يعاني أغلب الجزائريين من ضغوطات عصبية وذهنية شديدة، يوميا، وهذا راجع لطبيعة وظائفهم، أو نتيجة للظروف المحيطة بهم ، حيث أن أغلب الناس يمارسون نشاطاتهم في محيط يميزه الضغط الشديد والفوضى والسرعة، وغيرها من الأمور الأخرى التي تجعل الكثير من الجزائريين، يعانون من التوتر والعصبية، والنرفزة والقلق الزائدين، الأمر الذي يدفعهم إلى اللجوء لاستخدام مسكنات الألم المتنوعة في كل وقت، وهي المسكنات التي يقتنونها من الصيدليات، أو يجلبها لهم معارفهم وأقاربهم من خارج الوطن، خاصة بالنسبة للماركات العالمية المشهورة فيما يتعلق بمسكنات الألم، كالبنادول على سبيل المثال، الذي لاقى رواجا كبيرا في الجزائر خلال السنوات الماضية، بسبب الترويج الكبير له عبر الفضائيات العربية، ودخوله بقوة إلى السوق الجزائرية، إلى جانب عدد من ماركات الأدوية المسكنة للألم، الفرنسية الصنع على الخصوص. وقد ازداد معدل استهلاك الجزائريين لمسكنات الألم حتى بدون استشارة طبية، لدرجة أن كثيرين يحملون معهم مختلف أنواع المسكنات، من الجنسين، ولا سيما الموظفين والعمال والطلبة، وهي أكثر الفئات التي تتعرض للضغط والإرهاق باستمرار، وفي هذا الصدد، تقول إحدى السيدات وهي عاملة بإحدى الشركات الخاصة، إن طبيعة عملها المتسمة بالإجهاد الفكري الشديد، تجعلها تشعر دوما أن رأسها في حالة ضغط شديد، ولا تكاد تتخلص من الصداع، ولذلك فهي تحمل معها دائما مسكن (بارالقان) الذي تقول إنها تستهلكه بمعدل حبة يوميا، وأحيانا حبتين، غير أنها تعترف أنه وبعد فترة نسبية من استخدامها له، صارت لا تجد له مفعولا، مرجعة ذلك إلى زيادة الإرهاق والإجهاد لديها، قائلة إنها ستبحث عن مسكن ألم أقوى منه، لتضيف بأن العيب ليس في مسكن الألم الذي تستخدمه، وإنما في الطريقة الخاطئة التي تتناوله بها، وإفراطها الكبير في استهلاكه، وهذه ليست الحالة الوحيدة، بل هي حالة عدد كبير من المواطنين الذين صاروا مدمنين بشكل غير معقول على مسكنات الألم، مع كل ما يمكن أن يشكله ذلك من خطورة على صحتهم، رغم اعتقادهم أنها مجرد مسكنات ومهدئات للألم فحسب، ولا يمكنها أن تشكل أي خطورة تذكر على صحتهم، وإلا لما أمكنهم اقتنائها إلا تحت وصفة طبية، وهو مشكل آخر، يتعلق بهذا الموضوع، أي سهولة اقتناء هذه المسكنات وإيجادها في الصيدليات، واقتنائها من طرف الكبير والصغير، دون الحاجة إلى وصفة طبية. وهو ما حذرت منه العديد من الدراسات الطبية الحديثة، حيث أن الأصحاء الذين يقومون بتناول الأدوية المسكنة للأوجاع الخفيفة ولمكافحة الالتهابات، يزيدون من خطر إصابتهم بمشاكل في القلب، قد تؤدي مع مرور الوقت إلى الوفاة، كما ذكرت إحدى الدراسات أن هنالك بعض مسكنات الألم ينبغي توخي الحذر عند استخدامها، من بينها (ديكلوفيناك)، نظرا للكم الهائل من المشاكل الصحية المعقدة كأمراض القلب والمعدة. وأخيرا فإن التناول العشوائي للمسكنات، يزيد الألم بدلا من أن يزيله ويسبب أمراضاً خطيرة، أهمها الفشل الكبدي والكلوي، وغيرهما من الأمراض المعقدة.