يلجأ الكثيرون إلى تطبيب أنفسهم ذاتيا عند مواجهة أي عارض صحي· فيما يتراجع خيار زيارة الطبيب لديهم إلى المرتبة الثانية أو الثالثة بعد العودة أولا إلى الوصفات الشعبية وإلى الكتب الطبية ومواقع الانترنت أو سؤال أصحاب الخبرة في محيطهم القريب والبعيد عملا بالقول الشائع ”اسأل المجرب قبل الطبيب”، بل حتى دون الحاجة له· بينما آخرون مقتنعون بأن بمقدورهم الاعتماد على الخبرة التي اكتسبوها من استشارات طبية سابقة لإعادة استعمال وصفات قديمة دون تشخيص أو مشورة الطبيب والبعض يكتفي بالذهاب إلى أقرب صيدلية لاقتناء الأدوية وتناولها في انتظار تحسن المشكلة· هذا وأكد الطبيب المختص في الأمراض الداخلية محمد أرادا في تصريح ل ”البلاد”، أن الناس يلجأون إلى التطبيب الذاتي لعدم وعيهم بآثاره الضارة على الصحة، حيث يبدأ كممارسة عادية لعلاج بعض المشاكل الصحية اليومية البسيطة مثل الصداع وآلام المعدة وآلام الحنجرة، لكن مع الوقت، تتحول هذه الممارسة إلى عادة عندما يتعلق الأمر بأمراض مزمنة وخطيرة·
هذا وأكدت الدكتورة زكية مسعودي، طبيبة عامة في الاستعجالات الطبية ل ”البلاد”، أن ما يقارب 70 بالمائة من الأشخاص يعالجون بأنفسهم الصداع والزكام والإمساك وأن بعض حالات الطوارئ في المستشفيات ناجمة عن التأثيرات الجانبية للأدوية وقد يكون السبب في ذلك الدواء نفسه، أو تناوله بجرعة غير ملائمة، أو تناوله لمعالجة المشكلة الخاطئة· وأشارت المتحدثة إلى أن نسبة الأضرار الناتجة عن المداواة الذاتية ترتفع شيئا فشيئا مما قد يؤثر على الصحة العامة في المستقبل، مضيفة أن من الأسباب التي تؤدي إلى الإقبال على التطبيب خجل المرضى من السماح للطبيب بمعاينة أعراضهم وخوفهم على أنه يكتشف بأنهم يعانون من مرض خطير وأخرون يتحججون بضيق الوقت لتجنب استشارته·
كما أشارت المتحدثة، إلى أنه لابد من تشديد الرقابة على الصيادلة، موضحة أنه إذا لم تستخدم الأدوية بالجرعات الصحيحة وفي الأوقات المناسبة فقد تفضي إلى أمراض أكثر خطورة تهدد حياة متناولها والتي تتحول إلى سموم، حيث تساهم في إخفاء الأمراض إلى أن تتفاقم أعراضها وتصل إلى مرحلة الخطر، لذلك أكدت الدكتورة مسعودي ”أن الوقاية خير من العلاج”·
في السياق نفسه، أشارت إلى أن تناول الأدوية دون إذن من الطبيب خطر محتمل بحد ذاته، لأنه يحتوي على مكونات منشطة تؤثر في الجسم وتؤدي إلى مشاكل مثل تأخير تشخيص المرض أو تفاعل الأدوية مع بعضها، حيث حذر الدكتور من التساهل في التعامل مع العوارض التي توصف بأنها ظاهرة شائعة جدا، حيث إن كثير منها قد تبدو عابرة في حين أنها مؤشر على وضع صحي خطير·
وأضاف المتحدث نفسه، أنه لابد من وصفة طبية لبيع الأدوية، غير أن هناك أنواع منها يمكن للصيدلي بيعها دون وصفات طبية على غرار الفيتامينات والبراسيتامول وهي مسكنات الألم، المضادات الحيوية، مسكنات السعال ثم مضادات الالتهاب والمراهم الجلدية لأنه تم تكوينه من الجانبين الكيميائي والبيولوجي وهي لاتشكل خطرا على صحة المريض وليس لها آثار جانبية· أما الأدوية الاخرى فلا توصف وتباع إلا بوصفة طبية لما ترتبه من آثار جانبية·