تزامن شهر رمضان هذه السنة مع العطلة القضائية التي تمتد عادة مابين 15 جويلية و15 أوت ما جعل المحاكم هي الأخرى تصوم عن طرح العديد من الملفات حيث اكتفت بمعالجة القضايا التي يتواجد المتورطين فيها رهن الحبس والقضايا المستعجلة إلى جانب حالات التلبس، لكن الغريب في الأمر إن المحاكم الجزائرية منذ ما يقارب أربعين سنة تصوم خلال هذا الشهر الفضيل عن النطق بأحكام الطلاق. أجواء المحاكم في شهر رمضان شبيهة بأجواء الشارع كل شيء فيها جامد، حيث يتم تقليص أيام النظر في قضايا الجنح إلى يومين أوتلاثة أيام في الأسبوع في المحاكم الابتدائية أما مجلس قضاء العاصمة فيخصص يومين لطرح مختلف القضايا في حين يخصص يوم الخميس للجلسات الاستثنائية المتعلقة بقضايا الفساد ونهب المال العام وتقتصر معظم القضايا في المحاكم الابتدائية على الملفات المستعجلة والقضايا التي يتواجد المتورطين فيها رهن الحبس الاحتياطي أما القضايا التي استفاد فيها المتهمين من الاستدعاء المباشر فيتم تأجيلها تلقائيا إلى غاية شهر سبتمبر ما بعد العيد. السكون يخيم على جلسات المحاكمة تسيير القاضي للجلسة في شهر رمضان لا يختلف كثيرا عن الأيام العادية غير أن الملفت للانتباه هو السكون الذي يسود قاعات الجلسات مما يسهل على القاضي التحكم في سير الجلسة حيث تقل الحركة خارج القاعة ويلتزم جميع الحضور بالسكوت لعدم قدرتهم على الأخذ والرد فيما بينهم لأن الصيام فعل فعلته وأحجم قدراتهم عن التشويش وإحداث الضجيج الذي طالما يستدعي القاضي في الأيام العادية لإيقاف الجلسة وإعذار المتسببين سواء كانوا من أصحاب الجبة السوداء أو المواطنين قبل أن يستأنف القضية. شهر رمضان فرصة أيضا للصحفيين المكلفين بتغطية المحاكم لإراحة حاسة السمع لديهم وتنفس الصعداء بعد المعاناة التي عاشوها بقية الأشهر الأخرى، حيث بإمكانهم متابعه تفاصيل القضية و سماع التماسات النيابة دون بدل أي جهد أو التحرج بسؤال المحامين في الصف الأول فالهدوء الذي يخيم القاعة حلم يتم تحقيقه سوى في هذا الشهر الفضيل. المحاكم تصوم عن النطق بأحكام الطلاق تواصل المحاكم الجزائرية منذ ما يقرب من 40 عاما كالعادة إحجامها عن إصدار أحكام الطلاق داخل أروقتها خلال شهر رمضان في خطوة منها للمساعدة على إصلاح ذات البين في الشهر الفضيل الذي يعتبر فرصة للأزواج المتنازعين لحل المشكلات بينهم حفاظا على الأسرة. المحاكم الابتدائية بحكم العرف القضائي تصوم عن إصدار أحكام في قضايا الطلاق طيلة شهر رمضان الفضيل، حيث توصد أقسام الأحوال الشخصية بالمحاكم أبوابها طيلة الشهر الكريم وفي هذا الصدد أوضح أحد المحامين أن الطلاق مكروه، وهو أبغض الحلال إلى الله، ويهتز له عرش الرحمن، وعليه فإن شهر رمضان مناسبة لفتح باب الصلح مضيفا أن شهر رمضان في المدة القليلة الماضية تزامن مع العطلة القضائية إلا أن هذا ليس السبب الوحيد في تجنب النطق بأحكام الطلاق، بل هو عرف قضائي، حيث لم تشهد المحاكم جميعها أي حالة طلاق منذ ما يقارب 40 سنة طيلة شهر رمضان. وأكد ذات المصدر جرت العادة أنه في رمضان لا تنطق المحاكم جميعها بأحكام الطلاق على الرغم من أن المرافعات وتبادل الملفات لا يتوقف، وكذا محاولات الصلح التي يعقدها القاضي، إلا أن ما يحدث في كل مرة هو تأجيل جميع القضايا إلى ما بعد شهر رمضان، وإن استنفدت كل الإجراءات وكانت مهيأة ، ويرجع السبب حسب ذات المحامي كون الأزواج يكونون أكثر تقبلا للنصيحة خلال شهر رمضان،لأن القيم والتعاليم الدينية هي التي تحكم تصرفات الناس وشئون حياتهم، والهدف الأول من تجنب النطق بأحكام الطلاق هو استغلال فرصة رمضان للصلح بين الأزواج الراغبين في فك الرابطة الزوجية، مستدلا بإحدى الحالات التي رافع فيها حيث تم التئام شمل الأسرة بعد أن كانت على المحك مؤكدا أن لزوجة كانت مصرة على الطلاق ولم تفلح جميع جلسات الصلح في تحقيق المرجو منها غير أن القاضي تفاجأ يعد أخر جلسة صلح المنعقدة في شهر رمضان بعدول الزوجة بعد يومين عن قرارها حيث قدمت مذكرة ترك الخصومة وبالتالي لم يقع الطلاق.