تمّ تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة في جمهورية مالي بعد مدّ وجزر كخطوة للعودة إلى النّظام الدستوري واستعادة الاستقرارعقب الانقلاب العسكري الذي شهدته في شهر مارس الماضي الذي سمح للجماعات المسلّحة بالسيطرة على النّصف الشمالي من البلاد بشكل كامل، ويأتي هذا المستجد السياسي الهام ليشكّل (بشرى) للجزائر بإمكانية استبباب الأوضاع قرب حدودها الجنوبية. تتألّف الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الحالي الشيخ موديبو ديارا الذي بقي في منصبه من 31 وزيرا بدلا من 24 في الحكومة السابقة، من بينهم تيامان كوليبالي الذي يشارك حزبه في الجبهة من أجل الديموقراطية والجمهورية وزيرا للخارجية في الحكومة، كما عيّن برونو مايغا وزيرا للاتّصالات وكان يشغل في الحكومة السابقة منصب وزير منتدب، فيما خلف كوليبالي في الخارجية الوزير ساديو لمين سوي. كما تمّ خلق وزارات جديدة متمثّلة في وزارة الشؤون الدينية ووزارة الصناعة التقليدية والسياحة. وتمّ تعيين رئيس مالي المؤقّت ديوكوندا تراوري ورئيس وزرائه موديبو ديارا في مناصبهم في أفريل الماضي بعد اتّفاق بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) والانقلابيين الذين أطاحوا بالرئيس أمادو توماني توري في ال 22 مارس الماضي. واختار تراوري موديبو ديارا رئيسا للوزراء وهو عالم فيزياء كان يعمل في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (نازا) لإدارة الحكومة الانتقالية تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وكان الرئيس ديوكوندا تراوري أمهل رئيس وزرائه 72 ساعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسّعة تحت ضغوط المجتمع الدولي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي حدّدت تاريخ 31 جويلية كآخر مهلة لتأليف حكومة وحدة وطنية وأعلنت جاهزية قوّتها التدخّل شمال البلاد لاستعادة الاستقرار والنّظام، كما هدّدت شهر جويلية الماضي بطرد مالي منها إذا لم يتمّ تشكيل حكومة وحدة جديدة في أقرب وقت. وصدر القرار الرئاسي بتشكيل حكومة جديدة بعد مشاورات أجراها الرئيس المالي المؤقّت في الأيّام الماضية مع ما يسمّى ب (القوى الحيّة) في البلاد وفي مقدّمها الأحزاب السياسية والمجلس العسكري الذي أطاح في انقلاب بحكم الرئيس أمادو توماني توري، ثمّ عاد وسلم السلطة بعد أسبوعين إلى نظام مدني انتقالي. وكان رؤساء دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا قد دعوا في 29 جوان الماضي الحكومة المالية الانتقالية إلى أن تكون (أكثر شمولية). وتواجه هذه الحكومة الجديدة تحدّيات كبيرة منها تحرير مناطق الشمال من كيد المسلّحين وفتح الباب أمام إجراء انتخابات شاملة حرّة ونزيهة وشفافة على شامل التراب الوطني وتحافظ على وحدة البلاد. ويعلّق الماليون آمالا كبيرة على حكومة الوحدة الوطنية التي تهدف إلى توحيد كلّ القوى الحيّة في البلاد لاستراجاع أراضي الشمال التي شدّدت عليها الجماعات المسلّحة قبضتها منذ أكثر من ثلاثة اشهر. وفي هذه الأثناء يعيش شمال مالي حالة من الفوضى والانفلات في ظلّ تواصل أعمال العنف وتدهور الوضع الإنساني وتدمير أضرحة الأولياء في (تمبوكتو) وزرع الألغام حول مدينة (غاو)، ممّا يزيد الوضع تفاقما يوما بعد يوم. وتزامنا مع هذه التطوّرات أعلن قائد الجيش الإيفواري الجنرال سومايلا باكايوكو أن بعثة (إيكواس) جاهزة لتنفيذ مهمّتها والانتشارفي مالي، مؤكّدا مشاركة 13 دولة إفريقية عضوة في التجمّع الإقليمي في القوة العسكرية الإفريقية للتدخّل في شمال مالي. وأكّد الجيش في مالي رفضه لنشر أيّ جنود أجانب من دول غرب إفريقيا (الإيكواس) في العاصمة، مبرزا أن أيّ تدخّل إقليمي يمكن فقط أن يحدث في شمال البلاد الذي تحتله جماعات مسلّحة. كما اعتبر قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال كارتر هام أن حلّ الأزمة في شمال مالي الذي تحتلّه جماعات مسلّحة ليس فقط عسكريا ولكن أيضا سياسيا.