سواعد لا تهزمها حرارة الصيف نسوة يسترزقن من صناعة المخبوزات التقليدية يشكو الكل من موجة الحر التي شهدتها هذه الصائفة وجعلت الكثير من الناس يفرون إلى شواطئ البحر والحدائق لاستراق بعض النسمات إلا أن هناك سواعد لا تكل ولا تمل وتواصل جهودها حتى في فصل الصيف فهي لا تعرف للراحة معنى.. هنّ نسوة اخترن الاسترزاق من حرف منزلية تتمثل في صناعة مختلف أنواع المخبوزات كالكسرة والمطلوع والرشتة والديول وغيرها ودفعتهن الظروف القاسية إلى معاشرة الأفران في عز الصيف فيتضاعف تعبهن ويتصبّبن عرقا لاجل كسب لقمة عيش حلال. نسيمة خباجة في الوقت الذي ينصب فيه تفكير غالبية الناس على التخييم والذهاب إلى الشواطئ أو التنزه وقضاء العطلة في الجبال تجذب الانتباه نسوة احترفن صناعة الكسرة والمطلوع والديول لتوزيعها على المحلات والاسترزاق من مداخيلها وكذلك هو حال النسوة بولاية الجسور المعلقة بحيث يبدعن في صناعة الكسرة بكل أنواعها الشهية لترويجها عبر المخابز المنتشرة خصوصا في شوارع المدينة الجديدة علي منجلي بمدينة قسنطينة. نسوة يعاشرة الأفران في بيوتهن اختارت العديد من النسوة في مختلف ولايات الوطن العمل من المنزل في حرف متنوعة ولعل صناعة المخبوزات التقليدية تخطف اهتمام العديد منهن بالنظر إلى الطلب الكبير عليها وتدر عليهن مداخيل مقبولة فمن من رقائق الرشتة إلى فطائر المسمن والكسرة والمطلوع والمحاجب وغيرها ورغم انها تتطلب مجهودا يتضاعف في ظل حرارة مرتفعة الا انهن بصمن على معاشرة الافران في ظل ظروفهن وحاجتهن الماسة إلى مداخيل لتدعيم اسرهن ماديا. تقول السيدة مروة التي تحترف صناعة الديول انها تواصل حرفتها في كامل شهور السنة والمادة ليست مطلوبة فقط في رمضان بل اوراق الديول تستعمل في صناعة البوراك وفي مختلف الكيفيات الاخرى المالحة والحلوة ايضا ولذلك يتواصل الطلب عليها مما يجبرها على تلبية طلب الزبائن لاسيما اصحاب الاعراس الذين يضعون طلبياتهم بكميات مضاعفة لتحضير البوراك في العرس كما انها تروج المادة عبر المحلات بسبب طلبها من الزبائن ايضا وعن ظروف تحضير الديول في الصيف قالت إن الحرارة الشديدة تزيد من تعبها لاسيما وأن صناعة الديول تتطلب الاقتراب من الفرن واستعمال المري النحاسي الخاص بتحضيرها مما يزيد من حرارة المكان ويجعلها تتصبب عرقا الا انها مجبرة على مواصلة الحرفة حسب ما تحكمه الظروف وجلب لقمة العيش الحلال.
وأخريات يقتحمن المخابز... تهم النسوة العاملات لصالح المخابز في إنتاج أنواع الخبيز المحلي على غرار المطلوع أو الخميرة كما تسمى في عاصمة الشرق أو الرخساس أو خبز السميد الرقيق أو خبز الشعير كما يصطلح عليه وطنيا بالحرشاية أو الرغدة غير آبهات بدرجة الحرارة الخانقة التي تنطلق من أفران الخبيز. وتقول خيرة وهي عاملة في فرن الخبيز منتجة للكسرة والخميرة منذ عدة سنوات انها اعتادت على الحرارة المرتفعة جدا مقارنة مع تلك المسجلة في الظل خارج الفرن وأصبحت غير مهتمة بالنسبة لها الشكوى من هذا الوضع بل وحتى التفكير فيه بحيث اعتادت عليه وهي تجاهد لاجل كسب لقمة العيش. أما بالنسبة لنوارة التي اختارت التنقل إلى المخبزة والعمل بها وهي قاطنة بإحدى ضواحي قسنطينة بحيث امتهنت العمل في المخبزة كصانعة لأنواع الكسرة منذ عدة سنوات فقد أكدت في هذا الصدد أن فترة الحرارة تمتد غالبا بين شهري جويلية وأوت وبالتالي فإنّ تحملها للحرارة في مكان عملها يعد ضروريا حتى تنقضي هذه الفترة وسرعان ما تنخفض الحرارة في أشهر السنة الأخرى. ورغم تصببها عرقا واضحا على تقاسيم وجهها وجبينها إلا أن فاطمة تحاول إخفاء تأثير الحرارة عليها بالقول: لقد تعودنا على هذا العمل في جميع فصول السنة وليس لفصل الصيف فرق سوى أن حرارته مرتفعة نوعا ما وعلينا كما قالت تحملها حتى تنقضي أشهر فصل الصيف. المهم.. أما بالنسبة لعائشة فالمهم هو الحصول نهاية الشهر على أجرة مقبولة تمكنها من مواجهة المصاريف العائلية وتضمن لها كرامة العيش دون ذلك فإنّ الأمر بالنسبة لها لا يعدو سوى أن يكون فترة من الحرارة ستنقضي لا محالة ولن يتذكر الناس ما قضوه في الشاطئ أو في فرن الخبيز. من جهتها ترفض أميره الخوض في هذا الموضوع ربما لعدم أهميته بالنسبة لها غير أنها اكتفت بالتأكيد على أن عملها ليس بالمتعب كون العجن يتم بواسطة عجانة آلية وتقتصر مهمتها على قرض الخبز أو جعله في شكل دائري والسهر على أن ينضج الخبز دون أن يحترق وهو ما يطرح سؤالا آخر لم تتم الإجابة عليه سوى بالابتسامة وهو في حال احتراق المطلوع أو الكسرة فمن يدفع الثمن. لا يفشي سرا أحمد وهو صاحب مخبزة بإحدى الشوارع الكبرى للمدينة الجديدة على منجلي بالقول إن الحصول على اليد العاملة المؤهلة في صناعة الخبيز التقليدي يصبح يوما بعد يوم صعبا نظرا لعديد الأسباب أهمها صعوبة عجن الخبز التقليدي و قرصه أي جعله في شكل دائري خاصة ذلك المنتج من دقيق الشعير والرقاق من ناحية وصعوبة هذه المهنة خاصة خلال فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة من ناحية أخرى. نكهة ورواج واسع ما يلاحظه المتتبع لحركية إنتاج الخبز بصفة عامة والتقليدي منه بصفة خاصة ذلك الانتشار الواسع للعاملات في المخابز كمنتجات لأنواع الكسرة على مستوى محلات الخبازة وهو ما لا يتطلب سوى يد عاملة مؤهلة رغم صعوبة الحصول عليها وعديد الأفران المصطفة على رفوف المخابز. وتباع القطعة الواحدة من خبز السميد المخمر أو ما يسمى بالمطلوع أو الخميرة ب80 دج فيما يباع خبز الرقاق أو الرخساس أو الرخسيس ب80 دج أيضا غير أن الحرشاية التي ينصح باستهلاكها المصابون بداء السكري أو أمراض الكبد فيصل سعر الواحدة منها 100 دج. وتشهد مختلف انواع الخبز التقليدي اقبالا كبيرا بالنظر إلى نكهته وجودته ومنافعه الصحية بعيدا عن كل المحسنات المستعملة في الوقت الحالي في الخبز العادي. وحول استخدام السميد المدعم في إنتاج الخبيز التقليدي يؤكد غالبية من حاورتهم وكالة الانباء الجزائرية في هذا الصدد أنهم يقتنونه على حسابهم الخاص بأسعاره المعمول بها بالنسبة لكافة المستهلكين غير أن المشكلة تكمن في دقيق الشعير الذي يباع بأسعار مرتفعة يضاف إلى ذلك صعوبة غربلته والحصول على دقيقه الأحرش الذي تصنع منه الحرشاية الأكثر طلبا من قبل الزبائن.