تلجأ عدد من ربات البيوت بالتجمعات الحضرية للنعامة أيام شهر رمضان إلى تحضير أنواع من المواد الغذائية كالرغيف و الحلويات التقليدية والتي تعرض أمام الصائمين لتسويقها بالأرصفة وفضاءات مفتوحة في سعي لإنعاش ميزانية هذه العائلات . وتشهد أسواق الولاية أجواء احتفالية لافتة عند عرض أنواع الخبز التقليدي حيث يحتدم التنافس بين الباعة الذين تتعدد هويتهم بين الأطفال والنساء والشيوخ ممن يتيح لهم شهر رمضان حصاد دخل مالي إضافي كما تغير أكثر المحلات من بضاعتها لتعرض مواد غذائية خاصة بهذا الشهر الكريم. ويتحول مثلا الشارع الكبير"بوعرفة" والسوق اليومي "لعريش" بعين الصفراء وأحياء مثل الدرب" و" بودو" و"حمولية " ومحطة المسافرين القديمة بمشرية إلى أماكن مفضلة للباعة الذين يعرضون أنواع المطلوع واجتهادات أنامل النساء لأنواع الرغيف التقليدي وبعض العجائن والحلويات التقليدية المحضرة بالبيوت كما يلاحظ . وتنتهز الكثير من السيدات هذا الشهر كفرصة لكسب نصيب من المال لتحسين ميزانية أسرهن من خلال صناعة خبز الدار"المطلوع" و"الديول" (أوراق عجائن رقيقة تحضر للحشو) وبعض الحلويات ك"المقروط" و"البقلاوة" فهن "يساعدن في تغطية مصاريف البيت" بحسب تصريحاتهن . ولا يقتصر زبائن هؤلاء النسوة على الموظفات والنساء العاملات بل وحتى الماكثات في البيوت ممن يفضلن شراء هذه المنتوجات المحضرة في البيوت لأنها تختلف عن تلك التي تصنعها المخابز أو تباع في المتاجر من حيث الجودة و الطعم و الشكل. وتقول حورية وهي أرملة وام لثلاثة أطفال " قبيل حلول مناسبة الصيام أقتنى المستلزمات الخاصة بتحضير الخبز التقليدي وبعض الحلويات التي يزيد الطلب عليها في هذا الشهر ولقد وجدت في صناعة وبيع هذه المأكولات التقليدية دخلا لا يستهان به لذلك ومنذ خمسة سنوات أتعامل مع بائعين في الأسواق وبعض المحلات لتسويق هذه الأكلات التقليدية ". هذه السيدة وغيرها من ربات البيوت يؤكدن أنهن يلجأن إلى إعداد هذه المواد الإستهلاكية لأنها تمتلك نكهة و مذاق خاص على موائد الإفطار مبررين هذه التجارة الموازية بالمصاعب المالية التي تواجه أسرهن ذات الدخل المحدود واستغلال هذه الحصة من المال للتكفل بتغطية نفقات أخرى للبيت وفق ما صرحن لوأج. الإقبال الكبير على اقتناء هذه المواد وراء استمرار الظاهرة وتفسر فاطنة التي تقطن بحي "البغاديد" القديم بمشرية هذه الظاهرة وتقول "إنها تجربة ناجحة مع تحقيق فوائد بيع مهمة من تسويق هذه المنتوجات وككل سنة أقوم بتحضير أصناف الخبز المحلى اللذيذ المزين بحبات البسباس والأطباق التقليدية الأخرى التي تتطلبها المائدة الرمضانية وأنا أستمر في إعداد و بيع هذه الأكلات التي تلقى رواجا ". وتختار نساء أخريات صنع الحلويات التقليدية في المنازل و لديهن زبائن بالعشرات خصوصا قبيل عيد الفطر وتقدم هؤلاء النسوة عدة مبررات لذلك حيث يجمعن أن الدخل الشهري للأسرة لا يؤمن المصاريف المتزايدة وما تجنيه تلك السيدات من وراء صناعة الحلويات يرتفع في فصل الصيف أين تكثر الطلبات تزامنا مع إقامة الأعراس والحفلات كما عبرت عن ذلك إحداهن. وتعزو العالية وهي مختصة في الطهي وتنظيم المناسبات والأفراح الإقبال على الخبز التقليدي و الأكلات الشعبية إلى المزايا الصحية و الطبيعية وقيمتها الغذائية الكبيرة "فتحضير المطلوع مثلا مختلف عن الخبز العادي الذي تنتجه المخابز الصناعية و مكوناته غنية وأحيانا يضاف إليه الأعشاب العطرية و الثوم و النعناع كما انه خال من المحسنات الغذائية" كما تضيف . أما السيدة خدوج التي تنحدر من الجزائر العاصمة وتقطن بالنعامة منذ سنوات ومن اللواتي يمارسن هذه المهنة تصرح " لدي عشرات الزبائن يقبلون على إقتناء ما أحضره من مادة "الديول" التي يعتمد عليها تحضير" البوراك" فهو الطبق المفضل عند أغلب الجزائريين كما تردني طلبات الأسر لإقتناء "المحنشة" و"السيجار" و"الصامصة" و"رزيمات لعجوز"و أحضر أحيانا "خبيزة القطايف" وبعض الحلويات التي ترافق صينية الشاي في سهرات رمضان". وبالمقابل تؤكد مديرية التجارة بالولاية أنها تكثف من خرجاتها الرقابية للأماكن التي تعرض فيها هذه المواد وتستهدف بالأخص طاولات بيع " الزلابية" و" قلب اللوز" على قارعة الطريق. وبالرغم من دور فرق الرقابة و قمع الغش للحد من مثل هذه السلوكات التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة المستهلكين لمواد تحضر في البيوت بتسممات إلا أن المطلوع والكسرة والديول والرشتة والحلويات تبقى حرفة تتقنها هؤلاء النساء لتغطية نفقات العائلة في رمضان والبعض من مصاريف عيد الفطر الباهظة.