على الرغم من رفض فكرة التعدد في مجتمعنا إلا أن الكثير من النسوة يجدن أنفسهن مجبرات على تقبل أوضاع لم يسبق لهن أن فكرن في تقبلها، كأن يعشن مع ضرائرهن في نفس البيت ومحاولة التعايش مع وضعهن من خلال البحث عن وسائل ممكنة لتجنب المشاكل التي قد تنشب بين الضرائر، لتكون النتيجة في نهاية المطاف اقتسام نفس البيت ومشاركة نفس الرجل· بعد أن شاء قدر كل واحدة منهن أن تقاسم زوجها مع امرأة أو حتى امرأتين أخريين، ليعشن جميعهن تحت سقف بيت واحد، ويتنفسن نفس الهواء ويتناولن من نفس الصحن، بعد أن ساقتهن الظروف للزواج بنفس الرجل، والإنجاب منه أبناء كلهم يحملون نفس الدم والاسم· وعلى الرغم من رفض الكثيرات لفكرة التعدد في الجزائر، إلا أن منهن من خضعت للأمر الواقع عليها بعد أن وضعها زوجها أمامه، وبدأت الفكرة تتغلغل شيئا فشيئا، ولاجتناب الحرام يذهب الزوج إلى التعدد واتباع طريق الحلال الذي شرعه الله تعالى، والعينات التي كشفها الواقع تبين مدى الوعي الذي وصلت إليه بعض النسوة في الوقت الحالي، فيخترن التعايش بدل هدم العلاقة وتشتيت الأبناء واللجوء إلى الطلاق· وعادة ما يقدم على تلك الخطوة رجالٌ ميسورو الحال لتحقيق العدل والرخاء للزوجتين معا وعدم تضييع حقوقهما، ولم يعد البحث عن الزوجة الثانية أو الثالثة لغرض الإنجاب أو العيش الكريم كشروط ضمنتهما الزوجة الأولى، وإنما من أجل توسيع العائلات أكثر فأكثر وتعدد الأبناء وكذا تخفيف العنوسة التي نخرت مجتمعنا· من تلك العينات حالة سيدة كانت تعيش مع زوجها على الحلوة والمرة خاصة وأن زوجها إنسان متدين وكان من أنصار التعدد، ووافقت هي من الأول على شرطه على الرغم من صعوبة الأمر نوعا ما، وبالفعل بعد مضي أربع سنوات رزقهما الله فيها بطفلة وولد راح يخبرها أنه سوف يأتيها بامرأة أخرى تؤانسها وحدتها، وأنه اختار طريق الحلال ومصارحتها ورأى أن ذلك أحسن بكثير من خداع نفسه مع الله تعالى وخداعها، وبالفعل استعصى عليها تقبل الأمر إلا أنها شيئا فشيئا تقبلته واستقبلتها فعلا ببيتها، خاصة وأنه بيت متكون من طابقين لتستقل هي في الطابق السفلي وتستقل الأخرى في الطابق العلوي، وعلى الرغم من بعض المناوشات البسيطة التي تحدث بين الفينة والأخرى بينهما إلا أنهما تحرصان على استقرار الأوضاع فيما بينهما، بحيث تحرص كل واحدة منهما على اصطحاب الأخرى عندما تكون مدعوة إلى مناسبة ما، أو عندما تريدان عيادة مريض، كما تحرص كل واحدة منهما على الوقوف إلى جانب الأخرى في أية محنة تصيبها· عينة أخرى عاشتها سيدة في إحدى القرى النائية بحيث كان سبب جلب زوجها لامرأة ثانية الإنجاب، مستغلا مرور سنوات من زواجهما دون إنجاب، حيث بدأت الغيرة تأكل قلبها الذي كان يشتعل نارا، وهي ترى كيف يعامل زوجته الثانية في الوقت الذي أصبحت تعيش فيه هي على الهامش، تعايشت مع الوضع، وتقبلت ضرتها محاولة إيجاد وسيلة للتفاهم معها دون أن تحدث بينهما مشاكل، خاصة أن زوجها لم يفرط فيها وصان عشرتها بالرغم من زواجه من امرأة أصغر منها، فبقيت محافظة على كل صلاحياتها داخل البيت، وبقيت كلمتها مسموعة، كما حاولت احتضان ضرتها الثانية بحكم صغر سنها، فربتها على يديها كما يقال، لكن بالرغم من ذلك كانت تحس بأن زوجها يفضل زوجته الثانية عليها، ويظهر ذلك جليا من خلال معاملته لها لكن مع مرور الأيام تآلفتا، واستغلت الزوجة الأولى التفاهم الذي ساد بينها وبين ضرتها، من أجل تعويض إحساس الأمومة الذي حرمت منه، من خلال رعاية أبناء ضرتها والاهتمام بهم، وهو الأمر الذي لم ترفضه ضرتها التي وجدت من يساعدها على تربيتهم وعوضت بذلك إحساس الأمومة التي افتقدته خاصة عندما تسمع كلمة (أمي) من أفواه أبناء ضرتها الذين فتحوا أعينهم فوجدوها تقوم مقام والدتهم·