لم تجد أسرٌ معوزة كثيرة الحل من اجل التحضير للشهر الكريم واستقباله في ظروف حسنة إلا باللجوء إلى حلول على الرغم من سلبيتها إلا أنها تغنيها عن المتاعب وتذوق العوز خلال رمضان، فهي تأبى إلا أن تجتاز الشهر الكريم في ظروف ملائمة مثلها مثل الأسر الأخرى التي تبتهج وتفرح بحلول الشهر. الأسر المعوزة هي الأخرى لم تفوت الفرصة وراحت تبتكر الحيل للوصول إلى ضبط ميزانية رمضان واستيفائها، فمنها من راحت إلى الاقتراض، ومن النسوة من لجأن إلى بيع ورهن مجوهراتهن الذهبية، وهناك من العائلات من ألزمتها ظروفها بالاستغناء عن بعض أثاثها والالتزام بجزء بسيط منه، كل ذلك من اجل اجتياز رمضان لا نقول في ظروف جيدة وإنما عادية جدا. ذلك هو حال بعض الأسر الجزائرية التي أوصلتها ظروفها الصعبة إلى اعتماد تلك الحلول السلبية من اجل استيفاء متطلبات الشهر الكريم وميزانيته الباهظة التي تشتكي منها حتى العائلات متوسطة الدخل. التقينا ببعض أفراد تلك العائلات الذين قصوا علينا ظروفهم المزرية التي دفعتهم دفعا إلى تلك الحلول على الرغم من سلبيتها، بسوق باش جراح وبالضبط بدلالة الذهب التقينا ب "ك" التي قالت أنها أجبرت على بيع كمية من ذهبها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها وأسرتها وزوجها العاطل عن العمل كونه يمتهن مهنا حرة مؤقتة، وبعد مشاورته قررا بيع كمية من المجوهرات لتغطية تكاليف الشهر إلى غاية استئنافه العمل، وأضافت أن الذهب يُعوَّض فهي تأبى أن ترى أسرتها في أسوء الأحوال خلال رمضان. أما أخرى والتي كانت بمحاذاتها لنفس الغرض كانت جد متوترة فاقتربنا منها فقالت أن الكمية التي أتت بها من الذهب لم تعد عليها إلا بمبلغ بسيط لا يتجاوز 5000 دينار، ذاك المبلغ الضئيل الذي لا يمكنها حتى من شراء بعض الأشياء قبل رمضان فما بالها في رمضان وقالت أنها ستتجه إلى البنك لرهنه علها ستستفيد من مبلغ اكبر. وإذ اختارت بعض النسوة التصرف في مجوهراتهن الذهبية تجسيدا للمثل الشعبي المتداول في الجزائر والقائل"الحدايد للشدايد"، فقد راحت عائلات أخرى إلى حلول مغايرة منها الاقتراض من الغير وهناك من وصل بهم الأمر حتى إلى بيع بعض أثاثهم من اجل الحصول على عائدات، قال السيد "م" انه سيجبر على اقتراض مبلغ مالي من أخيه لاجتياز رمضان خاصة وان زفاف ابنته الذي جرت مراسيمه قبل رمضان بأسبوع استنزف كل أمواله ولا يسعه إلا اللجوء إلى الاقتراض ورد المبلغ حال اعتدال ميزانيته، وقال انه اجبر على ذلك على الرغم من عدم تقبله لتلك العادة وتحمله الدين فيما بعد، إلا أن ليست بيده حيلة أو حل آخر يعتمده في ظل الميزانية الكبيرة الذي يتطلبها الشهر الكريم. الحل الغريب نوعا ما والذي صادفناه بأحد محلات بيع الأثاث القديم على مستوى العاصمة هو لجوء بعض الأسر حتى إلى بيع بعض مستلزماتها المنزلية كالأسرّة والأواني النحاسية القديمة وحتى بعض المفروشات.. ذلك ما أعلمنا به صاحب المحل الذي قال انه يستقبل كل سنة قبيل رمضان العديد من الزبائن الذين يقصدونه لعرض بعض المستلزمات المنزلية على غرار الأثاث وبعض الأواني النحاسية لتغطية تكاليف رمضان، وقال أن معظم الأشياء التي يعرضونها للبيع تكون في حالة جيدة ويخبرونه انه لولا العوز لما تخلصوا منها ببيعها لاسيما التراثية منها التي ورثوها مند أمد بعيد. ذلك هو حال بعض العائلات الجزائرية التي تتذوق مرارة العوز والظروف الصعبة وما زاد الطين بلّة هو ارتفاع الأسعار وجشع التجار المعلن في رمضان من كل سنة، فلابد من التحلي بالرحمة في شهر الرحمة مصداقا لقول الرسول علية أزكى الصلاة والسلام "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".