من أكثر الأحاديث المتداولة على ألسنة المسلمين عن شهر رمضان، حديث (شهرٌ أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار). وهو حديث ضعيف غير صحيح ومن العجيب أن من يردده كثيراً خطباء المساجد ناسبينه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث جزءٌ من حديث طويل، نصُّه: (يا أيها الناس قد أظلكم شهرٌ عظيم، شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضةً، وقيام ليله تطوعًا. مَنْ تقرَّب فيه بخصلةٍ من الخير كان كمَنْ أدَّى فريضةً فيما سواه، ومَنْ أدَّى فيه فريضةً كان كمَنْ أدَّى سبعين فريضةً فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهرُ المواساة، وشهر يُزاد فيه رزق المؤمن، ومَنْ فطَّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء. قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم! قال: يعطي الله هذا الثواب مَنْ فطَّر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومَنْ أشبع صائمًا سقاه الله من الحوض شربةً لا يظمأ حتى يدخل الجنة. وهو شهر أوَّله رحمة، ووَسَطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار. فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألون الجنة، وتعوذون من النار). وهذا الحديث أخرجه ابن خزيمة وغيره عن سلمان الفارسي، وفي إسناده علي بن زيد بن جُدعان، ضعَّفه أحمد وغيره (انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة _ المجد الثاني_ حديث رقم 871). وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: (أول شهر رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار)، أخرجه العقيلي وابن عدي والخطيب في (الموضح)، والديلمي وابن عساكر، وفي إسناده سلام بن سليمان بن سوار؛ قال ابن عدي: (هو عندي منكر الحديث) . وفيه أيضًا: مسلمة بن الصَّلْت؛ قال أبو حاتم: (متروك الحديث)؛ (انظر: السلسلة الضعيفة _ المجلد الرابع _ حديث رقم 1569).