يعيش مئات الآلاف من اللاّجئين في ظروف مأساوية على طول الحدود مع أوزبكستان في أعقاب اضطرابات عرقية دامية في جنوب قرغزستان امتدّت إلى أكثر من أسبوع. وقال ألكسندر بايلات مسؤول فرع منظّمة أطبّاء بلا حدود في قرغزستان الواقعة وسط آسيا في حديث عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية: »هناك ندرة في مياه الشرب والطعام«، وأضاف: »لا يملك النّاس أيّ شيء«. ووفقا لتقديرات الأمم المتّحدة، فإن مليون شخص تأثّروا بشكل مباشر جرّاء أعمال القتال العرقي في قرغزستان بينهم 400 ألف لاجئ، واضطر العديد من الأشخاص إلى الفرار من منازلهم بعد أن أضرمت فيها النّيران خلال الاشتباكات بين عناصر الجيش القرغزي والمتمرّدين الأوزبك. وبدأت تدريجيا عمليات تسليم مستلزمات الإغاثة الأساسية لهؤلاء اللاّجئين مثل دلاء المياه، لكن فرق الإنقاذ لا تستطيع الوصول إلى العديد منهم، وأوضح بايلات أنهم في حالة صدمة ومختبئون ولا يريدون الخروج. ولا يزال الوضعُ الأمني متوتّرا بدرجة كبيرة في جنوب البلاد، فعلى سبيل المثال أشار ممثّلو الأمم المتّحدة مؤخّرا إلى أنه لا يمكنهم العمل في مدينة أوش مركز الاضطرابات العرقية في البلاد سوى من منطقة المطار التي تتمتّع بأمان نسبي. وقامت السلطات بتمديد حظر التجوال اللّيلي في أوش ثاني أكبر مدن البلاد حتى 25 جوان الجاري، وصدرت أوامر بغلق السوق المركزي في المدينة كإجراء أمني احترازي. ويبدو واضحا أن الحكومة المركزية في العاصمة بيشكيك شمال قرغزستان لا تسيطر على الوضع بشكل كبير، ويخشى العديد من المواطنين ذوي الأصول الأوزبكية قوّات الجيش القرغزي التي يفترض أنها توفّر الحماية لهم ويؤكّدون أن عناصر الجيش انحازوا إلى الجماعات التخريبية في ملاحقتهم. من ناحية أخرى، أكّدت رئيسة البلاد روزا أوتانباييفا بنبرة قوية أن الاستفتاء الدستوري سيمضي قدما كما هو مقرّر له في 27 جوان الجاري، وقالت في تصريح لمجلّة »دير شبيغل« الألمانية إن المواطنين سيصوّتون على الدستور الجديد في نهاية جوان، لكنه سيكون أيضا تصويتا على سياساتي. وأضافت: »سنجري بعد ذلك انتخابات حرّة، الأولى للبرلمان، ثمّ تلك الخاصّة بأعلى منصب في البلاد. ولن أترشّح وتنتهي فترتي في عام ونصف«. من جانب آخر، دمّرت معظم أجزاء مدينة أوش وخلت العديد من قراها من سكّانها، وتضطرّ أوتانباييفا تقريبا يوميا إلى طلب مساعدات عسكرية من الخارج بشكل أساسي من روسيا. ووسط هذه الأوضاع فإن اللاّجئين محاصرون بين الجبهتين، لا يمكنهم العودة إلى ديارهم وقراهم ولا يستطعيون عبور الحدود المحصّنة بشدّة بالأسلاك الشائكة، والتي أغلقتها أوزبكستان. وهناك نحو 100 ألف لاجئ دخلوا بالفعل إلى أوزبكستان، وتؤكّد البلاد أنه لا يمكنها استيعاب المزيد. وأفاد بايلات بأن معسكرات اللاّجئين امتلأت عن آخرها. ويقول أندريا برويندر وهو مسؤول مساعدات وزميل بايلات على الجانب الأوزبكي من الحدود محذّرا من أن المساعدات الغذائية بدأت تنفد. وفي ظلّ درجات حرارة عالية تتجاوز الأربعين مئوية، فإن الوضع أصبح مأساويا خاصّة بالنّسبة للنّساء والأطفال وكبار السنّ. وبسبب عدم وجود مرافق صحّية مناسبة، فإن موظّفي الإغاثة يخشون تفشّي العدوى بين اللاّجئين، ويثور قلق كبير بالنّسبة للأطفال. وفي السّياق، أكّدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ونظيرها الرّوسي سيرغي لافروف خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما الأحد أنهما يتشاطران القلق نفسه حيال الوضع في قرغزستان، كما أعلنت الخارجية الأمريكية في بيان. وأوضح المتحدّث باسم الخارجية فيليب كراولي أن الوزيرين استعرضا الوضع في قرغزستان وتشاطرا القلق نفسه حيال أعمال العنف الأخيرة والتوتّرات الاتنية بين الأقلّية الأوزبكية والأكثرية القرغزية في جنوب هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى. وأكّد أن كلينتون ولافروف اتّفقا على أن الاستفتاء المقرّر إجراؤه في هذا البلد حول الدستور هو قرار سيادي يتعلّق بقرغزستان، ودعوا السلطات القرغيزية إلى إجراء هذا الاستحقاق وفقا للمعايير الدولية وبدعم من منظّمة الأمن والتعاون في أوروبا. كما بحث الوزيران تنسيق المساعدات الإنسانية الرّوسية والأمريكية في قرغزستان وسبل مساعدة سلطات هذا البلد على إعادة بسط الأمن والاستقرار.