تعتبر منطقة حمام ملوان من بين أهم المناطق السياحية التي تزخر بها ولاية البليدة، حيث يفضل معظم الناس التوجه إلى مثل هذه الحمامات المعدنية وذلك لخصوصيتها الشفائية، هذه الميزة التي جعلت حمام ملوان هذه المنطقة الصغيرة والهادئة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، والحاملة بين طياتها العديد من الأسرار والأساطير قبلة تستقطب الكثير من العائلات الجزائرية التي أصبحت تفضل حماماتها المعدنية والاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة للتنزه والترويح عن النفس، ناهيك عن السياح العرب والأجانب الذين يقصدونها من كل صوب وحدب· تقع منطقة "حمام ملوان" المعروفة بحماماتها المعدنية وطبيعتها العذراء بولاية البليدة على بعد 35 كلم عن منطقة بوقرة و45 كلم غرب العاصمة، يقصدها الناس من داخل الوطن وخارجه للراحة والاستجمام، وتتكون المنطقة من نهر يقصده الناس صيفا إضافة إلى المحطة المعدنية والفندق التابع لها وكذا المركب الجواري للشباب وهذا الأخير يشكل بدوره قطبا سياحيا آخر، وهو يقع بالمقطع الأزرق على بعد خمسة كيلومترات من منطقة حمام ملوان أين يتواجد هذا الأخير على سفوح جبال الشريعة، ويقع ببلدية صغيرة سميت باسمه واختلفت الأساطير حول مكتشف هذه المنطقة أين تقول إحداها أن النبي سليمان عليه السلام عندما أراد أن يقوم بجولة طويلة عبر العالم، أوفد جمعا من العفاريت والجن ليستكشفوا له الطريق، ويحضرون له حمامات للاستراحة من تعب السفر والاستجمام وكان من بين ما اكتشفوه هذا الحمام، الذي لا يزال الجزائريون لحد اليوم لا يعرفون سر هذه القدرة الخارقة التي يتمتع بها حمام ملوان في الشفاء من الأمراض المستعصية والعديد منهم أصبحوا يقصدونه اليوم للتبرك بمياهه لإيمانهم بأنها تقضي على الأمراض المزمنة كأمراض المفاصل والروماتيزم، ومختلف الأمراض الجلدية وحتى لمن يعانون من العقم· وهناك أسطورة أخرى أكثر تداولا بين سكان المنطقة والوافدين إليها من سياح مفادها أن ابنة الداي حسين أصابها طفح جلدي شل جميع أعضائها وأقعدها الفراش، ولم يجد له الأطباء أي دواء، فأشار إليه أحد مقربيه بأخذها إلى مكان في سفح جبال الأطلس البليدي وبالضبط إلى حمام سيدي سليمان كما كان يسمى سابقا، وأنه وبمجرد أن استحمت الفتاة بمياه الحمام حتى شفيت واسترجعت قواها، وعاد إليها لون بشرتها، ومن هنا سمي الحمام بحمام ملوان، ولذلك تكرم الداي حسين ببناء قبة سيدي سليمان التي تحتوي على المياه المتدفقة من النبع المالح، وصهريج العروس الذي يحتوي مياه النبع العذب، ومن هنا لا يزال الجزائريون يؤمنون بالقدرة العجيبة التي تتمتع بها مياه حمام ملوان في الشفاء من الأمراض المستعصية، حيث لا تزال لحد الآن تمارس به الطقوس والعادات المتوارثة عن الأجيال خاصة من طرف النسوة اللواتي يجلبن معهن عند زيارتهن لهذا الحمام الشموع والحناء وكأنهن في زيارة إلى ضريح أو مقام أحد الأولياء الصالحين· مرضى يقصدون المكان بحثا عن العلاج ينقسم حمام ملوان إلى قسمين قسم خاص بالرجال وقسم آخر خاص بالنساء وكل قسم عبارة عن مسبح كبير يغطس فيه الجميع كما أنه مهيأ بغرف خاصة لمن أراد الاستحمام بمفرده، إلا أن أغلب زوار الحمام هم من النساء اللواتي يجلبن معهن بناتهن، حيث يسود الاعتقاد بأن خطبة إحدى الفتيات بهذا الحمام يعد بركة لازالت مترسخة منذ عهد الداي حسين، كما أنه قبلة للمرضى الذين يقصدونه بحثا عن الشفاء من الأمراض المزمنة كالروماتيزم ومختلف الأمراض الجلدية وهذا لما تحتويه مياه حمام ملوان من مواد طبيعية قادرة على شفاء بعض الأمراض، خاصة لمن يعانون من مثل هذه الأمراض وبفضل موقعه المميز والمطل على جبال الشريعة أضحى قبلة لعشاق الطبيعة والباحثين عن الهدوء والراحة تحت ظلال أشجار الصنوبر بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها، وللتمتع بالسباحة في مياه النهر التي تتدفق من أعالي جبال الشريعة، كما يعتبر المقطع الأزرق، هذه المدينة الصغيرة والهادئة والتي لا تبعد عن حمام ملوان إلا ببعض الكيلومترات والتي تعود إليها الحياة مع كل موسم صيف خاصة مع تحسن الأوضاع الأمنية والتي عرفت معها توافد العشرات من السياح عليها، والقادمين من مختلف مناطق الوطن إذ يبلغ عدد الزوار في فصل الصيف ما يقارب 1500 زائر يوميا، ويكثر الإقبال خاصة مع عطلة نهاية الأسبوع والعطلة الصيفية، كما شهدت المنطقة حضورا مكثفا للأجانب في الآونة الأخيرة، وهذا ما أكسبها ميزة سياحية فريدة ومتميزة· ونساء يحجن إلى المكان لنزع السحر والحسد وجلب الحظ! المتداول بين زوار المنطقة هو الاعتقاد السائد خاصة بين النسوة اللواتي يجلبن بناتهن للاستحمام في عوينة البركة قصد جلب الحظ خاصة في الزواج أين تتزاحم النسوة على هذه العين للاستحمام بمياهها الساخنة التي تصل درجة حرارتها إلى 40 درجة والمالحة تبركا بالولي الصالح سيدي سليمان، حيث يعمدن الفتيات على ترك شيئا من ملابسهن داخل الغرفة التي تحوي هذه العين لجلب الحظ لهن كما تقصده النسوة اللواتي لا ينجبن أولاد وكذا المصابين بالعين والحسد والسحر لاعتقادهن أن هذه المياه ستخلصهن من سوء الحظ الذي يلازمهن هذا كما صرحت لنا خالتي فاطمة التي جاءت لزيارة المنطقة أنها من المترددات على هذا الحمام وأن كلما أصابها همّ أو غمّ تقصده وترتاح كلما دخلته مؤكدة أن بناتها السبعة تزوجن بعد زيارته والاستحمام بمياهه الطاهرة، أما حفصة هي امرأة متوسطة العمر قصدت المكان بعدما سمعت عنه من حكايات تؤكد قدرة مياهه على فك الأعمال والسحر وقالت أنها محسودة وجاءت لفك السحر الذي عمل لها، وبين هذا وذاك تبقى منطقة حمام ملوان من بين المناطق السياحية التي تستقطب العديد من الزوار من كل حدب وصوب باختلاف المعتقدات والعقليات·