ماذا لو أنزلك سائق الحافلة التي استقليتها للذهاب إلى عملك، او العودة إلى بيتك، في الطريق، ولم يوصلك إلى المحطة؟ أكيد أنك ستتذمر إن كنت لم تعتد على هذه الطريقة في معاملة الراكبين، وقد لا تفعل إن سبق وان حدث لك هذا مرّات مع أصحاب وسائل نقل لا يهمّهم إلاّ أن يربحوا الأموال، ولا شيء غير الأموال. م. مهدي هذه حياة المسافرين في وسائل النقل، فوضى لم يستطيعوا أن يعتادوا عليها، وكلما حاولوا ذلك ظهرت مشاكل أخرى، وهكذا، ومن ذلك ما يفعله أصحاب، أو بعض أصحاب تلك الحافلات، والذين لا يتحمّلون مخاطر، إن صحّت تسميتها كذلك، مخاطر المهنة، حيث أنّهم يقلّون المواطنين من مكان لآخر، ولكن إذا ما نزل اغلبهم في بعض المحطات، فانه لا يواصل وجهته، ويطلب من الزبائن أن يستقلوا حافلة أخرى، وهو الأمر الذي يثير إزعاج المواطنين، خاصّة إذا لم يطلب منهم قابض التذاكر منهم ذلك بطريقة مهذبة، وعادة ما لا يفعلون، إذ أنهم يعاملون البشر على أنهم مواطنون لا يحقّ لهم حتى الاحتجاج، ولهذا فكثيرا ما تحدث مشاكل بينهم وبينهم، مثلما وقع قبل يومين في محطة شوفالي بين شيخ طاعن في السن وقابض تذاكر شاب، حيث أن الحافلة انطلقت من الأبيار باتجاه بوزريعة، ولكن في شوفالي، ولما لاحظ قابض التذاكر أنّ عدد الحافلات أكثر من المسافرين، وأنه لم يتبق في حافلته إلاّ بعض الركّاب، وأنه إن انتظر طويلا فسيُضيع كثيرا من الوقت، ولهذا فكر في أن الحل الأمثل يكمن في أن يعود بحافلته إلى الأبيار، ولا يكون ذلك إلا بالتخلص من هؤلاء المسافرين، فطلب منهم ذلك، او أمرهم بذلك، حيث أن لهجته لم تكن تنمُّ عن أسف، ولا كلماته احتوت كلمات اعتذار، وهو الأمر الذي جعل شيخا عجوزا كان ين الراكبين يرفض النزول، وهنا غير قابض التذاكر لهجته واعتذر له، لكن الشيخ لم ينزل، فصرخ وهدد، بل وشتم وسب، ولكن الشيخ بقي على حاله، بل راح هو الآخر يصرخ. مواطنون يعيشون ذلك يوميا، وأحيانا يستقلّون حافلة فارغة، ويختارون مكانا للجلوس، ولكن يُفاجئون بقابض التذاكر يطلب من النزول قبل حتى أن يصلوا إلى المحطة الأخيرة، وهو الأمر الذي يثير استياءهم، خاصّة وأنّ قابض التذاكر يطلب منهم ركوب حافلة أخرى، تقول لنا سامية، وكانت قد وقعت لها نفس الحادثة، ورغم أنها لم تتحدث إلى قابض التذاكر ووافقت على ركوب حافلة أخرى، إلاّ أنها، مع ذلك، أبدت لنا استياءها من الظاهرة : "نقص الرقابة في بعض الأحيان يجعل أصحاب تلك الحافلات يبالغون في الإساءة إلى المواطن، وأحيانا أفكر في أن أقدم شكوى لدى مصالح الأمن ولكني أعدل عن ذلك في آخر لحظة".