يعيش سكان حي الهواء الجميل بباش جراح معاناة حقيقية بسبب الانتشار الكبير للباعة الفوضويين عند مدخل المساكن والعمارات وفي الشارع الرئيسي للحي مما يؤدي إلى غلق كامل الممرات ومحاصرة سكانه داخل بيوتهم، ورغم أن هذا السوق لم تحصل فيه الكثير من الاعتداءات إذا قارنها بحجم النفايات التي حوّلت حياة السكان إلى جحيم بسبب السوق الفوضوي الذي أصبح سرطانا حقيقيا يهدد حياة المواطنين، إضافة إلى غلقه للطريق، ناهيك عن المزابل التي يخلفها يوميا التجار وراءهم هذا· وقد أكد العديد من محدثينا أن أغلب تجار الطاولات والتجار الذين يتوافدون على هذه السوق يملكون محلات ولكنهم يفضلون عرض سلعهم على قارعة الطريق بسبب كثرة المتسوقين على جانب الطريق خاصة النساء منهم اللواتي يتجنبن الدخول إلى السوق· بائع آخر أرجع سبب اقتحام التجار للطريق إلى ضعف الإقبال على سلعهم بالمحلات مما يجبرهم على الخروج إلى الطريق لبيع سلعهم حتى يتجنب الوقوع في خسارة كبيرة خاصة وأن المنافسة مبدأ طبيعي في اقتصاد السوق، وهناك من أرجع سبب رفض الباعة الفوضويين البيع في المحلات التجارية إلى تموقعها في أماكن معزولة وبعيدة عن التجمعات السكنية، وأورد لنا مجموعة من المشاكل التي يتعرض لها الباعة بالرصيف منها عدم الاستقرار والمطاردة من طرف أعوان الأمن، إلى جانب التغيرات الجوية التي تؤثر على صحتهم، مشيرا إلى الوعود المقدمة من أجل تسوية وضعيتهم في القريب العاجل من أجل وضع حد للبيع العشوائي الذي شوّه منظر الحي وكان محل انتقاد المواطنين نظرا لما يسببه من إزعاج وفوضى دائمين، يحدث هذا في انتظار أن تلتفت السلطات إليهم بوضع سوق خاصة بهم لعرض سلعهم بعيدا عن الأرصفة المخصصة للمشاة وقريبة من المدينة· حيث صرح لنا السيد (محمد· ر) (بأن المتسوقين يتعرضون يوميا لاعتداءات وابتزاز وسرقة هواتفهم النقالة والمال الذي يتبضعون به)، من جهته يؤكد أمين وهو بائع أدوات التجميل بالسوق، (لقد أصبح السوق الفوضوي كارثة حقيقية بالنسبة للسكان بسبب انتشار الأوساخ والبعوض)· هذه الأسواق الفوضوية التي تنتشر في مختلف الأحياء بالرغم من وجود مراكز تجارية ضخمة بجوارها بمقربة من البريد المركزي القديم، حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد البائعين الفوضويين في تزايد مستمر، تجار ناشطون يعملون وسط الفوضى والمارة وأكثر شيء ملفت للانتباه هو ذلك التهافت الكبير للمواطنين على مختلف السلع المعروضة على الطريق خاصة السلع الاستهلاكية التي تشكل خطرا على حياة المواطنين بسبب تعرضها لأشعة الشمس طوال اليوم خاصة ونحن على أبواب فصل الصيف الذي تكثر فيه الأمراض بسبب غياب أدنى شروط الحفظ· فقد كانت هناك آراء مختلفة لبعض الناس الذين صادفنهم هناك، حيث وجدنا العديد منهم يفضلون المحلات التجارية من أجل سلامة أنفسهم وأموالهم، إذ قالت السيدة سعدية: (لقد تعرضت في وقت مضى إلى سرقة هاتفي النقال ومنذ ذلك الوقت وأنا أتفادى دخول الأسواق الفوضوية المزدحمة التي تعج بالناس، كما أنني أفضل شراء مستلزماتي من المحلات التجارية لضمان جودة السلع المبتاعة)· أما السيدة (ن·ع) فرأيها كان مخالفا: (نحن عائلة تتكون من سبعة أفراد ومدخول زوجي الشهري لايلبي جميع احتياجاتنا، لذا فإن وجود مثل هذا السوق هو في صالح الناس البسطاء مثلي لأن أسعاره في متناول الجميع هنا، فرغم الفوضى إلا أنني ضد قرار ترحيل هؤلاء التجار، وهذه السيدة لم تكن الوحيدة التي كانت لديها هذه النظرة وإنما اغلبية المواطنين الذين التقيناهم حبذوا وجود مثل هذه الأسواق باعتبارها المتنفس الوحيد لهم لتناسب أسعار السلع مع متطلباتهم واحتياجاتهم· ومن جهتهم اشتكى أصحاب المحلات التجارية المتواجدة داخل المركز التجاري الكبير (المركز التجاري حمزة) من أصحاب تجار السوق الفوضوية، مشيرين إلى تدهور الوضع البيئي للسوق وتشويه منظر محلاتهم وغلق المداخل في وجه المتسوقين، مطالبين السلطات بالتدخل العاجل من أجل القضاء على هذه الآفات بعد انتشار المزابل الفوضوية وتلوث البيئة وانعدام مرافق الحياة الضرورية، وعرض السلع لم يتوقف عند هذا الحد حيث تحول مدخل المستوصف بالمنطقة إلى واجهة لعرض السلع مما أدى إلى تحويل المدخل· فبالرغم من الشكاوى والعديد من المراسلات التي بعث بها العديد من الباعة من أجل إيجاد حل لوضعيتهم أو شكاوى المواطنين الرافضين لهذا السوق والفوضى المحدثة، تبقى بذلك أسواق حي الهواء الجميل بباش جراح (الدلالة) تعيش حالة من الفوضى خلقتها ممارسات التجار من جهة ولا مبالاة المسؤولين من جهة أخرى ليبقى المتضرر الوحيد هو المواطن البسيط الذي يقصد هذه الأسواق لسبب واحد وهو ارتفاع السعر وغلاء المعيشة·