بعد البرك المائية والمستنقعات والوديان والسدود المائية التي أودت بالعديد من الضحايا والغرقى، اتجه الأطفال في هذا الموسم إلى السباحة عبر النافورات المائية التي كانت مهمتها والى وقت قريب تجميل العاصمة، لكن يبدو أنها تحولت إلى مكان للسباحة من طرف بعض الأطفال المشاغبين أو عفوا المهملين من طرف أوليائهم بعد أن اختاروا أن تكون تلك النافورات المتنفس الوحيد لأوقات فراغهم في أيام الصيف الطويلة. خباجة نسيمة والأدهى في الأمر أن معظم تلك النافورات تتوسط هيئات رسمية وتحاذيها حواجز مكثفة للأمن، إلا أن لا أحد يأبه بالخطورة التي تتربص بهؤلاء الأبرياء وهم يسبحون في تلك النافورات لاسيما تلك الملحقة بالكهرباء ناهيك عن البلاط المبلل واللزج إضافة إلى كونها متوسطة العمق مما قد يؤدي بكل سهولة إلى أحداث مميتة في حالة سقوطهم المفاجئ. ذلك ما وقفنا عليه بساحة الشهداء بالعاصمة وبالضبط بالقرب من قصر الرياس حيث يتوسط مفترق الطرق نافورة جميلة مزيَّنة بأحصنة بيضاء وبعد أن اتخذ بعض المواطنين ذلك المكان للجلوس والتمتع بالمناظر الخلابة خاصة وان المكان يطل على البحر ويتوسط الطريق، اقتحمه الأطفال بدورهم وجعلوه مكانا للسباحة بحيث تجمع حوالي 15 طفلا وراحوا يسبحون في النافورة في أجواء بهيجة حتى تخيل للكل أنهم بمسبح لولا قلة عمق تلك النافورات وكذا توسط الأحصنة لها، الأمر الذي قد يؤدي إلى أحداث مميتة خاصة وان هؤلاء الأطفال كانوا بين الفينة والأخرى يعتلون تلك الأحصنة وهم على تلك الهيأة المبللة. حدث كل ذلك على مرأى بعض الأولياء الذين كانوا بالقرب من أطفالهم، وحدث المنظر بمحاذاة هيئات رسمية على غرار المديرية العامة للأمن الوطني والمعهد العالي للموسيقى وكذا قصر الرياس خاصة وان تلك النافورات تتوسط تلك الهيئات، والأكثر من ذلك حضور عناصر الأمن بذات الناحية، إلا انه لا احد تحرك لمنع الأطفال من القيام بتلك التصرفات العشوائية التي تضرهم. والمصيبة أنها حدثت على بعد أمتار من البحر، فلو كانوا بمنطقة داخلية لأمكن تفهّم الأمر. وعبر الجميع عن اندهاشهم من ذلك السلوك وكان كل من يعبر من هناك يتوقف برهة لمشاهدة هؤلاء الأطفال وهم يسبحون ويقفزون من أسوار البلاط المحيطة بالنافورات المتوسطة العمق، دون أدنى خوف أو مبالاة بما يمكن أن يلحق بهم من مخاطر لاسيما وان هناك من النافورات من تُربط بالكهرباء لضما تدفق المياه وللكل أن يتخيل تفاعل الماء مع الكهرباء وكذا مع الأجساد الهزيلة لهؤلاء الأطفال. ومنهم من عبر بالقول انه من المؤكد أن من يتفرجون عليهم ويجلسون بالمقاعد المحاذية للنافورة هم أولياؤهم الذين انعدمت مسؤولية بعضهم في الوقت الحالي، ذلك ما جعلنا نقترب من بعضهم وبالفعل عثرنا على إحدى الأمهات التي أعجبها منظر ابنها وهو يسبح على مستوى النافورة ويقفز وكأنه في البحر، وطرحنا عليها الخطورة المتربصة بهم هناك فحتى ولو لم تلحق تلك النافورة بكهرباء فمن الممكن أن يتعرض الأطفال إلى كسور وأحداث مميتة بالنظر إلى قلة عمقها، فلم تأبه بالكلام ونفت عن جهل أن تكون موصولة بالكهرباء، وواصلت مشاهدة ابنها وهو يقفز بكل إعجاب بدليل ملامحها المبتسمة فتركناها وفوضنا أمرنا وأمر هؤلاء الأطفال إلى الله سبحانه وتعالى. وعلى الرغم من تحمل الأولياء جزءا من المسؤولية، فلا ننفي مسؤولية الكل عن ما هو حاصل بالنظر إلى انعدام الرقابة، فكان من الأجدر تعيين مراقبين وأعوان لتلك النافورات والنصب التذكارية للمحافظة عليها وكذا المحافظة على أرواح الآخرين مادام أن الأطفال قد حولوا بعضها إلى أماكن للهو واللعب وحتى السباحة.