سكان يحتجّون لإنجاز ممهّلات للحدّ من نزيف مجازر حوادث المرور وسائقون يضربون ويطالبون بنزعها بسبب الأخطار التي لحقت بهم وبسيّاراتهم نتيجة التواجد العشوائي لها، هي المفارقة التي أضحت من بين أهمّ القضايا الشائكة التي تشهدها مختلف بلديات الوطن بعد أن صار بعض (الأميار) يواجهون مجازر الطرقات والاحتجاجات ب (الدودانات). خروج المئات من المحتجّين أضحى سِمة كلّ بقعة من بقع الوطن في الآونة الأخيرة، حيث يلجأ هؤلاء إلى غلق الطرقات لتعدّد الأسباب، غير أن أكثرها انتشارا خاصّة مع الدخول المدرسي تلك المطالبة بوضع حدّ للمجازر المرورية التي ترتكب في حقّ الأطفال والطاعنين في السنّ بسبب السرعة المفرطة لأصحاب السيّارات، ولامتصاص الغضب تلجأ السلطات المحلّية إلى الإسراع في وضع ممهّلات بأشكال وأنواع مختلفة على مستوى طرق كلّ تجمّع سكني بطريقة عشوائية بعيدة عن كلّ المعايير، ممّا قد يضاعف من الإشكال ويهدّد حياة الرّاجلين والسائقين على حدّ سواء· ويجمع أغلب المواطنين على أن السلطات المحلّية أضحت تتسابق من أجل إيجاد مختلف المهدّئات لاحتواء غضب المواطنين الذين أصبحت كلّ مشكلة مزعجة تخرجهم إلى الشارع للتعبير عن رفضهم للأوضاع من أجل اتّخاذ إجراءات للقضاء على الإشكال. ولعلّ خروج العديد من المواطنين إلى الشارع عبر ربوع الوطن في الآونة الأخيرة وقطعهم للطرقات وحرقهم للعجلات المطاطية لدليل على ذلك حسب ما نشرته العديد من الصحف الوطنية، خاصّة مع بداية الدخول المدرسي، ولعلّ أهمّها تلك التي يقوم بها أصحابها احتجاجا على كثرة حوادث المرور، سواء في المناطق الحضرية أو في الطرقات الوطنية وخير دليل على ذلك ما وقع من احتجاجات في كلّ من برّاقي بالعاصمة وبواسماعيل بتيبازة عقب وفاة عجوز طاعنة في السنّ، وما حدث على مشارف مدينة حجّوط بعد أن لفظ طفل أنفاسه عند قطعه للطريق بعدما داسته شاحنة كانت تسير بسرعة مفرطة بالقرب من تجمّعه السكني الذي يقيم فيه. كما شهدت كلّ من ولاية مستغانم وباتنة وغيرها من مناطق الوطن أحداثا مشابهة أدّت إلى خروج الآلاف من المواطنين للمطالبة بوضع حلول للمشكل كوضع ممهّلات على تلك الطرق· ومن أجل شراء السلم الاجتماعي الذي شهد فورانا منذ مطلع السنة للمطالبة بإصلاحات تشمل جميع مجالات الحياة، لجأ العديد من رؤساء البلديات إلى التسابق من أجل وضع ممهّلات باعتبارها من أسهل الحلول وذلك عبر كلّ طريق، أمام كلّ مدرسة، بالقرب من طريق أيّ تجمّع سكني، في طرق القرى وحتى المنعرجات الخطيرة لم تسلم من هذه (الدودانات) التي أصبحت كالطفيليات تهدّد حياة مستعملي الطرقات وأصحاب المركبات بدرجة أكبر، خاصّة وأنها تفتقد إلى المعايير القانونية المطلوبة التي من شأنها أن تجنّب السائقين حوادث خطيرة، حتى أن موقع البعض منها وحجمها لا يتلاءم مع ما هو معمول به، ممّا أدّى في كثير من الأحيان إلى تسجيل حوادث مروّعة راح ضحّيتها نسبة كبيرة من السائقين. ووجّه العديد من أصحاب السيّارات ومستعملي الطرقات نداء إلى السلطات المحلّية من أجل إعادة النّظر في عدد معتبر من الممهّلات التي تمّ إنجازها في الفترة الأخيرة بشكل عشوائي ومن دون مقاييس قانونية، خاصّة وأن وضعها تزامن مع الاحتجاجات العارمة للمواطنين من مختلف مناطق الوطن تنديدا منهم بسقوط العديد من الأرواح البشرية بسبب الإفراط في السرعة، خاصّة على مستوى المناطق الحضرية التي تنعدم فيها ما يعرف ب (الدودانات) التي بدأت تشهد انتشارا كالفطريات، سواء على الطرق الولائية أو الوطنية من أجل امتصاص غضب المحتجّين، وهي الطريقة التي أكّد بشأنها العديد من أصحاب المركبات أنها غير منطقية وغير قانونية لأن كلّ ممهّل يجب أن يخضع للمعايير والشروط القانونية كالحجم مثلا أو الموضع الخاصّ بها، إلى جانب احترام كذالك الفارق في المسافة ما بين ممهّلة وأخرى، كلّها مقاييس غير معمول بها في الجزائر في ظلّ انعدام ضوابط وإطار موحّد لضبط المجال من حيث الشكل والحجم والموقع. وتشير بعض الآراء إلى أن بعض البلديات تقوم بتنصيب (الدودانات) على مستوى المنعرجات الخطيرة التي تتواجد بها تجمّعات سكنية، غير مبالين بالأخطار التي قد تصيب أصحاب السيّارات الذين لا يعرفون تواجدها أو المتنقّلين في الفترات اللّيلية، وهو ما يجبر الجهات المعنية على إعادة النّظر في تسيير هذا المجال الذي قد يضرّ بالبعض أكثر ممّا ينفع البعض الآخر·