بدت قيادة المنظّمة الوطنية للمجاهدين حريصة على تسليم المشعل للشباب بعد نصف قرن من استقلال البلاد، حين ألحّت على التركيز أكثر من أيّ وقت مضى على الانفتاح على الشباب والطلبة وإشراك هذه الشريحة الهامّة في كلّ النشاطات المرتبطة بثورة التحرير. وجاءت فعاليات مؤتمر المنظّمة الذي اختتم مساء الأحد، لتشير إلى هذا التوجّه (الشباب) للمنظّمة التي يتزعّمها السعيد عبادو· عبّرت المنظّمة الوطنية للمجاهدين في اللوائح المصادق عليها في ختام للمؤتمر عن أملها في أن يعطي المؤتمر ال 11 منطلقا جديدا يسمح للمنظّمة بمراجعة وتكييف هيئاتها حتى تكون (أكثر انسجاما) مع مقتضيات التحوّلات الجارية على الساحة الوطنية· وأكّدت المنظّمة أن اهتمامها بقضاياها النّوعية (الاجتماعية والنّظامية والتاريخية لم يصرفها) عن متابعة التطوّرات التي تشهدها الساحة الوطنية في هذه الظروف المتميّزة ب (الشروع في إصلاحات عميقة من شأنها أن تحدّد معالم مرحلة جديدة)، وأوضحت أن هذه الإصلاحات من شأنها توسيع نطاق الحرّيات الفردية والجماعية وتعميق مجال الممارسة الديمقراطية وتفعيل دور المؤسسات الدستورية (بما يمكّنها من تنفيذ مهامها على النحو المطلوب)· وتمّ التأكيد في اللّوائح المنبثقة عن المؤتمر ال 11 للمنظّمة أن أولى خطوات هذه الإصلاحات كانت بمبادرة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة بتشكيل لجنة وطنية كلّفت بإجراء المشاورات مع كلّ الجهات المعنية من أحزاب وجمعيات وفعاليات وشخصيات وطنية· وتمّت الإشارة في هذا الصدد إلى أن المنظّمة الوطنية للمجاهدين كانت حاضرة من خلال استجابتها لدعوة هذه اللّجنة وتقديم اقتراحات (عكست رؤية المجاهدين إزاء منظومة القوانين المقترحة للمراجعة بدءا بالدستور ونمط الحكم وإطار العلاقة التي ينبغي أن تربط بين مؤسسات الدولة)· وفضلا عن ذلك اقترحت المنظّمة صيغ عمل من شأنها إضفاء فعالية أكثر على إدارة المنظومة الاقتصادية، علاوة على تفعيل دور الهيئات الوطنية المكلّفة بالرقابة والمحاسبة والعمل بجدّية على تطهير البلاد من الرّشوة والمحسوبية والجهوية· من ناحية أخرى، أبرزت المنظّمة أهمّية الجانب التاريخي المرتبط بحقبة الاحتلال الفرنسي مؤكّدة أنه سيظلّ (محورا أساسيا) في نشاطها، وشدّدت في هذا السياق على أن نجاحها في أداء رسالتها (سيبقى مرهونا بمدى تأثيرها في المؤسسات التربوية والتكوينية بما يلزم هذه المؤسسات بإعطاء مادة التاريخ الوطني ومرحلة ثورة التحرير مكانة متميّزة في منظومتنا الوطنية)· وبالنّظر إلى أهمّية البعد التاريخي خاصّة ما تعلّق منه بثورة التحرير ترى المنظّمة أن هناك ضرورة لمواصلة استكمال مسعى تسجيل شهادات المجاهدين وجمع المعطيات بكلّ الوسائل المتاحة مع إدراك ما لهذا المحور من أهمّية في تحصين مكوّنات الهوية الوطنية· ومن ناحية أخرى، فإن الجانب المتعلّق بإحياء المناسبات الوطنية والتاريخية وتخليد ذكريات الشهداء كان ضمن أولويات المنظّمة، إلى جانب مساهمتها في الأنشطة المتعلّقة بذلك· وبالمناسبة تمّ التأكيد على دور المنظّمة (كطرف أساسي وقوّة اقتراح تستمدّ شرعيتها وأهمّيتها من مكانتها التاريخية ومن تضحيات الشهداء والمجاهدين الذين كان لهم الفضل في قهر الاستعمار وطي صفحة مظالمه)· ومن جانب آخر، أبرز المؤتمر ال 11 للمنظّمة دور المجاهدبن وذوي الحقوق في التفاعل مع الأحداث الهامّة التي ستشهدها البلاد خلال السنة الجارية، وفي مقدّمتها إحياء الذّكرى ال 50 لعيد النّصر واسترجاع السيادة الوطنية، وكذا الانتخابات التشريعية والمحلّية· وفي هذا الشأن أعربت المنظّمة عن أملها في أن تكون هذه الاستحقاقات (منطلقا حقيقيا) نحو مرحلة جديدة في مسيرة الوطن لاستكمال خطوات بناء دولة وطنية عصرية· واختتمت مساء الأحد أشغال المؤتمر الحادي عشر للمنظّمة الوطنية للمجاهدين بانتخاب تشكيلة المجلس الوطني الذي أصبح يضمّ 382 عضو بعدما كان 326 وهذا طبقا للتعديلات التي أدخلت على القانون الأساسي للمنظّمة· ومن المنتظر أن ينعقد المجلس لاحقا في دورة استثنائية لانتخاب أعضاء الأمانة الوطنية والأمين العام للمنظّمة·