رغم المصاعب التي تواجه مربو الخيول الفروسية.. هواية مفضلة بمنطقة الحضنة
لا تزال تربية الخيل تحافظ على مكانتها وتقاوم بمنطقة الحضنة حيث تحظى الفروسية باهتمام خاص بهذه المنطقة من البلاد رغم الصعاب التي تواجه هذا النشاط ذي الأبعاد التراثية والسياحية والفلاحية. نسيمة خباجة مسك فرحانة سلطانة حضنة و مسعودة أسماء لخيول تصهل بالمناطق الأربع للحضنة فهي تسمع مناديها وتفهم أن الأمر يتعلق بها دون سواها فتراها تركض نحو فارسها أو مربيها في نشاط يحافظ عليه أهل الحضنة رغم المصاعب التي يعيشها مربو الخيول بولاية المسيلة والتي تحصي 2000 رأس من الخيول وفق ما ذكرته المديرية المحلية للمصالح الفلاحية. ويمكن القول أن الحديث النبوي الشريف الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة ينطبق على مربي الخيل بالحضنة. فحسب ما ذكره كل من عبد الله والي رئيس جمعية تربية الخيول ببلدية أولاد ماضي وعبد القادر العمري مربي خيول بإحدى مناطق الحضنة فإن فرسان الحضنة يفضلون سواء في مهرجانات الفنتازيا أو سباق الخيل الحصان الإنجليزي نظرا لطول قامته وقوامه ورشاقته وسرعته الفائقة مقارنة بباقي السلالات الأخرى للأحصنة على غرار العربي الأصيل والعربي البربري. و هذا لا يعني أن هاتين السلالتين لا تصلحان للسباق والفنطازيا بل تصنفان حسبهما في المرتبة الثانية بعد الحصان الإنجليزي. ويبقى ركوب الخيل البربري قليل حيث ما يزال مقتصرا فقط على منطقتين بالبلاد وهما آفلو بولاية الأغواط ومناطق أخرى بولاية البيض وذلك بسبب عدم علو قامته حسب ما ذكره السيدان والي والعمري. ويشرع الفرسان ومربو الخيول في تدريب الأحصنة المخصصة للسباقات في سن تقل عن ثلاث سنوات فيما تدرب الأحصنة التي يتراوح عمرها ما بين 17 و18 شهرا لأجل تظاهرات الفنتازيا والمهرجانات المختلفة فكثيرا ما يختار مربو الخيول عينة منها للتدريب لأنها عندما تكون كثيرة العدد يصعب تدريبها جملة. الفانتازيا.. استعراض شيق وإذا كان لسباق الخيل قانون يعتمد فيه الفارس على مدى سرعة الحصان مقارنة مع نظرائه في أروقة السباق فإن الفنتازيا تختلف حسب المناطق فهي فردية وجماعية وتمارس بإشهار السيوف وإطلاق البارود وقوفا على ظهر الحصان فإن الاختلاف يكمن في أن مناطق غرب البلاد تلعب فيها الفنتازيا بطريقة تسمى الأمير عبد القادر تحاكي معركة حربية يفصل فيها الأسرع وذو رد الفعل السريع فيما يمارس ببعض مناطق الوطن طريقة تسمى السيد علي التي تحاكي بطولات علي ابن أبي طالب رضي الله عنه. وتعتمد طريقة الأمير عبد القادر على الكر والفر بينما تقتصر طريقة السيد علي على الكر فقط فيما يعتمد أهل الحضنة على المهياوي و المنصوري وهما يختلفان بعض الشيء في الأداء. يرتدي الفارس لباسا خاصا بالفنتازيا ليس موحدا كما هو بالنسبة للجوكر الراكب لفرس السباق فهو مكون من الخاصة والرزة والحذاء بومسمار أي حذاء جلدي تصطف على نعله مسامير من نوع خاص أشبه إلى الدبابيس حيث عادة ما يلجأ الفارس إلى اللباس ذو اللون الفاتح وهو غالبا ما يكون أبيضا ويطلق أهل الفروسية بالحضنة أسماء عديدة على السروج من بينها نصف عمارة و عمارة و عمارة ونص و نجمة وهلال وهذه الأخيرة تعود إلى العهد العثماني بالجزائر وقليل هم من يمتلكونها وحتى إن كانت متوفرة فهي لا تباع بسعر أقل من 4 ملايين دينار فيما يصل سعر السروج الجزائرية التي يفوق عمرها القرن إلى ما يزيد عن 1 مليون دينار. عوائق تواجه مربو الخيول يصل سعر السرج المصنع بولاية المسيلة والمطرز بالمجبود أي الخيط الذهبي غير الأصلي إلى ما بين 100 ألف و250 ألف دج للسرج الواحد مع العلم أن هذه الحرفة أعيد إحياؤها منذ عدة سنوات بدعم من غرفة الصناعة التقليدية والحرف لهذا النشاط حسب ما علم من إدارة هذه الغرفة كما يصل سعر الركاب النحاسي وهو عبارة عن قطعتي الحديد التي يضع عليهما الفارس قدميه إلى 50 ألف دج للزوج الواحد ناهيك عن سعر طرحة الصوف وهي الفراش الذي يوضع على ظهر الحصان تحت السرج ويظهر على مؤخرة الحصان. و حسب مربي الخيول بولاية المسيلة فإن استمرارية نشاطهم وتداوله من جيل إلى آخر يظل مقرونا بمدى العناية التي توليها السلطات لتربية الخيول من خلال الدعم المتواصل لهذا النشاط لأن غياب الدعم يهدد النشاط بالتوقف لعدة أسباب من بينها نقص فضاءات التدريب وندرة الأعلاف وغلاء أسعارها حيث يمنح كدعم لرأس واحد من الخيل الواحد 60 كلغ من العلف شهريا فيما يصل استهلاك الرأس الواحد إلى 210 كلغ شهريا. وفي ظل غياب مشاتل لتكاثر سلالة العربي الأصيل بالجزائر والتي كانت مزدهرة في ثمانينيات القرن الماضي فحسب بعض مربي الخيول بعدة مناطق على غرار أم البواقيوالأغواطوالمسيلة فإن هذه السلالة يتم استيرادها بالعملة الصعبة رغم أنه بالإمكان إعادة بعث هذا النشاط بالبلاد.