تعاني العديد من العائلات ذات الدخل المتوسط من عدة مشاكل أثرت على حياتهم بصفة مباشرة، وأصبح يتعذر على الكثير من العائلات زيارة الطبيب أو أخذ أولادهم أو حتى شراء كل الدواء الموصوف لارتفاع التكلفة، إذ يلجأون إلى ذلك إلا في الحالات المرضية القصوى، حيث انتشرت في المجتمع الجزائري ظاهرة تعتبر جد خطيرة بالنظر إلى الأبعاد والأخطار التي قد تنجم عن تناول الأدوية نتيجة الاستعمال الخاطئ للدواء أمام غياب الوصفة الطبية وشراء الدواء بصفة عشوائية، ولعل السبب الأول لمثل هذه التصرفات ينحصر في غياب الوعي لدى الأفراد وما يمكن أن يسببه هذا الفعل من مخاطر صحية قد تؤدي إلى حدوث حالات من التسمم أو حتى الوفاة عند الاستعمال المفرط. انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعتبر خطيرة في أوساط المجتمع الجزائري وهي تناول الأدوية بصفة عشوائية، حيث أصبح الكثير من الصيادلة يقومون بصرف الدواء دون استشارة طبية، وفي هذا الصدد ورغبة منا في معرفة أسباب هذه الخطوة قمنا بالتقرب من إحدى الصيدليات بالجزائر العاصمة فصرح لنا السيد (أمين) وهو بائع هناك، موضحا لنا الخطورة الناجمة عن مثل هذه الأفعال من خلال قوله: (إن تناول الأدوية دون استشارة طبية لها أعراضها الجانبية فالتناول المستمر لها يعتاد الجسم عليها فتصبح تضر أكثر مما تنفع خاصة عندما يقوم المرضى باقتناء دواء دون معرفة ما الذي يعانون منه وبالتالي لا يدركون المضاعفات التي قد تحدثها تلك الأدوية ومعالجة مشكلة تناول الأدوية عشوائيا ليست سهلة وتحتاج إلى وعي المواطن بخطورتها ثم الابتعاد عنها ووعينا نحن الصيدليين بالخطر الذي يتسبب فيه إن أعطي الدواء دون وصفة). وفي نفس السياق قمنا بالتقرب من بعض المواطنين الذين كانوا حاضرين هناك من أجل أخذ رأيهم في الموضوع ولمعرفة مدى وعيهم بالمخاطر الصحية الناجمة عن الاستعمال الخاطئ لذلك فوجدنا أن الكثيرين يتصرفون على هذا النحو وحججهم كثيرة إما من خلال التقليد أو لغلاء الزيارة للطبيب من أجل الحصول على وصفة جديدة مما يضطرهم إلى الاستنجاد بالقديمة أو نتيجة سماع فائدة الدواء من كبار السن أو من أحد المجربين له وما أعطاه من نتائج إيجابية، وبالتالي لا يتوانى الطرف الآخر في شرائه وتجربته خاصة عند بعض الشابات اللواتي يعانين من ضعف في الوزن أين يعتبرونه مشكلا قائما بذاته، حيث تجدهم يستعملون كل الأساليب والطرق الفعالة التي من شأنها أن تزيد من وزنهن أو العكس، ومن بين المواضيع التي تناولها معظم الحاضرين نجد أيضا صداع الرأس وما ينجم عنه من آلام. وفي هذا السياق صرحت لنا الشابة (إلهام) التي كانت متواجدة داخل الصيدلية من أجل شراء دوائها المعتاد من خلال قولها: (لقد اعتدت على شرب الهيبتاجيل لأنه يساعدني على فتح الشهية والنوم لأنني أعاني من الأرق الذي نغص عليّ نومي وبالتالي زيادة وزني ولكنني أصبحت حاليا لا أستطيع الاستغناء عنه لأنه يساعدني في الاسترخاء بالرغم من تحذيرات الصيدلي لي من مخاطر استعماله بكثرة). كما اعترف معظم الحاضرين هناك على أنهم يقومون بشراء الأدوية العادية الخاصة بصداع الرأس كالبارسيتامول والفيتامينات والمراهم المضادة لآلام المفاصل والتيزانة دون اللجوء إلى الطبيب، وفي هذا الشأن صرح السيد (أمين) صيدلاني أنه بإمكانه إعطاء أدوية المضادة للزكام وبعض الالتهابات وبعض المراهم الخاصة بالالتهابات وبعض المطهرات الخارجية والفيتامينات، ليضيف: (هناك أدوية لا يمكن إعطاؤها دون وصفة طبية مثل المهدئات والمسكنات القوية وأدوية القلب وكذلك المضادات الحيوية رغم أنني أواجه أثناء عملي اليومي بالصيدلية عدة مواطنين يطلبون شراء بعض الأدوية ولكنني أشدد على ضرورة إتيانهم بوصفة طبية تحوي تلك الأدوية).