يواجه نشاط تربية الخيول بولاية الأغواط في السنوات الأخيرة عدة صعوبات حالت دون تطوره وتوسع نطاق ممارسته وهو نشاط في حاجة إلى تثمين بما يسمح باسترجاع المكانة التي كان يحظى بها داخل المجتمع المحلي. وتتوفر ولاية الأغواط على شتى أصناف الأحصنة مثل الحصان العربي الأصيل والعربي البربري والإنجليزي المستورد والإنجليزي المولد . لكن التركيز على الأحصنة العادية غير المصنفة واستعمالها في مختلف حاجيات سكان الأرياف حد من تكاثر الأصناف المذكورة كما يرى عدد من المهتمين بهذا النشاط بالولاية. ويجمع رؤساء نوادي الفروسية بالولاية على أن الإهتمام بحصان السباق على حساب باقي الأصناف والتوجه نحو منح الترخيص بالتوليد للخواص والإلقاء بجميع التكاليف على عاتق المربي وكذا تراجع دور محطات التهجين المتواجدة واستبدالها بمحطة " الصفاد " التابعة للديوان الوطني للخيول تعد من أهم أسباب هذا التذبذب الحاصل في مجال تربية الخيول. ثقل أعباء تربية الحصان من بين أسباب تراجع نشاط تربية الخيول وفي هذا السياق يرى المربي والفارس بن سالم الحاج أحمد أن ترك المربين والمروضين على حد سواء وحدهم في مواجهة أعباء تربية الحصان وتغذيته "قلص من الإقبال على هذا النوع من النشاط وجعله ينحصر في الفانتازيا و الإستعراض وبالتالي أثر حتى على العدد الإجمالي للخيول عبر تراب الولاية". كما أن عدد فرسان الفانتازيا وفرق الخيالة أخذ هو الآخر منحى " تنازليا" سنة تلو الأخرىعلى مستوى المناطق التي اشتهرت لوقت طويل بهذا النوع من النشاط التقليدي ومثلت ولاية الاغواط في مختلف المناسبات الوطنية على غرار فرق بلديات الحاج المشري وقلتة سيدي سعد ووادي مرة لأسباب تتعلق هي الأخرى بعدم القدرة على توفير مستلزمات تربية الحصان وفق نفس المتحدث. و علاوة على هذه الصعوبات التي تقف حجر عثرة في وجه تربية الخيول يسجل تخلي توريث المربين هذه المهنة للآخرين مثلما كان عليه الأمر فيما مضى كما تشهد الأسواق المخصصة لبيع الأحصنة تقلصا بالإضافة إلى "تراجع"أسعار الأحصنة. ومن جهتها أوضحت مديرية المصالح الفلاحية أن الخيول بولاية الأغواط تستفيد كغيرها من الثروة الحيوانية من حملات التلقيح الموسمية ضد الأمراض بما يضمن المراقبة الصحية لها إضافة إلى تقديم منح للمربين قيمتها 20 ألف دج عن كل مولود جديد وهي إجراءات ترمي إلى ضمان التغطية الصحية والخدمات البيطرية للخيول والتحفيز على تربيتها . ضرورة تفعيل محطات التهجين لإعادة بعث نشاط تربية الخيول ويبرز مسؤولو الرابطة الولائية للفروسية أهمية تفعيل محطات التهجين ووضع مخططات أكثر نجاعة لحماية ثروة الخيول بما يضمن بعث نشاط تربية الخيول بولاية الأغواط التي تشهد " تراجعا " من سنة لأخرى سواء من حيث حجم الإقبال على ممارسته أو في عدد الخيول . ويطرح في هذا الشأن مقترح إعادة تفعيل محطتي التهجين الواقعتين بعاصمة الولاية وآفلو أذ أن الأولى متوقفة منذ سنة 2004 والثانية تسير ببطء "شديد" وتسجل تناقصا "كبيرا" في العدد الإجمالي للخيول واقتصار ما تبقى منها على أيدي المالكين بعيدا عن برامج التربية والترويض داخل المرافق المختصة كما أوضح رئيس الرابطة السيد عبد الرحمان شتيح. وتحصي الولاية حاليا أقل من 1.200 حصانا بينما كان هذا العدد يحصى بمنطقة واحدة فقط بالجهات التي تشتهر بتربية الخيول على غرار بلديات الجهة الشمالية أو ما يطلق عليها منطقة " جبل عمور" مع تسجيل تقلص في أنشطة استخدام الحصان وتراجع أدوراه الإجتماعية كما أضاف ذات المتحدث. وما يزيد من أهمية التهجين وجود صعوبات تعيق تنمية نشاط تربية الخيول ومنها قلة الدراسات الأكاديمية وانعدام هياكل لتجميع الخيول ومرافقة المربين علاوة عن قلة الدعم المالي اذ أن تربية الحصان الواحد يتطلب تكاليف باهضة فيما منحة التوليد المقدرة ب20.000 دج عن كل حالة ولادة جديدة لا تفي بالغرض وتحتاج إلى إعادة نظر يقول السيد شتيح . إدراج برامج لدعم نشاط الجمعيات الفاعلة في مجال تربية الخيول ..مطلب ملح وتتطلب الوضعية كما أضاف نفس المتحدث— إدراج برامج لدعم نشاط الجمعيات الفاعلة في هذا الميدان وتوفير أعلاف الأنعام الضرورية إلى جانب ضمان الإستغلال الأمثل للفروسية التقليدية ومحاولة توظيفها على الأصعدة السياحية والرياضية وفي الحفاظ على التراث المادي واللامادي. ولعل من أهم عوامل تراجع تربية الخيول بولاية الأغواط حصر هذا النشاط في الفانتاريا و الإستعراضات المناسباتية مام جعل هذا النشاط يرتبط بميسوري الحال أكثر من غيرهم في الوقت الذي يحمل فيه هذا النشاط أبعادا إجتماعية وثقافية عميقة داخل المجتمع المحلي وهنا لا بد من التشجيع على إنشاء نوادي وجمعيات مختصة لتجاوز هذه النظرة كما يرى السيد شتيح . وتعاني الفانتازيا بدورها من عدة مشاكل على غرار انعدام مضامير خاصة بممارسة رياضة الفروسية ومرافق تهتم بالمتابعة الصحية والغذائية للخيول علاوة على تعقيدات الحصول على وسائل مزاولة هذه الرياضة الشعبية من بنادق وذخيرة وعدم التفكير في إدراجها ضمن المنافسات الرسمية لترقيتها حسب ذات المتحدث. وللإرتقاء بالجانب الإستعراضي لتربية الخيول( الفانتازيا) ومن ثمة إنعاش نشاط تربية الخيول ككل "يستلزم الامر التكفل بالتأطير الجيد للنوادي والجمعيات وهيكلة المربين بما يسمح بمناقشة انشغالاتهم ثم تكوين مروضين محاكاة للفروسية العصرية والحرص على تلقين الحرف التابعة لهذا النشاط للشباب كصناعة السروج والتسمير" يقول رئيس رابطة تربية الخيول. يذكر أن ولاية الأغواط تضم 32 ناديا وجمعية لتربية الخيول بما مجموعه 230 منخرطا منهم مربون ومالكون للأحصنة يتوزعون عبر 18 بلدية غير أن جل هذه الجمعيات والنوادي لم تعد تنشط ميدانيا مما أثر كذلك وبصفة سلبية على هذا النشاط بالولاية.