أعرب قائد الولاية الرّابعة إبّان الحقبة الاستعمارية الرّائد عزّ الدين أوّل أمس الأحد خلال مشاركته في لقاء بالعاصمة الفرنسية باريس في إطار الاحتفال بخمسينية الاستقلال عن أسفه للتعتيم الذي يشوب الحقائق التاريخية التي حدثت خلال فترة الاستعمار، مبديا انزعاجه من التجنّب الدائم للحكومة الفرنسية الاعتراف بجرائمها المرتكبة في حقّ الشعب الجزائري وتهاون الجانب الجزائري في جمع حقائق حول تلك الحقبة· وأبدى الرّائد عزّ الدين الذي شارك في اللّقاء الذي نظّم برعاية اليومية الفرنسية (لومانيتي) بالتعاون مع المركز الثقافي الجزائري بباريس تأسّفه للإهمال الذي طال الحقائق التاريخية الجزائرية، معربا عن أمله في أن تشكّل موضوع اجتهاد أكبر لأنه على حدّ قوله يملك الكثير ليقوله حول تلك الحقبة، وأضاف أن فرنسا تجنّبت مرارا الحديث عن الفترة الاستعمارية والجرائم التي ارتكبتها خلالها فيّ حق الشعب الجزائري الأعزل· وتطرّق الرّائد عزّ الدين خلال اللّقاء الذي حمل عنوان (لماذا حرب الجزائر؟)، والذي كان متبوعا بنقاش ضمّ شخصيات سياسية جزائرية وفرنسية إلى الإيمان القوي الذي ميّز القادة العسكريين الجزائريين الذين قادوا ثورة التحرير الوطني، فرغم تأكّدهم من أن الحرب ستطول والتضحيات ستكون كبيرة إلاّ أنهم فجّروا الثورة وضحّوا بالغالي والنّفيس من أجل إنجاحها واسترجاع حرّية الوطن واسترداد كرامته، مشيرا إلى أنه منذ عام 1830 اتّخذت مقاومة الشعب الجزائري مسار (اللاّ نهاية) مع تعنّت الاستعمار الذي كان يأبى الاعتراف بواقع الشعوب المستعمرة ورغبتها المُلحّة في تحقيق استقلالها. ولم يفت قائد المنطقة الرّابعة التذكير بجهود الحركة الوطنية في محاربة المستعمر، والتي لخّصها في الجهود التي بذلتها بعض المنظّمات والأحزاب التي شكّلت آنذاك كنجم شمال إفريقيا والحزب الاشتراكي الجزائري وحركة انتصار الحرّيات الديمقراطية واللّجنة الثورية للوحدة والعمل، مشيرا إلى الدور البطولي الذي قامت به مجموعة ال 22 في تفجير الثورة لتمنح أملا للشعب الجزائري في الاستقلال وتثبت أن اللّجوء إلى الكفاح المسلّح سيضع حدّا للاستعمار الفرنسي. فمحمد بوضياف ورفقاؤه حسب تصريح الرّائد لم يكونوا إرهابيين ولا سفّاحين كما ادّعته فرنسا وإنما كانوا ثوريين كافحوا من أجل قضية واضحة هي استقلال الجزائر. أمّا فيما يخص مضايقات المنظّمة السرّية والعمليات التي كانت تقودها ضد الشعب الجزائري سنة 1961 في محاولة لمنع استقلال الجزائر فقد أكّد الرّائد عزّ الدين أن الهيئات الجمهورية الفرنسية نفسها كانت منزعجة من نشاط هذه المنظّمة، وأن المنطقة المستقلّة للعاصمة كانت تعمل دائما من أجل احترام اتّفاقيات إيفيان من قبل السكان الجزائريين الذين كانوا معرّضين باستمرار لاستفزازات المتطرّفين. وأعرب قائد المنطقة الرّابعة عن أمله في أن تستطيع السلطات الفرنسية مستقبلا إصدار اعتراف رسمي بجميع جرائمها التي ارتكبتها طوال 132 سنة من الاستعمار· وميّز اللّقاء مشاركة ناصر بوضياف ابن الرّاحل محمد بوضياف، حيث تطرّق إلى المسار النّضالي لوالده، مؤكّدا أن أباه كان يؤمن بأن الاستعمار الذي دخل إلى الجزائر بالقوّة لن يخرج إلاّ بالقوهة. كما حضر اللّقاء هنري علاق مدير (ألجيري ريبوبليكان) سنة 1954 ومؤلّف كتاب (المسألة) حول التعذيب الذي كان يمارسه الجيش الفرنسي على الأسرى إبّان حرب التحرير، والذي أعرب عن أسفه لقلّة الأصوات الأوروبية المنادية بكشف حقائق هذه الحرب التي اقترفت فيها أبشع الجرائم تحت راية الدولة الفرنسية· ومن جانب آخر، عبّر بيير براديل ممثّل جمعية الأقدام السوداء التقدميين عن رغبته في تجديد العلاقات بين الشعبين الجزائري والفرنسي، مبديا استعداده لتكون جمعية الأقدام السوداء بمثابة همزة الوصل بين الطرفين· هذا، وقد تميّز برنامج اللّقاء أيضا بعرض مقتطف من فيلم (بن بولعيد) لأحمد راشدي وفيلم وثائقي حول اختطاف الطائرة التي أقلّت القادة التاريخيين لجبهة التحرير الوطني من طرف الجيش الفرنسي سنة 1956 التي كانت متوجّهة إلى تونس، وتمّ بالإضافة إلى ذلك عرض مجلّة أعدّت سنة 1976 وضمّت مواجهة بين الرّائد عزّ الدين مؤلّف كتاب (كانوا يدعوننا الفلاّفة) والجنرال بيجار·