من بين المنبهات الأكثر استهلاكا من قبل الجزائريين والتي تحولت عند بعضهم إلى مخدر يقبلون عليها بشره ولا يمضون يوم دون تناولها، هي القهوة، هذا المشروب الذي يدمن عليه أكثر المواطنين الكبار فيهم والصغار، العاطل والبطال، النساء والرجال، تقبل عليها كل فئات المجتمع دون أن يعوا الخطورة التي تشكلها على صحتهم والمواد التي تحتوي عليها والتي من شأنها أن تضرُّ بهم· الأطفال كذلك صاروا يقبلون على هذا المشروب للتشبه بالكبار مثل التدخين، وإن كان الكبار ينهون الصغار عادة عن التدخين إلاّ أنهم يغفلون نهيهم على شرب القهوة، رغم أنّ فيها أضراراً لا تقل على أضرار التدخين، خاصّة بالنسبة للأطفال وخاصّة إن أفرطوا فيها، بل إن الأطباء أكدوا على أنها مضرة حتى لو شربت مع الحليب، وذلك لاحتوائها بشكل كبير على مادة الكافيين، إلاّ أنّ الأطفال في المدارس صاروا لا يتوانون عن حمل القهوة معهم، والوقوف أمام باب المدرسة حتى تفتح أبوابها، كما كانوا شيوخا وجدوا في فنجان القهوة عزاء عن أصدقاء توفوا منذ زمان، ووجدوا في الجدار صدرا رحبا يحتضنهم بعدما تخلى عليهم الأحباب والأقارب، والفتيات بدورهن لا يبدو أنهن يجدن في تلك العادة ما يجدونه في التدخين من حرج، بل يقبلون عليها بنهم يكاد يكون أكبر من نهم الصبيان، ومنهن سلمى التي قالت لنا إنها تحب القهوة وبدأت قصة ذلك الحب حين كانت تكثر من القهوة في حليب الصباح ثم صارت تشرب القهوة لوحدها دون الحليب وهكذا ألفت أن تعد القهوة وتشربها بل وتدخل إلى المقهى أحيانا لتطلب قهوة تشربها عند باب المدرسة، وتقول لنا إن الكثير من زميلاتها يدمنَّ على القهوة مثلها· كما أثبتت دراسة حديثة أنّ 90 بالمائة ممن يتناولون القهوة قبل سن الثانية عشرة سيتجهون لا محالة إلى التدخين، ومن ثمن إلى باقي المخدرات، كالحشيش، أو الحبوب، خاصة وأن محيط الأطفال في العصر الذي نعيش فيه صار محيطا لا يخلو من منحرفين يجملون كل تلك المخدرات في نظر الأطفال قبل حتى وصولهم سن المراهقة، ولهذا فإن القهوة صارت الخطر الأول المحدق بهم، والذي يتهاون في أمره الأولياء، ولا يمنعون أبناءهم عنها، وهو الأمر الذي يجعل الطفل مدمنا منذ صغره، وبغض النظر على سيئات القهوة وما فيها من مواد تشجع على الإدمان، فإنها الطريق المعبدة إلى الانحراف، وإلى تعاطي المخدرات، خاصّة وأن منظر القهوة صار لصيقا بمنظر السيجارة في الأذهان، وهو الأمر الذي يجعل أي طفل اعتاد على شرب القهوة يفكر في تعاطي السيجارة، ولو لمجرد التجريب، فينزلق في خطر الإدمان القاتل·