كشفت دراسة لباحث صهيوني أن واشنطن تتعامل مع قناة الجزيرة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 كعدو وتعتبرها شمّاعة للتغطية على فشلها في العراق وأفغانستان، كما أوضحت أن المحطّات التلفزيونية الأمريكية تسعى إلى شيطنة هذه القناة ضاربة عرض الحائط بمعايير الزّمالة والمهنية رغم عدم ثبوت التّهم الموجّهة إليها بمعاداة الغرب واليهود ورعاية »الإرهاب«. وأكّد الباحث والمحاضر في معهد »هرتزليا« للدراسات الأكاديمية د. طال عزران في كتاب جديد أن الولايات المتّحدة والمحطّات التلفزيونية الأمريكية الكبيرة دأبت على حجب معلومات الجزيرة بشتى الوسائل »القانونية« والسياسية عقب حادثة استهداف برجي التجارة في نيويورك عام 2001. ويقول عزران في كتابه الصادر بالإنجليزية عن دار النّشر »بيتر لانغ« بمانهاتن في الولايات المتّحدة الأمريكية تحت عنوان »الجزيرة وتغطية الحرب الأمريكية« إن الجزيرة تحوّلت إلى لاعب مركزي دولي بعد 2001، خاصّة بعد تغطيتها الحصرية للحرب على أفغانستان. وتشير الدراسة إلى أن هذه القناة وضعت تحدّيا أمام القنوات الغربية، ليس فقط من ناحية الشّكل والمضمون وإنما أيضا لدخولها الفضاء الإعلامي العالمي، وهذا ما ازداد بعد إطلاق الجزيرة نسختها الإنجليزية التي يشاهدها اليوم نحو 160 مليون مشاهد في ثمانين دولة، حسب موقعها على الأنترنت. ويتجاوز الباحث الفترة التي يتمحور فيها بحثه (2001-2004) ليشير إلى أن الجزيرة الإنجليزية تنافس اليوم وبقوّة شبكات التلفزيون الأمريكية، ويلفت إلى أنها أكثر نعومة من شقيقتها العربية في مضامينها ومصطلحاتها. ويعتبر ذلك أمرا طبيعيا قياسا بشبكة »سي أن أن« بنسختيها الدولية والأمريكية، إذ أن الأخيرة أكثر وطنية، ويتابع: »ومع ذلك تتطابق مضامين قناتي الجزيرة بالإنجليزية والعربية مؤخّرا«. ولتوضيح الإنقلاب في تعامل المؤسسة الإعلامية الأمريكية مع الجزيرة، والذي يحدّد بدايته في العام 2001، يستذكر عزران ما قاله الصحفي البارز في شبكة »سي بي إس« دان راذير قبل أحداث 11/9/2001 في أحد برامجه بأن الجزيرة هي أمل الديمقراطية في الشرق الأوسط، ليعود بعد عام 2001 ويتساءل محرّضا: »هل يموّل أسامة بن لادن الجزيرة؟«. وتستند دراسة عزران على مراجعة ألفين و732 عنوان نقلتها القنوات الأمريكية الخمس »سي إن إن، إيه بي سي، سي بي أس، إن بي سي وفوكس نيوز« عن الجزيرة في الفترة بين سبتمبر 2001 وأوت 2004، وتبيّن ما شهدته من تحريف لمضامينها وتغيير لسياقها وإخضاعها للرقابة. وتتوقّف الدراسة عند صمت محطّات التلفزة الأمريكية على الاعتداءات التي تعرّضت لها طواقم الجزيرة في أفغانستان والعراق وتشير إلى ذهاب شبكة »فوكس نيوز» إلى حدّ السخرية من قصف مكاتب الجزيرة في كابل والدّعوة إلى ضرورة استهداف مقرّ فضائية بن لادن في الدوحة، وذلك في إشارة إلى حجم التحامل عليها والرّغبة في شيطنتها. وتستذكر الدراسة أن محطّات التلفزة الأمريكية تجاهلت أيضا الاعتداءات وعمليات القرصنة التي تعرّض لها موقع الجزيرة نت -الذي يصفه بأحد أهمّ المواقع الإعلامية في العالم- من قبل قرصان أمريكي. ويشدّد الباحث على أن الجزيرة تهدّد هيمنة الولايات المتّحدة في العالم، وأن عملية حجب معلوماتها أثناء الحروب تكون مطلقة وأكثر ممّا يجري في دول غربية أخرى. وتورد الدراسة في هذا السّياق قيام الإدارة الأمريكية السابقة تحت رئاسة جورج دبليو بوش بتأسيس مكتب الاتّصالات العالمي »أو جي سي« للترويج ل »الوجه الجميل« للولايات المتّحدة، وإطلاق »قناة الحرّة« و»إذاعة سوا« ردّا على الجزيرة وبغية التأثير على جمهورها. كما انضمّت فرنسا، بريطانيا، روسيا والصين بعد غلق فضائية »بي بي سي« بالعربية لمساعي التأثير على الرّأي العام العربي بعد هيمنة الجزيرة من خلال إطلاق هذه الدول قنوات خاصّة بها باللّغة العربية. ويستعرض الباحث ثلاث وجهات نظر أمريكية شائعة حيال الجزيرة: الأولى سياسية واقتصادية وترى بها مشروعا يخدم قطر ومصالحها وسياساتها. والثانية تعتبرها وسيلة لمناصرة الإسلام ضد المسيحيين واليهود في العالم وتأييد المقاومة. أمّا النّظرة الثالثة، فهي نظرة ليبرالية ترى في الجزيرة محطّة شرعية تلتزم المعايير المهنية الغربية. وتخلص الدراسة إلى نفي وجود ما يؤسّس للمزاعم التقليدية ضد معايير تغطية الجزيرة على الأقلّ من النّاحية النّظرية. وتتابع: »على العكس تماما، فإن تحليل ألف و820 عنوان ضد الجزيرة بثّت في القنوات الأمريكية المركزية الخمس خلال الحرب على العراق يظهر أن نحو 90 بالمائة من التقارير المنشورة في الجزيرة وفي المحطّات الأمريكية قد تمّ تصنيفها على أنها مواد محايدة.