العواصف والأعاصير التي يشتهر بها خليج البنغال ومعرضة للفيضانات وعوامل التعرية لاسيما أنها تشكلت أيضا بعوامل بيئية عام 2006 ولا تزيد مساحتها عن 40 كلم مربع فقط وقد تختفي بغرقها تحت مياه خليج البنغال بعوامل بيئية بعد سنوات أو عقود ولا شيء مؤكدا بشأن مستقبلها. وتعمل الحكومة البنغالية حسبما هو معلن إعلاميا منذ مطلع هذا العام على تشييد 1440 مبنى مناسبا لأجواء تواجه العواصف والأعاصير كما تقول المصادر الرسمية لإعادة إسكان نحو 100 ألف لاجئ روهينغي ضمن ما يعرف رسميا بمشروع أشريان 3 لإسكان من هم بلا مأوى وعلى رأسهم الروهينغيا وهم عدد يمثلون أقل من 10 من الموجودين على الجنوب الشرقي لبنغلاديش في عشرات المخيمات المكتظة قرب الحدود مع ميانمار.