الأجيال الحديثة لا توليها اهتماما الأغاني الشعبية بالأعراس الجزائرية مهددة بالاندثار تشكل القصائد والأغاني الخاصة بالأعراس والأفراح والمناسبات السعيدة، موروثا غنيا ومتنوعا ضمن الثقافة الشعبية الجزائرية الأصيلة، وإن كانت قد تلاشت وتراجعت كثيرا خلال السنوات الأخيرة، بعد أن طغت الآلات الموسيقية الحديثة والفرق الغنائية والديجي على الأعراس الجزائرية، في كل مناطق الوطن، وليس بالعاصمة فحسب· تحتفظ ذاكرة بعض السيدات المسنات أو من هن في العقد الرابع فما فوق من العمر، بعشرات الأغاني الشعبية الجميلة، التي كانت أنغام الدربوكة ترافقها فيما مضى، لتضفي أجواء من البهجة والأنس على الليالي السعيدة للأسر الجزائرية، وإن كانت قد تلاشت بشكل كبير للغاية، وتمت أرشفتها في إدراج النسيان، ولم يتم نقلها للأجيال الجديدة من الفتيات، حيث أن كثيرات لا يعرفن ولا واحدة منها، إلا بضعة كلمات مما يسمعنه من أمهاتهن أو قريباتهن أو بقية المدعوات في عرس ما، رغم أن ذلك يدخل في صميم الموروث الشعبي التقليدي، الذي من المفترض أن يتم تصنيفه ضمن التراث اللامادي، حتى يبقى محفوظا للأجيال القادمة، لا سيما وأن كثيرا من تلك الأغاني تعتبر قاعدة بيانات أساسية للعديد من المغنيين الحاليين في شتى الأصناف، سواء العاصمي، أو القبائلي والشاوي، وغيرها من الطبوع الغنائية الشهيرة بالمجتمع الجزائري، فيما أن قلة فقط من كبيرات السن نسبيا من لا زلن يحتفظن بها في ذاكرتهن، وهي مهددة بالنسيان والاندثار بمغادرة الجيل السابق· وتبدو مثل هذه الأغاني حاضرة برغم كل شيء ببعض الأعراس الجزائرية، لا سيما بالنسبة للتي ترفض جلب فرقة دي جي، أو التي تحن إلى أعراس زمان مثلما يحبون تسميتها، حيث تحمل إحدى السيدات الدربوكة، على أن تكون ملمة بكل إيقاعاتها وضرباتها، على أن تكون هي أو سيدة أخرى ملمة أيضا ببعض من الأغاني القديمة، إضافة إلى مجموعة أخرى من السيدات من نفس الجيل اللواتي لا زلن يحفظن تلك الأغاني، ترافقهن تصفيقات بقية الحاضرات وترديدهن للمقاطع، وهو ما يضفي على العرس أو المناسبة السعيدة أيا كانت، أجواء عائلية وحميمية للغاية، ويعيد إلى العرس سحره وبريقه الذي تلاشى، بسبب فرق الديجي الحديثة، والآلات الغنائية وأجهزة الموسيقى وغيرها· تقول إحدى السيدات في هذا الإطار، إنه ورغم غزو الآلات الموسيقية الحديثة، إلا أنها وشقيقاتها وقريباتها يحرصن في أعراسهن على تخصيص ولو جزء صغير جدا، خاصة إن صادف ذلك ليلة الحناء، لإحيائه بالطريقة التقليدية، على طريقة (ناس زمان) حيث تكون الدربوكة والأغاني الشعبية حاضرة، وهي الأغاني التي تتغنى بالعروس وبجمالها وقدها، وبالعريس أيضا، وأخرى تتغنى بالحياة الزوجية، فيما يكون بعضها موجها لانتقاد الحماة أو انتقاد الزوج، وأخرى تصور بعض مظاهر الحياة الاجتماعية بالعاصمة أو بالمنطقة التي ينتمي إليها أصحاب العرس، وكذا بالعادات والتقاليد وغيرها، مرفوقة في كل ذلك بزغاريد السيدات الحاضرات وضحكات الفرحة والبهجة، ليبقى الأمر الوحيد المتأسف عليه أن كثيرا من فتيات الجيل الحالي لا يعرفن هذه الأغاني ولا يحفظنها، وهي مهددة بالاندثار للأسف، رغم أنها تصب في صميم عادات وتقاليد وعراقة المجتمع الجزائري فيما يتعلق باحتفالاته وأعراسه ومناسباته السعيدة·