تماما مثلما كان متوقعا، شهدت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء على السواء ارتفاعا صاروخيا بدخول شهر رمضان المعظم، إذ وصلت أسعار اللحوم الحمراء مثلا إلى نحو 950 دج، بالكثير من محلات الجزارة والأسواق، وان كانت لا تشكل خيارا كبيرا بالنسبة للعديد من العائلات الجزائرية التي غالبا ما تهرب منها إلى اللحوم البيضاء، غير أن هذه الأخيرة فضلت بدورها الصعود لأعلى سلم الأسعار، وكأن حرارة هذا الشهر لم تكف المواطن الجزائري المسكين، ليزيده لهيب الأسعار احتراقا، وتتحالف الظروف كلها ضده في جبهة واحدة، عليه أن يحارب فيها أو يرفع راية الاستسلام طائعا، وهو الحل الأقرب والأسهل إليه. وعبر عدد من الأسواق ومحلات بيع الدجاج والبيض والديك الرومي، التي قصدتها "أخبار اليوم" بأحياء كل من عين النعجة وباش جراح والقبة والمدنية وغيرها، فقد سجلنا نفس الأرقام تقريبا، أي أسعار ما بين 270 إلى 320 دج للكلغ الواحد، رغم أنها كانت لا تتجاوز 210 دج قبل نحو أسبوعين، هذا بالنسبة للدجاج الذي يتم تنقيته، أو الدجاج الفارغ، أما بالنسبة للنوع الآخر فقد ارتفعت أسعاره أيضا من 180 دج إلى 240 دج، أما الديك الرومي فسعره أيضا وصل إلى 350 دج للكلغ الواحد، وتختلف الأسعار بالنسبة للديك الرومي باختلاف أجزائه ما بين الفخذ والجناحين والرقبة والصدر، حيث لكل منها سعره الخاص، وبالنسبة لمن لم يحالفهم الحظ في اقتناء اللحوم البيضاء قبل الشهر الكريم وحفظها في الثلاجة تحسبا لموجة ارتفاع الأسعار هذه، فقد وجدوا أنفسهم في مشكلة حقيقة، فالكثير من العائلات الجزائرية التي بإمكانها أن تستغني عن اللحوم بأنواعها طيلة أيام السنة، تعتبر شهر رمضان الفضيل ظرفا استثنائيا، حتى وان لم تكن اللحوم بنوعيها الحمراء والبيضاء حاضرة بقوة على المائدة وفي مختلف الأطباق، فعلى الأقل كميات قليلة منها يمكن أن تفي بالغرض وتضفي نكهة وذوقا على الأطباق الرمضانية التقليدية، هذا بالرغم من كافة الإجراءات المتخذة في سبيل الحد من المضاربة في أسعار اللحوم وتوفيرها للمواطن الجزائري في رمضان، وتحقيق الاكتفاء والمحافظة على القدرة الشرائية باستيراد اللحوم وضمن كمية ونوعية جيدة منها في السوق الوطنية خلال الشهر الفضيل، فيما أن المواطن يصطدم للأسف بواقع آخر عندما يتجه إلى الأسواق وهو محمل بأرقام معاكسة تماما للأرقام التي يجدها أمامه، سواء تعلق الأمر باللحوم أم بالخضر والفواكه، وحتى بالمواد الغذائية المختلفة الأخرى. ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء إن كان بسبب الجشع والمضاربة والرغبة في الكسب السريع وان كان ذلك في أكثر شهر وضعه الله سبحانه وتعالى لرحمة عباده بالنسبة للمواطنين، ولمعرفة سبب ارتفاع سعر الدجاج اقتربنا من بعض محلات بيع الدجاج، على مستوى حي عين النعجة، حيث قال البائع بالمحل، أن السبب هو ارتفاعها بأسواق الجملة، ولا دخل لباعة التجزئة في الأمر، وارتفاعها في أسواق الجملة راجع لارتفاع الأسعار لدى المربين لارتفاع تكاليف الغذاء والدواء، حيث يرتبط الأمر بحلقة كبيرة لا تقتصر على باعة التجزئة فحسب، مثلما قد يعتقده بعض المواطنين، فيما يأمل البعض أن تكون هذه الزيادات اللامعقولة في الأسعار مقتصرة على الأسبوع الأول من شهر رمضان فقط، مثلما جرت عليه العادة.