من كان يضرب عن الصيام كلية، ثم تاب فالأظهر أنه ليس عليه قضاء ولا كفارة، وحسبه أنه تاب، قال بذلك ابن حزم، وابن تيمية، والشيخ ابن العثيمين، والشيخ الألباني. ومن شكّت هل قضت أم لا عملت بغالب ظنها. وكذلك من شكت في عدد الأيام التي أفطرتها. وقضاء رمضان واجب على التراخي بدليل أن عائشة كانت تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان، والتطوع قبل القضاء محل خلاف، فأجازه بعض الفقهاء إذ من الصعب أن تمكث عائشة طوال العام دون أن تصوم يوما واحدا تطوعا، فإذا أتى رمضان الثاني قبل أن يقضي من عليه القضاء فهو آثم إذا كان مفرطا، ولا شيء عليه إذا كان معذورا طوال السنة، وإذا مات المعذور قبل التمكن من القضاء فلا شيء عليه، ولا يجب على أهله أن يقضوا عنه إجماعا. وقد يحدث أن تترك الحائض والنفساء قضاء ما عليهما سنوات طوالا حتى يتراكم عليهما أيام كثيرة جهلا منهما بوجوب القضاء، أو تكاسلا وتشاغلا، أو ضعفا ومرضا. فأما من أخرت القضاء جهلا أو ضعفا أو مرضا فلا إثم عليها، وأما المسوِّفة الكسولة فهي آثمة بتأخيرها القضاء، وهل عليها أن تطعم بإزاء القضاء فدية عما اقترفته من التأخير؟ الصحيح أنه لا يجب، والقول باستحبابه متجه. ويبقى عليهن جميعا (أعني من أخرت القضاء ضعفا أو جهلا أو تكاسلا) القضاء، ومن لم تتمكن منهن من القضاء بسبب مرض أو ضعف لا يرجى الشفاء منه فإنها تنتقل إلى الإطعام، فتطعم عن كل يوم مسكيناً وجبتين مشبعتين من أوسط طعامها. وأرجو أن تلحق بالمريضة تلك التي إذا ذهبت تقضي أضعفها الصيام عن القيام بشؤون حياتها الضرورية فلا تستطيع أن تجمع بينهما بسبب ضعف جسمها مثلا فتكون بمنزلة أصحاب الأعمال الشاقة، أي تنوي الصيام من الليل فإذا منعها الصيام من مباشرة أعمالها الضرورية التي لا يمكن تأخيرها إلى الليل فيجوز لها حينئذ الفطر. وجمهور العلماء على أن القضاء لا يشترط فيه التتابع، وإذا مات المفرِّط قبل القضاء فلأهله أن يقضوا عنه، أو يطعموا عن كل يوم فاته مسكينا وجبتين. وجمهور العلماء على أن الصيام لا يكون إلا من أهله، وأجاز البخاري صيام الأجنبي عنه، وفي هذا فسحة عظيمة. وكم هي خيبة هذا الذي فرط في القضاء، وترك مصيره لأهله يقضون أو يهملون. والمريض الذي يُرجى شفاؤه ينتظر الشفاء ثم يقضي ولا يجزئه الإطعام طالما أن مرضه مرجوُّ الزوال، فإذا بان له أثناء انتظاره أن مرضه أصبح مزمنا فعليه حينئذ أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينا، فإذا مات أثناء الانتظار فليس عليه إثم، ولا يجب على أهله فدية ولا صيام. ومن كان مريضا مرضا مزمنا فأفطر وأطعم ثم امتن الله عليه بالشفاء فلا يجب عليه القضاء كما جاء باللجنة الدائمة. وليس لمن يصوم في قضاء رمضان، أو يصوم وفاء لنذر أن يفطر في نهار يومه، وإذا فعل فقد أثم، وعليه التوبة وعدم العود، وليس عليه كفارة في ذلك حتى لو وقع جماع في هذا اليوم؛لأن الكفارة تجب في رمضان لحرمة الشهر نفسه.