تضاعفت في الآونة الأخيرة حوادث المنازل التي أودت بحياة الكثير من الأطفال أو سببت لهم أزمات نفسية كانت بطلاتها وبامتياز جليسات الأطفال، هذه الموضة الجديدة التي دخلت الجزائر في السنوات الماضية فقط لتخلص الأمهات من عناء التفكير في مكان لوضع أولادهن من أجل العمل أو التنزه دون إزعاج، وتضع الأطفال في وجه واقع خطير تصنعه الحوادث اليومية من سقوط وتسممات إلى اختطاف وانحراف، الآثار التي تتحمل مسؤوليتها الجليسات اللواتي يعوضن دور الحضانة التي تغلق أبوابها مع نهاية كل موسم بسبب انتهاء البرامج والأفكار التي يتم تطبيقها للأطفال كل سنة، فبانتهاء عمل دور الحضانة يبدأ الطفل حياة أخرى تصنعها معاناته مع الجليسات ويومياته مع الأخطار التي تهدد براءته . وهنا ظهرت مهنة مجالسة الأطفال بشكل ملفت للانتباه خاصة مع حلول فترة العطلة الصيفية، حيث يتم غلق أغلب دور الحضانة، إذ تستغل الكثيرات هذه الفرصة من أجل كسب المال من خلال هذه المهنة التي تراها بعض الفتيات مناسبة جدا لذا تلقى إقبالا كبيرا من الفتيات، كما تلقى ترحيبا من العائلات خاصة الأمهات اللواتي يجدنها فرصة للتخلص من عناء التربية والحرص على أبنائهن والمكوث معهم، لذا تلجأ الأسر إلى جلب (المربية) أو(الجليسة) إلى المنزل قصد الاهتمام بأبنائها حتى تجد راحتها في العمل دون إزعاج ودون اللجوء لاصطحابهم إلى مكان العمل، فتمكث الجليسة برفقة الأولاد في منزلهم لتفتح الأسر بذلك الباب أمام خطر داهم على مستقبل الأطفال مقابل مبلغ يتراوح بين 2500 و4000 دج للشهر الواحد، وقد يتجاوز هذا المبلغ بكثير على حسب عدد الأطفال.. فهذا الباب الذي تفتحه الأمهات للجليسات من أجل الاسترزاق ليفتح معه باب آخر من الحوادث الصادمة التي يهتز لها المجتمع كل مرة على اعتبار أن مهنة مجالسة الأطفال تعتبر من المهن الحرة التي تفتقد إلى الضوابط من ناحية التأمين الاجتماعي والراتب الشهري، كما يجمع الكثيرون أن هذه المهنة ليست من المهن المصرح بها، وفي حديثنا لجليسة أطفال تعمل منذ شهر أفريل الماضي عند إحدى الأسر العاصمية أكدت أن هذه المهنة صعبة جدا وتعتبرها مسؤولية كبيرة تلقى على عاتقها، فهي تجد صعوبة كبيرة في التحكم بالأطفال ممن تختلف ميولاتهم وشخصياتهم ولكن طلب لقمة العيش يفرض عليها التحمل - كما تقول- و تضيف المتحدثة أنها لا تلمس أي اهتمام لدى الأمهات فهي تشغل هذه المهنة منذ سنتين إذ لم تصادف أي أم سألت عن مستواها التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي فكل ما يهمهن هو الاعتناء بأبنائهن وتخليصهن من هذه المسؤولية من أجل العمل أو الاصطياف. وفي دردشة لنا مع بعض النساء العاملات أكدن لنا أن مهنة الجليسة أصبحت ضرورية جدا في وقتنا هذا، إذ ذكرت لنا سيدة تشغل منصب مديرة مدرسة أنها لا تجد وقتا لابنها خاصة مع نهاية الموسم إذ تكثر حصص التصحيح والامتحانات، ولكن تتناسى هذه الأمهات أن الجليسات لسن بأمهات حقيقيات قد يعرضن أبنائهن لأخطار كثيرة كما حصل مؤخرا بإحدى الأحياء بالعاصمة إذ سرقت الجليسة كل ما في البيت تاركة الأطفال عند إحدى الجارات بحجة أنها سوف تعود، غير أنها ذهبت ولم تعد تاركة وراءها حسرة كبيرة وأزمة أكبر عند الطفلين اللذين تعودا عليها حتى أنهما يفضلانها على والدتهما.. كما تهمل بعض الجليسات الأطفال ولو كان بدون قصد فيتعرض الطفل للحرق أو الكسر أو حتى التسممات من جراء الأكل غير الصحي، إضافة للعادات غير السليمة فيما يتعلق بالأكل أو طريقة الكلام مع الأهل، إذ تروي لنا سيدة أن ابن أختها تعلم كلمات بذيئة وهو لا يتجاوز ال5 سنوات من المربية التي لا تملك مستوى علميا ولا ثقافيا كما تضيف المتحدثة أن أختها مازالت تعاني من أجل أن تنسي الطفل ما تعلمه من عبارات لاأخلاقية. في الوقت الذي تعتبر فيه بعض الأسر الجزائرية أن الجليسة هي موضة ووجاهة اجتماعية، في حين أنها يمكن أن تتحول إلى قنبلة موقوتة من غزو ثقافي وعاطفي للأطفال وتهديد خطير للطفل قد لا تفلح الأمهات في التصدي له مع مرور الوقت..