تعرف ظاهرة استهلاك الأدوية بدون وصفة طبية استفحالا كبيرا من طرف الكثير من المواطنين، الذين يقصدون الصيدليات لاقتناء بعض الأدوية، وفي مقدمتها ”البراسيتامول” والمضادات الحيوية ومسكنات الألم، رغم وعيهم بانعكاساتها السلبية على صحتهم. يرى البعض أن هذا السلوك هو الحل الأنسب للاستغناء عن مراجعة الطبيب ودفع مصاريف في كل مرة يحس فيها بألم الرأس أو الصداع أو أي أعراض أخرى يعتبرها بسيطة ولا تستدعي استشارة الطبيب، وذلك بالاعتماد على نفسه، وإن استعصى عليه الأمر يستعين بصيدلي في تشخيص الداء واقتراح الدواء بدون استشارة الطبيب. وفي هذا الشأن ارتأت ”الفجر” أن تسلط الضوء على هذا الموضوع وتقف على بعض الأسباب المؤدية إلى ذلك. تدني القدرة الشرائية وراء العزوف عن مراجعة الطبيب أجمع بعض المواطنين ذوي الدخل المحدود أن العامل الاقتصادي وتدني مستوى المعيشة، من أهم العوامل التي تدفع المريض إلى شراء الأدوية بصفة عشوائية والاستغناء عن استشارة الطبيب. في هذا الاطار، قالت شهرة إن لديها حساسية موسمية، وهي في كل مرة تصاب بأعراضها تقوم بشراء الدواء الذي وصفه لها الطبيب المعالج دون وصفة، كونها تعرف اسم الدواء أو ”الماركة”. نفس الشيء قاله (ي.م)، موظف عمومي:”هناك بعض الأمراض لاتستدعي مراجعة الطبيب كالحمى وألم الرأس، وبحكم التجربة اعتدنا على شرائها من الصيدلية دون وصفة طبية”. وفي السياق، علق اسماعيل، موظف في شركة خاصة، قائلا:”هناك أمراض معروفة كالزكام والسعال، وعلاجها معروف كذلك لا يستدعي استشارة الطبيب”. .. وآخرون يفتقرون إلى الوعي اللازم أرجع بعض الصيادلة سبب اقتناء الأدوية بدون وصفة طبية إلى غياب الوعي لدى العديد من المواطنين، بالإضافة إلى أن بعضهم من ذوي الأمراض المزمنة يشترون نفس الأدوية دون مراجعة الطبيب مرة ثانية، وهو ما جاء على لسان صيدلي بشارع أول ماي:”لا نقوم ببيع بعض الأدوية إلا بعد سؤال المريض عن سنه ومعرفة إن كان يعاني من مرض ما لتجنب أي تأثيرات ثانوية على صحته”. نفس الرأي وجدناه عند صيدلي آخر بشارع حسيبة بن بوعلي:”هناك الكثير من الحالات التي تتردد علينا يوميا، والتي لاتستدعي تدخل الطبيب في كل مرة، كحبوب منع الحمل وبعض الأدوية المسكنة للألم”. .. وأدوية في محلات بيع المواد الغذائية! غير أن الشيء الملفت للانتباه في بعض المناطق الداخلية والنائية بالعاصمة وغيرها من المدن الجزائرية، هو أن عملية بيع الأدوية لا تتم في الصيدليات كما هو متعارف عليه، بل تباع في محلات لبيع المواد الغذائية، وما على المريض الذي يحتاج جرعة من أي دواء، خاصة تلك الأدوية المسكنة للألم كالبراسيتامول والأودية الخاصة بالإسعافات الأولية، إلا التوجه إلى أي محل من هذه المحلات واقتناء الدواء المطلوب دون الخضوع لمراجعة الطبيب، وهو ما وقفت عليه ”الفجر” في إحدى جولاتها الميدانية التي قادتها إلى عدد محلات بيع المواد الغذائية بأحياء الشراعبة والكاليتوس ومفتاح، فتبين أن باستطاعتنا أخذ أي دواء دون مراجعة صيدلي أو طبيب.. مختصون يدعون إلى التحسيس بمخاطر الظاهرة في هذا الخصوص، أشار فيصل عابد، المكلف بالإعلام بالنقابة الوطنية للصيادلة الخواص”أن أزيد من 5 بالمائة من المتوافدين على الصيدليات يوميا يقتنون أدوية دون وصفة طبية، مشيرا إلى أن ضعف الدخل وتدني مستوى المعيشة جعلت الكثير من المواطنين يعزفون عن مراجعة الطبيب بين الحين والآخر، تجنبا لتسديد تكاليف العلاج والكشف الطبي وكذا دفع الأتعاب، حيث لا يجد المريض حلا إلا في شراء الأدوية التي يصفها له بعض المتطفيلن على المهنة أو من عامة الشعب بدلا من إنفاق ميزانيتهم في العيادات الطبية”. وأرجع محدثنا سبب ذلك إلى غياب الوعي وضعف التكوين المهني في الجامعات، والتباين في القدرات المهنية بين الأطباء القدماء والجدد. وينطبق الأمر كذلك على الصيادلة، مؤكدا على ضرورة التحسيس بمخاطر اقتناء الأدوية بطرق عشوائية.