يلجأ، الجزائريون، في فصل الصيف حيث الإيقاع الثقيل لأيام الحر، إلى التخفيف عن أنفسهم بإيقاعات خفيفة من أغاني جزائرية تصنع المهرجانات والسهرات والأعراس، لتتميز كل فترة صيفية بأغنية جديدة أو مطرب جديد يصنع الحدث، حتى ولو لم يكن للأغنية محل من الإعراب من حيث الكلمات حيث يكتفون بإيقاعاتها الخفيفة التي ترقصه· وخلال جولة استطلاعية قادتنا إلى بعض محلات توزيع الأشرطة الموسيقية، تعرفنا على أهم مميزات صيف 2009 فنيا· الحب الأول ل ''محمد علاوة'' في المقدمة من بين الأسماء التي رددها على مسامعنا أصحاب المحلات الموزعة للألبومات الغنائية، والتي سطعت هذه الصائفة، إسم مطرب الأغنية القبائلية المتميز ''محمد علاوة'' بألبومه الجديد ''الحبيو أمزوارو'' أو ''حبي الأول'' الذي لاقى رواجا كبيرا، خصوصا في الأعراس التي لا تخلو، أبدا، من هذه الأغنية· ومن بين الأسماء الفنية الأخرى التي ظهرت هذه الصائفة، بقوة، من خلال ألبوماتها الجديدة، نعيمة الجزائرية، راضية منال، نادية الدزيرية، حسيبة عبد الرؤوف، نادية ياسمين وأسماء جرمون وغيرهن·. ''سكران وعيان'' تدوي في الأعراس الجزائرية ''سكران وعيان''، ''نحلف براسك''، ''حماقي حماقي''، ''لالة لعروسة''.. هذه بعض عناوين الأغاني المتداولة في الأعراس الجزائرية التي يكثر عليها الطلب في هذه الصائفة، حسب باعة الأشرطة.. فبالرغم من افتقادها لأية معاني وللكلمات الجادة أو المعبرة، ووصولها إلى حد خدش الحياء، إلا أنها تتداول بكثرة في الأعراس، نظرا لإيقاعاتها الخفيفة ، غير أن مدة صلاحيتها سرعان ما تنتهي بظهور أغان جديدة أو بانتهاء الصيف· ''الراي'' يرتبك·· وال ''لايف'' يتقدم ·· خلال زيارتنا لبعض محلات بيع الأشرطة الموسيقية، أجمع الباعة على أن الإقبال على أغنية الراي في تراجع مستمر، وأنه لم يعد الطلب عليها كما كان في السابق، ويمكن ربط ذلك بقلة الإنتاج الجديد الخاص بهذا النوع الموسيقي· وفي حين يظهر، يوميا، إسم ''شاب'' جديد في الساحة الفنية، يلجأ الكثير من ''الشباب'' إلى إعادة أغاني فنانين سبقوهم إلى الميدان· وكثيرا ما يكون الإقبال على ألبومات الراي ال ''لايف'' المسجلة في السهرات والكباريهات· وقد تعود الجمهور الجزائري في الفترة الأخيرة، على ظاهرة تتمثل في لجوء الفنانين إلى تأجيل إصدار ألبوماتهم الجديدة إلى فصل الصيف، حتى يستفيدوا من إقبال الجمهور على الأغاني الخفيفة والريتمية التي تتماشى والعطلة الصيفية والمناسبات والأفراح، حيث نجد أن معظم الألبومات تصدر في بداية فصل الصيف· والجدير بالذكر أن العديد من الفنانين الجزائريين يتعمدون تجنب حرارة الأستوديو صيفا، ويلجأون إلى الإسترزاق من مصدر آخر، أسرع وذو مكسب مضمون، من خلال تنشيط الأعراس والأفراح التي تزداد في هذه الفترة، فتزدحم، نتبجة ذلك، أجندة الفنانين· الشاب مامي يتراجع إختلفت الآراء بخصوص الإقبال على أغاني وألبومات الشاب مامي، قبل وبعد سجنه، فهناك من الباعة من أكد بأن مبيعات ألبوماته لم تنخفض حتى بعد دخوله السجن، لأن الجمهور الجزائري لا يهتم بالحياة الخاصة بالفنان، بقدر ما يهتم بالمنتوج الفني الذي يقدمه· ومن جهة أخرى، أشار آخرون إلى تراجع مبيعاته بسبب قضيته مع العدالة الفرنسية التي أثرت سلبا على مشواره الفني وعلى إقبال الجزائريين على أغانيه. على صعيد آخر، أكد معظم الباعة الذين تحدثتا إليهم أن الطلب لا يزال قائما على الكثير من الأسماء الفنية المعروفة التي صنعت لنفسها مجدا في المجال الفني، فخلدت إسمها وخلدت أغانيها التي لا تزال مطلوبة إلى حد الآن، ومن بين الأسماء، الفنانة فضيلة الدزيرية، سلوى، الهاشمي قروابي، خليفي أحمد، شريف خدام وغيره، إلى جانب أسماء عربية وعالمية، على غرار عبد الحليم حافظ وأسمهان وخوليو وشارل أزنفور.· المحافظون يفضلون ''الأناشيد الدينية'' يكثر الطلب، في محلات توزيع الأشرطة الموسيقية، على ألبومات الأناشيد الدينية التي تشغلها بعض العائلات المحافظة في أفراحها ومناسباتها وأعراسها· فبعض العائلات الجزائرية التي ترى أن الأغاني من بين المحرمات التي يجب تفاديها حتى وإن كان من أجل الاحتفال بالأعراس، وتفضل، في المقابل، استعمال الدف في الأعراس والأناشيد الدينية لإحياء هذه المناسبة بكلمات مباركة· رواج القرص المضغوط وتلاشي شريط الكاسيت ما يمكن ملاحظته في محلات بيع الألبومات الموسيقية هو رواج الأقراص الغنائية المضغوطة التي أضحت تغطي مساحات كبيرة من هذه المحلات، وتراجع استعمال الأشرطة التي أصبح الجزائريون يرون فيها وسيلة من الزمن الغابر، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم، اليوم، وظهور وسائل أكثر تطورا· ويرى أصحاب هذه المحلات أن زمن ''الكاسيت'' انتهى، وقد تخلى معظم المنتجين، إن لم نقل كلهم، عن إنتاجه واستبدلوه بالقرص المضغوط، ويعتقد البعض الآخر أن ''الكاسيت'' لا يزال وسيبقى، دائما، الوسيلة الأجود لحمل الأغاني كون مدة صلاحيته لا تنتهي بالسرعة التي تنتهي بها مدة صلاحية القرص المضغوط الذي يكفي أن يتعرض لخدش بسيط ليفقد مضمونه· ''الزرنة'' و''ايظبالن'' في الأعراس العاصمية أكد معظم الباعة وموزعي الأشرطة الغنائية أن الطلب كان ولا يزال، وبقدر كبير، على أشرطة ''الزرنة'' و''ايظبالن'' التي تشتهر بها الفرق الفلكلورية الموسيقية العاصمية والقبائلية، حيث يكثر الطلب عليها كثيرا في مناسبات حفلات الزفاف والختان وغيرها من المناسبات والأفراح، وبالرغم من أن هذه الفرق تستمد معظم أغانيها من الفلكلور الجزائري، وبالرغم من عدم تجديدأغانيها، وبالرغم من سيطرة الفرق والطبوع الغنائية الحديثة، تفضل العائلات الجزائرية أن تخرج العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها على إيقاعات الزرنة التي لا يمكن أن تعوضها أية إيقاعات أخرى· الباعة غير الشرعيين لايهتمون بالرقابة على ''القرصنة'' يشتكي العديد ممن يعملون في محلات الأشرطة الموسيقية، من نقص الرقابة على الألبومات الموسيقية المقرصنة واعتبروا أنها تعرقل نشاطهم· فقد أكد معظم من زرناهم أن الرقابة على القرصنة تشمل المحلات فقط، فيما يستثنى منها الباعة الفوضويون الذين لا يخضعون لأي مراقبة على، مما يؤثر على المنتج والفنان· ومن جهة أخرى، يرى بعض الموزعين أن باعة الأرصفة لا يشكلون أي يعرقل ترويج سلعهم كون المواطن الجزائري يفضل المنتوج الأصلي، وحتى وإن حدث واشترى ألبوما في الشارع، إلا أنه يعود إلى المحل لاقتناء الألبوم أصلي· الفناوي و''التكتونيك'' في تراجع·· والأندلسي غائب يؤكد، العديد من الباعة أن الإقبال على بعض الطبوع الموسيقية الجزائرية منها والعالمية في تراجع مقارنة بالسنوات القليلة الفارطة، وعلى سبيل المثال نذكر ''الفناوي'' و''التكتونيك''، كما أشار الموزعون إلى قلة الإقبال على ألبومات الأغنية الأندلسية، خصوصا في فصل الصيف· ويرجعون ذلك إلى أن الجمهور الجزائري يقبل، بشكل كبير، على الطبوع الجديدة، وبشكل ملفت للإنتباه، وبذلك يحفز على إنشاء فرق كثيرة، مما يؤدي إلى كثرة الفرق وندرة الإنتاج والمنتوج ذو الجودة، لتتشابه بذلك كل الأغاني وكل الألحان في جميع الألبومات، مما يؤدي إلى الملل من نفس الإيقاع ونفس الكلمات· لكل منطقة أغانيها بالرغم من النتائج التي تحصلنا عليها من خلال الاستطلاع حول رواج بعض الأغاني على حساب أخرى، إلا أن بيع الألبومات الموسيقية ورواج الأغاني يبقى متربطا بالنوع الغنائي والمنطقة التي يوجد بها· فنجد رواج الأغنية الرايوية في منطقة الغرب، حيث يحتفل الجزائريون في أعراسهم بأغاني الراي أيا كان مؤديها أو كلماتها، ونجد الأغنية العاصمية والشعبية تهيمن على الأعراس في الجزائر العاصمة، وكذلك الحال بالنسبة لمنطقة القبائل التي تنتشر فيها الألبومات الغنائية القبائلية بكثرة، مقارنة بالطبوع الأخرى، ونجد الأغنية الشاوية والسطايفية تصنع أفراح العرس الجزائري في مناطق شرق البلاد، وتحتفل مناطق الجنوب بأعراسها بإيقاعات صحراوية تتلاءم وأفراحها·