** ما حكم تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان...؟ هل تكفي نية واحدة في مطلع شهر الصوم أم كل يوم يحتاج إلى نية جديدة به؟ * يقول الدكتور محمد سعدي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مجيباً عن هذا السؤال: جمهور الفقهاء عدا المالكية ورواية عن الإمام أحمد يذهبون إلى أن الصائم يحتاج إلى تجديد النية في كل يوم من أيام شهر رمضان، وذلك لأنَّ كل يوم عبادة مستقلة برأسها فتحتاج إلى نية. أمّا المالكية ورواية عن أحمد فيقولون بأنَّ الصائم تكفيه نية واحدة لصوم شهر رمضان، وتكون في أوله، ومثل نية صيام شهر رمضان تكون أيضاً نية واحدة في الصيام المتتابع مثل كفارة جماع حصل في رمضان وكفارة قتل.. إلخ ما لم يقطع تتابع الصيام بسفر مثلا أو مرض أو يكون على حالة يجوز له الفطر كحيض ونفاس ونحو ذلك فيلزم حينئذ استئناف النية. وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الجمهور إلى تجديد النية في كل يوم من رمضان، من الليل أو قبل الزوال -على الخلاف السابق- وذلك لكي يتميز الإمساك عبادة عن الإمساك عادة أو حمية، ولأن كل يوم عبادة مستقلة، لا يرتبط بعضه ببعض، ولا يفسد بفساد بعض، ويتخللها ما ينافيها، وهو الليالي التي يحل فيها ما يحرم في النهار، فأشبهت القضاء، بخلاف الحج وركعات الصلاة. وذهب زفر ومالك -وهو رواية عن أحمد- أنه تكفي نية واحدة عن الشهر كله في أوله، كالصلاة، وكذلك في كل صوم متتابع، ككفارة الصوم والظِّهار، ما لم يقطعه أو يكن على حاله يجوز له الفطرُ فيها، فيلزمه استئناف النية، وذلك لارتباط بعضها ببعض، وعدم جواز التفريق، فكفت نية واحدة، وإن كانت لا تبطل ببطلان بعضها، كالصلاة. فعلى ذلك لو أفطر يوما لعذر أو غيره، لم يصح صيام الباقي بتلك النية، كما جزم به بعضهم، وقيل: يصح، وقدمه بعضهم. ويقاس على ذلك النذر المعين ومع ذلك، فقد قال ابن عبد الحكم -من المالكية-: لا بد في الصوم الواجب المتتابع من النية كل يوم، نظرا إلى أنه كالعبادات المتعددة، من حيث عدم فساد ما مضى منه بفساد ما بعده. بل روي عن زفر أن المقيم الصحيح، لا يحتاج إلى نية، لأن الإمساك متردد بين العادة والعبادة، فكان مترددا بأصله متعينا بوصفه، فعلى أي وجه أتى به وقع عنه. ورجح رأي المالكية فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال في شرح الممتع على زاد المستنقع: وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية، وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله، فإنه يجزئه عن الشهر كله، ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع، كما لو سافر في أثناء رمضان، فإنه إذا عاد للصوم يجب عليه أن يجدد النية. وهذا هو الأصح؛ لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم: أنا ناو الصوم من أول الشهر إلى آخره، وعلى هذا فإذا لم تقع النية في كل ليلة حقيقة فهي واقعة حكماً؛ لأن الأصل عدم قطع النية، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ولا يسع الناس العمل إلا عليه. وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية سؤالا مفاده :ما يقول سيدنا في صائم رمضان هل يفتقر كل يوم إلى نية؟ أم لا؟ فأجاب" :كل من علم أن غدا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى صومه سواء تلفظ بالنية أو لم يتلفظ. وهذا فعل عامة المسلمين كلهم ينوي الصيام". وعلى هذا نرى المالكية في هذه المسألة راجحا على رأي الجمهور؛ لأن النية إن لم تكن واقعة حقيقة فهي واقعة حكما. فنية الصيام في أوله كافية، ولا يحتاج الصائم إلى تجديد نية الصيام لكل يوم إلا إذا وجد سبب لقطع الصيام، فحينئذ لا بد من استئناف نية جديدة للصوم، ويكفي في النية عزم القلب على الصيام سواء تلفظ بالنية أو لم يتلفظ بها. والله أعلم * المسلمون جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم: أنا ناو الصوم من أول الشهر إلى آخره، وعلى هذا فإذا لم تقع النية في كل ليلة حقيقة فهي واقعة حكماً؛ لأن الأصل عدم قطع النية، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ولا يسع الناس العمل إلا عليه.