مع حلول شهر رمضان المبارك، وكما جرت العادة عليه سنويا تتفتّح شهية الجزائريين لاقتناء مختلف أصناف الطعام ليكون مصيرها بعد مرور ساعات الإفطار سلّة النّفايات، ما جعل العاصمة تحصي وحدها خلال شهر رمضان رمي ما يقارب 100 ألف طنّ من النّفايات المنزلية في مزابل العاصمة وحدها، علما أن إحصائيات تقديرية تشير إلى رمي أكثر من 900 ألف طنّ من النّفايات المنزلية سنويا في الوقت الذي تطارد فيه المجاعة دول القرن الإفريقي وتهدّد حياة 12 مليون شخص بالهلاك جوعا واتحدت مختلف المنظّمات الإنسانية العالمية لجمع تبرّعات عاجلة لإنقاذ 06 ملايين صومالي يتربّص بهم الجوع· ارتفعت منذ دخول شهر رمضان المعظّم (مستويات) أكوام القمامة والنّفايات والمفرغات العشوائية بمختلف بلديات ولاية الجزائر العاصمة وغيرها من مدن القطر الوطني، حيث بات المتجوّل والمارّ بين شوارع وأحياء الولاية يلاحظ ذلك الانتشار الرّهيب للقاذورات والفضلات المنزلية مشكّلة بذلك ديكورا يبعث على الاشمئزاز والانزعاج· حيث تحصي (نات كوم) منذ اليوم الأوّل من شهر رمضان جمع أكثر 3000 طنّ من النّفايات يوميا يتعلّق مجملها بالمأكولات الغذائية من فواكه وخضر التي تكلّف العائلات ميزانية ضخمة ليكون مصيرها في الأخير القمامة، وتمثّل مادة الخبز نسبة 40 بالمائة من النّفايات المنزلية حيث تعرف العائلات الجزائرية تبذيرا رهيبا في هذه المادة، خاصّة أمام تفنّن الخبّازين في صنع أشكال مختلفة منها تجذب الصائمين· لكن بمجرّد رفع أذان الإفطار يتوجّه الصائمون إلى تناول كمّية كبيرة من السوائل للتخفيف من حدّة العطش الذي انتابهم طيلة النّهار بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما يوقف شهيتهم عن تناول الطعام· ويلقي العاصميون خلال شهر رمضان الذي تزامن مع موسم الاصطياف قرابة 100 ألف طنّ من المواد الغذائية من لحوم وخضر وفواكه، في حين تمّ إحصاء رمي 54 ألف طنّ من النّفايات المنزلية خلال بقّية أشهر السنة، أي بمعدل 1800 طنّ يوميا، ليرتفع العدد في فصل الصيف والمناسبات والأعياد إلى أزيد 2200 طنّ يوميا، في الوقت التي تعرف فيه دول القرن الإفريقي (كينيا، الصومال، إثيوبيا، جيبوتي) هلاك الملايين سنويا بسبب الفقر والمجاعة· حيث أعلنت منظّمة الأمم المتّحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن قرابة 12 مليون نسمة يوشكون على الهلاك جوعا في منطقة القرن الأفريقي بسبب الجفاف الشديد وانخفاض المحاصيل، والتي زادتها قسوة الحروب الأهلية التي تعرفها هذه البلدان، خاصّة الصومال منها، حيث يحتاج أكثر من مليوني شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فقد لقي خلال الأشهر الثلاثة الماضية 29 ألف طفل صومالي دون الخامسة حتفهم، من بينهم شخص قام بدفن خمسة من أبنائه ماتوا جوعا في يوم واحد· وهو نفس المشهد الكارثي التي تعرفه إثيوبيا أين أحصت (الفاو) وجود 1.5 مليون شخص متضرّر، في حين يواجه 2.5 مليون نسمة على الأقل خطر المجاعة في كينيا، حيث يتمّ تسجيل أكثر من 30 وفاة يوميا في المنطقة بسبب الجوع والفقر· ويقول صندوق الأمم المتّحدة للطفولة إن نحو 2,3 مليون طفل في القرن الإفريقي يعانون من سوء حادّ في التغذية وشارف نصف مليون على الموت بسبب الجفاف والمجاعة· وأعلنت الأمم المتّحدة انتشار المجاعة في ثلاث مناطق جديدة في الصومال، بينها العاصمة مقديشو، فضلا عن أكبر مخيّم للاّجئين في العالم، محذّرة من اتّساع المجاعة لتشمل كافّة أصقاع المنطقة الجنوبية في غضون أربعة إلى ستّة أسابيع·