مراصد إعداد: جمال بوزيان عقد مؤتمر قمة للدول الموقعة على اتفاقات أبراهام نحو مكاسب لبني صهيون ضد الشعب الفلسطيني كشفت أخيرا إسرائيل اليوم أن تل أبيب تجري اتصالات كثيفة لعقد مؤتمر قمة للدول على ما تسمى اتفاقات أبراهام . وسيُعقد المؤتمر بحسب الخطة في إحدى الدول الموقعة على الاتفاقات وعلى مستوى رؤساء الدول ولم تتم الموافقة بعد.. إن إنقاذ الكيان الصهيوني من أزماته وتيسير تصفية القضية الفلسطينية العادلة إجرام بحق الأمة كلها. سألنا أساتذة عن تلك التداعيات في ظل التطبيع المتزايد والحصار المتنوع والحرب الضروس على قطاع غزة كل حين وتغذية الانقسام الفلسطيني والخذلان العربي والإسلامي والتواطؤ الدولي والضعف الأممي. وعن أي سلام يتحدثون؟. قمة الغاصب والمطبّعين أ. ركاد حسن خليل منذ التوقيع في واشنطن على اتفاق أبراهام بين الكيان الغاصب لفلسطين ودولة الإمارات ومملكة البحرين في الخامس عشر من سبتمبر 2020 دأبت دبلوماسية الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل على توسيع دائرة المنخرطين في هذا الإطار التطبيعي وعمدت بكل ما أوتيت من جهد لترسيخه واقعًا في المنطقة وأساسًا لتحقيق كل مراميها في جعل البلاد العربية تدور في فلكها لتأكيد شرعية مزعومة للكيان وحقه في الوجود على أرض فلسطين. ولهذا سافر يائيرلابيد بصفته وزيرا لخارجية الكيان الغاصب على مدار الشهور الماضية إلى عواصم الدول المطبعة ساعيا لتجميل هذا الاتفاق مشجعا الدول التي تقف على حافة الهاوية للولوج إلى علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال وتبادل البعثات الدبلوماسية.. وقد نجحت هذه الدبلوماسية الصهيونية بدعم أمريكي كبير ومباشر في عقد مؤتمرين للدول المطبعة الأول في شرم الشيخ في العاشر من مارس 2022 حضره بالإضافة إلى الرئيس السيسي محمد بن زايد وكان وليا لعهد أبوظبي ونفتالي بينيت الذي كان رئيسا لوزراء دولة الاحتلال آنذاك تبعه مؤتمر النقبفي الثامن والعشرين من نفس الشهر وقد حضرت هذا المؤتمر كل من مصر والمملكة المغربية والإماراتوالبحرين بالإضافة إلى أمريكا.. وكان على مستوى وزراء الخارجية وعقد بذريعة التعاون الأمني الإقليمي لمواجهة إيران. وتم في المؤتمرين التوقيع على اتفاقات أمنية واقتصادية خصوصا في مجال الطاقة– وذلك موضوعٌ آخر فيه تفصيل كثير لا مجال لسرده فيه هذا المقال - لذر الرماد في العيون وكإغراء للدول المترددة لتحذو حذو الإماراتوالبحرين كما فعلت المغرب والسودان في انضمامهما لاتفاق أبراهام لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال وفتح السفارات في الرباط والخرطوم. ولم تكتف دولة الاحتلال عند هذا الحد إذ عمد يائيرلابيد بعد اعتلائه سدة رئاسة الوزراء إلى الدعوة حسب صحيفة إسرائيل هايوم نقلا عن مصادر دبلوماسية لاجتماع قمة جديد مزمع إقامته على أعلى مستوى ويأتي متزامنا مع الذكرى السنوية الثانية لاتفاق أبراهام يحضره قادة الدول الموقعة على اتفاق أبراهام والموقعة على اتفاقات سلام مع الكيان الصهيوني كمصر والأردن وربما موريتانيا. لذلك فإنّ لابيد ينشد زيارة الرباط في الأسابيع القليلة القادمة لدعوة الملك محمد السادس لحضور هذه القمة شخصيا والطلب منه أن يكون المؤتمر في المملكة المغربية. وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من زيارة كل من جدعون سار نائب رئيس الوزراء الصهيوني ووزير العدل وعيساوي فريج وزير التعاون الإقليمي وأفيفكو خافي رئيس أركان جيش دولة الاحتلال ويعقوب شبتاي المفتش العام لشرطة الكيان المحتل إلى المغرب. ويهدف يائيرلابيد من هذا المؤتمر أن يصطاد عدة عصافير في حجر واحد يبرز مقدرته على المناورة واتخاذ القرار ويحقق للكيان المحتل مدًّا وأزرًا لم يحصل عليه من قبل وتنازل الدول المنخرطة فيما يسمى السلام مع دولة الاحتلال عن المقدسات في أرض الأنبياء. - العصفور الأول تأكيد وفاة لجنة القدس التي يترأسها ملك المغرب محمد السادس خلفًا لوالده الملك الحسن الثاني الذي ترأسها منذ العام 1975 والتي لم تجتمع أبدا حتى في أسوأ المحطات التي مرت فيها القدس والقضية الفلسطينية برمتها إذ كان آخر اجتماع لها في شهر يناير/ كانون الثاني عام 2014 م بعد غياب استمر اثنا عشر عاما. وأصبح لا مبرر لوجودها بالرغم من الموقف الشعبي المغربي الأصيل المختلف تماما عن موقف حكومته من القضية الفلسطينية وأحقّية مؤازرتها. - العصفور الثاني أن يحظى الكيان الصهيوني على ضوء أخضر للاستمرار في القتل وتدمير البيوت واعتقال المناضلين وحصار المدن ومصادرة الأراضي دون أن يردعه رادع أو يمنعه مانع حتى أصبح الصمت العربي وكذا الإسلامي والدولي أمرًا طبيعيا وكأن ذلك حقٌّ مبرم للاحتلال ليفعل بالفلسطينيين ما يشاء كما يفعل في غزة وجنين ونابلس والخليل من اقتحامات متكررة لجيشه وشرطته ومواطنيه للحرم القدسي وارتكابه أفظع الممارسات القمعية تجاه الفلسطينيين. هذا الصمت الذي أزاح القضية الفلسطينية من سلم الأولويات العربية والإسلامية والدولية نحو تشطيبها وإنهائها دون أن ينال شعبنا الفلسطيني حقوقه المشروعة التي تنص عليها الأعراف والقوانين الدولية والشرائع السماوية. - العصفور الثالث الظهور بمظهر القوي الحريص على أمن واستقرار الدول المطبعة معه وعليه ينبغي على هذه الدول عقد الاتفاقات الأمنية والعسكرية معه ومنحه فرصة إقامة قواعد أو بؤر أمنية وعسكرية صهيونية في أراضي هذه الدول بهدف المراقبة أو التدريب بالإضافة إلى التعاون المخابراتي تحت لافتة محاربة الإرهاب. - العصفور الرابع وهو مهم بالنسبة ليائيرلابيد محاولته جعل هذه القمة ورقة انتخابية رابحة إضافة إلى ورقة حربه الأخيرة على غزة واقتحام المستوطنين الحرم القدسي واغتيال المناضلين في كل من جنين ونابلس والخليل ليحظى بدعم مواطنيه لتأهيله رئيسا لوزراء دولة الاحتلال من جديد. نجاح هذه القمة سيوفر لدولة الاحتلال كل هذه النتائج وهذه المكاسب سابقة الذكر جراء تطبيع الدول العربية علاقاتها معها لذا فإنّ أسئلة تطرح نفسها تقول: ما هي المكاسب التي جنتها الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني منذ توقيعها اتفاقيات السلام المزعوم معه؟ وأي سلام هذا بين دول منزوعة السيادة ودولة غاصبة محتلة لأراضينا؟ ماذا حققت مصر الأردنالإماراتالبحرين والمغرب من علاقاتها مع الكيان الصهيوني؟ وماذا حقق السودان وحققت موريتانيا التي أقامت علاقات كاملة مع دولة الاحتلال منذ تسعينيات القرن الماضي؟ هل انتقلت هذه الدول إلى مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة ووجدت الاحترام والتقدير من باقي الأمم؟ وما الذي جنته الشعوب من هذه العلاقات النتنة مع الكيان الغاصب غير الذل؟ إذن لا بد من قيامة لا تبقي ولا تذر وأن تقول الشعوب الحرة كلمتها. ***** التطبيع مع الكيان الصهيوني يضع المنطقة على صفيح ساخن أ. غنية عباسي إنّ التوجّه الجديد الذي عرفته علاقات بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني بعد التوقيع العلني على ما أصطلح عليه باتّفاقات أبراهام أو صفقة القرن في ظل مناخ إقليمي جديد لم يعد فيه الصراع العربي- الإسرائيلي قضية رئيسية بسبب المشاكل السياسية والأمنية في عدد من الدول العربية كسوريا اليمن ليبيا والعراق يمثّل خطوة لمستقبل غير واضح المعالم في المنطقة. حيث لم تكن فكرة الاتفاق وليدة التحوّلات الراهنة في منطقة الخليج العربي إنّما هي تجسيد لطروحات سابقة فقد نشأ في شكل مشروع أمريكي على إثر تحرير الكويت تكون بموجبه إسرائيل حامية لدول الخليج مع إبعاد مصر وسوريا عن هذا المشهد كما أنّه يمثّل محطة في مسار استراتيجي إسرائيلي تطلّب انجازه عقودا من الزمن كانت بدايته مع معاهدة التطبيع الأولى سنة 1978 مع مصر كامب ديفيد ثم بعد ست وعشرين سنة مع الأردن وادي عربة ليتدعّم بعد ست وعشرين سنة أخرى مع الإمارات العربية المتّحدة والبحرين هذه الأخيرة التي جاء انضمامها رسالة للمتردّدين من بقية الدول العربية بأنّ الإمارات ليست الوحيدة التي تسير في هذا المنحى وأنّ هناك أطرافا أخرى مساندة له بشكل أو بآخر . ونظرا لخصوصية المنطقة العربية فإنّ إقناع الشركاء بسلامة هذا الخيار يفترض أن يرافقه التسويق لأهداف سامية كإحلال السلام الدائم في الشرق الأوسط ومواجهة مخطّطات الضم للأراضي الفلسطينية وضمان رخاء الشعوب العربية وهو ما كشفته بنود البيان الرسمي لاتّفاق أبراهام والتي ما لبثت أن عرّتها التصريحات المتناقضة فمثلا الترويج لوقف عمليات الضم لمناطق الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 دحضه بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي وضّح من خلاله أنّ المقصود هو تعليق الضم وليس وقفه نهائيا وأنّ حكومته ملتزمة بهذا القرار والذي سيستأنف في وقت لاحق. لقد غاب عن هذا الاتفاق التطرّق لما يعرف بقضايا الحل النهائي بين فلسطين والكيان الصهيوني والمتمثّلة أساسا في القدس وحق عودة اللاجئين وقضية المستوطنات كما أنّه أخلى ساحة إسرائيل من أي التزامات تجاه تسوية القضية الفلسطينية وفق القرارات العربية والأممية وهو ما يهدّد أمن المنطقة بكاملها فالفصائل الفلسطينية التي كانت تأمل في استمرار الدعم العربي لقضيتها والتمسّك بالمبادرة العربية كحد أدنى للسلام ستجد نفسها مجبرة على تكثيف العمل الميداني في ظلّ الانتهاكات الإسرائيلية المتكرّرة كما أنّ السلطة الفلسطينية قد أعلنت رفضها الصريح للاتّفاق وعَدَّت ذلك خيانة للقضية . تسارعت وتيرة التعاون بين أطراف الاتّفاقية بشكل كبير وغير مسبوق ومسّت مجالات مختلفة حتى الأمنية منها وهو الأمر الذي لم نشهده حتى مع دولتي مصر والأردن السبّاقتين لتوقيع اتّفاقيات سلام مع هذا الكيان فقد جاء هذا التعاون حسب رؤية هذه الأطراف من منطلق وحدة التهديد المتمثّل في التمدّد الإيراني والتركي المتزايد في المنطقة إضافة إلى الفصائل الفلسطينية المسلّحة التي تصنّف حسبهم ضمن الجماعات الإرهابية والواضح أنّ إسرائيل ستكون المستفيد الأكبر من ذلك. ولعل ما يتم التحضير له خلال هذه الفترة من اتّصالات بين إسرائيل والدول الموّقعة على اتّفاقات أبراهام لعقد قمة على أعلى مستوى بمناسبة ذكراها الثانية يمثّل خطوة جديدة تؤكد المواقف السابقة لهذه الدول ضاربة عرض الحائط مطالب الشعب الفلسطيني ومشروعية مقاومته. فمع مرور أكثر من سنة على هذا الاتّفاق لا يزال القصف الإسرائيلي غير المبرّر يستهدف المدنيين في قطاع غزة ومناطق متفرّقة من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة مع صمت غريب وشجب غائب يجعل المتاجرة بهذه القضية لتبرير أي تحرّك تجاه علاقات طبيعية مع الكيان المغتصب كاذب وادّعاء لا غير. فهو اتّفاق يسير في اتّجاه واحد خادما لإسرائيل ومكانتها ككيان شرعي معترف به على المستوى الدولي مع إضعاف للجبهة العربية المقاطعة وللمبادرة العربية للسلام التي وضعت الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967 حسب القرار 242 لمجلس الأمن الدولي والتسوية العادلة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين شرطا للتطبيع والتي كانت على علّاتها حاجزا ضد تطبيع العلاقات مع هذا الكيان. إلاّ أنّه و على الرغم من حملات الترويج الكبيرة التي رافقت هذا الاتّفاق تولّد واقعا منافيا لأهدافه المعلنة فقد شحن المجتمع العربي بشعور الصدمة ورسّخ لدى الفصائل الفلسطينية خيار المقاومة وأنتج تصادما خليجيا للتمكّن من المزايا الجيو سياسية وهي عوامل تضع المنطقة على صفيح ساخن.