عهدت جل الأسر الجزائرية على التحضير المبكر للمناسبات الدينية السعيدة، ويعدّ عيد الأضحى المبارك واحدا من تلك المناسبات التي تستلزم التحضير المسبق لها من طرف النسوة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالنحر، وهي العملية التي تتطلب حضور العديد من الوسائل الضرورية على غرار أدوات الذبح إلى جانب مستلزمات تحضير أطباق العيد، وهي الأمور التي انعكست على الأسواق التي اكتظت بالمتجولين بغية التحضير للعيد، بحيث عرفت جل الأسواق حركية واسعة، عُرضت فيها مختلف المواد التي تتطلبها المناسبة على غرار أدوات النحر وآلات تحضير الشواء دون أن ننسى العقاقير الواجبة الحضور في الأطباق، إلى جانب بعض المعروضات التي تخص ديكور المنزل التي تذهب جل النسوة إلى تغييره في الأعياد. المار ببعض الأسواق الشعبية يظهر له من الأجواء التي تطبعها أن هناك مناسبة تلوح بالقدوم من بعيد وتحتاج إلى العديد من الاستعدادات، حيث راحت أغلب المحلات وطاولات البيع إلى توفير شتى المتطلبات التي عهدت النسوة على جلبها لاجتياز مناسبة العيد المبارك بدءا بأدوات النحر وبعض مستلزمات الطبخ ووصولا إلى مفروشات البيت، فعادة ما تبين المرأة الجزائرية، من خلال تلك التحضيرات، نكهة العيد والميزة الإيجابية التي تطبعه من خلال المحافظة على بعض الموروثات والعادات العريقة التي تركها السلف الصالح وتواصلت من جيل لآخر. أدوات النحر في الأسواق عرض أدوات النحر ومختلف مستلزماته من سكاكين وسواطير وآلات حادة متنوعة هي الميزة العامة التي تطبع فترة ما قبل العيد على مستوى الأسواق وطاولات البيع، حيث يتفنن الباعة في عرض أجود وأرقى الأنواع في كل سنة ليترك جانب انتقاء الأحسن للزبون، وبالفعل يتفاعل الزبائن مع مختلف تلك الآلات ويقفون على الأنواع الجديدة التي تطرحها السوق في كل سنة فيما يخص آلات الشواء باعتبار أن أعواد اللحم المشوي كطبق مفضل يزور كل البيوت خلال أيام العيد، لذلك يهبّ الكل إلى اقتناء تلك الآلات الخاصة بالشواء والملحقة بالفحم والتي لم يتأخر الباعة على توفيرها بالنظر إلى الطلب عليها في كل سنة، ذلك ما صادفناه على مستوى المدنية أو (صالومبي)، كحي شعبي عريق بالعاصمة، بحيث راحت جل المحلات إلى عرض مستلزمات النحر من سكاكين وسواطير إلى جانب آلات وأدوات جديدة مستعملة في تحضير الشواء وعرفت إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، وبين فضولهم في الوصول إلى فهم استعمالات مختلف المعروضات واكتشاف الجديد منها، منهم السيدة فطيمة التي قالت أنه بالفعل لا حلاوة للعيد من دون عرض تلك المستلزمات، التي تذهب إلى شراء البعض منها على غرار بعض الوسائل المستعملة في تحضير اللحم المشوي كطبق مفضل لدى أغلب الجزائريين، وأنه وقع اختيارها على بعض الأعواد الخشبية المستعملة في عملية الشواء وبعض الصفائح الحديدية التي عرضت هذه السنة.. وختمت بالقول أن فرحة العيد لا تكتمل إلا بجلب بعض المقتنيات الجديدة ومتعة التجوال وسط المحلات التي عرضت مختلف المستلزمات الضرورية ككل سنة. غلاء الكباش طبع أحاديث مختلف الباعة والمتجولين عبر الأسواق الغلاء الذي تشهده الماشية هذه السنة والتي وصلت إلى سعر 90 ألف دينار، ليكون الحد الأدنى بين 40 و43 ألف دينار، مما حول النحر إلى حلم بعيد المنال عن الأسر المتوسطة، ولا نقول المعوزة التي بعُد عنها الحلم منذ أمد بعيد، وهو الحديث الذي ترأس نقاش المواطنين وكذا الباعة على مستوى الأسواق وعبر الجميع عن دهشتهم للهيب الذي أعلنه الموالون دون أدنى رقابة على مستوى نقاط البيع، خاصة العشوائية منها، أو حتى وضع حد أدنى للأسعار وتنظيم سوق المواشي حتى ولو كانت ملك للخواص، فالدولة لها جانب مهمّ في تدعيم هؤلاء المربين، وكان عليها فرض رقابة لإبعاد جشعهم عن المواطنين، لاسيما في هذه السنة التي فاق فيها الغلاء كل خطوطه الحمراء، مما دفع العديد من العائلات إلى إلغاء فكرة النحر بالنظر إلى محدودية القدرة الشرائية لأغلب الأسر، حتى أن البعض ترددوا في جلب بعض الحاجيات الخاصة بالنحر، كون أن عدم نحرهم الأضحية هو أمر محتمل في ظل الالتهاب الذي تشهده الأسعا، ودفعهم فضولهم إلى الحوم حول الطاولات لاكتشاف جديد هذه السنة، ومنهم الحاجة فطومة، التي قالت أنها لم تقرر بعد وأبنائها الذبح من عدمه، خاصة وأن الأسعار لا تساعد البتة أسرة بسيطة على الإقدام على العملية في هذا العام، وهي لا تقبل دفع كل ما تملك من رأس المال في كبش العيد، وبعد ذلك دخولها في حيرة من حيث تدبر أحوالها و تغطية تكاليف مرضها الباهظة -لتضيف- أنه وعلى الرغم من تعوّد أسرتها على الذبح في كل عيد إلا أنه في هذه السنة الظروف اختلفت وأسعار الماشية أرعبت كل الأسر منذ عرضها قبل نحو شهر، فما بالنا في هذه الفترة الأخيرة التي ستلتهب فيها الأسعار مرة أخرى دون شك. ... وللبيوت نصيب من التحضيرات تعكف أغلب النسوة على التحضير للمناسبات الدينية السعيدة تحضيرا جيدا دون إهمال أي جانب ولو كان جزئيا وبسيطا، كون أن نشاط وحيوية المرأة الجزائرية تظهر من خلال تلك المميزات وكذا في طريقة التحضير الجيد لاجتياز المناسبة، وكذا الاستعداد اللائق لاستقبال الضيوف كعرف ملزم بغرض تبادل تهاني العيد، لذلك انقلبت أغلب البيوت خلال هذا الأسبوع الذي يسبق العيد إلى ورشات للعمل وملأتها مواد التنظيف والوسائل المستعملة في الأشغال المنزلية، خاصة وأن المناسبات تعد فرصة لإعادة بريق ونظافة البيوت كعادة مترسخة لدى أغلب النسوة، سواء العاملات أو الماكثات في البيوت، فكلهن يشربن من نفس الكأس من حيث التحضير الملزم للعيد، ما قالته السيدة فريال، عاملة وربة بيت، بحيث رأت أن اجتياز المناسبات الدينية ليس بالشيء السهل، خاصة وأن الأعياد تتطلب التحضير المسبق، وإذا وقفنا أمام مناسبة عيد الأضحى المبارك فهو يتطلب تحضيرات إضافية خاصة وأنه يتعلق بالنحر الذي يحتاج إلى أدوات خاصة إلى جانب بعض الضروريات التي تلحق تحضير بعض الأكلات بعد عملية النحر كمختلف التوابل والحشائش إلى جانب بعض الخضر، لتضيف أنها شخصيا تنتظرها العديد من الأشغال في هذا الأسبوع، خاصة وأنها عاملة، فهي ستبذل قصارى جهدها من أجل التوفيق بين العمل وبين تلك التحضيرات المكثفة استعدادا للعيد المبارك، وعادت لتقول أنه على الرغم من تلك الجهود البدنية والمعنوية وحتى المادية، إلا أن تلك المظاهر تبقى ميزة خاصة للمناسبات الدينية السعيدة التي تبتهج لها كل الأسر الجزائرية على غرار الأمة الإسلامية جمعاء. إلغاء كسوة الأبناء الالتهاب الذي تعرفه أسعار المواشي في هذه السنة غيّب الزبائن عن محلات ملابس الأطفال على غير العادة، كون أن الكثير من الأسر كانت تقدم على إعادة كسوة أبنائها في عيد الأضحى المبارك، إلا أن أغلبها رأت أنها بالكاد تقوى على النحر وأن فكرة الكسوة هي ملغاة أصلا من عقول الكثيرين، وهو ما عكسه خلو المحلات من الزبائن على خلاف ما كانت تعهده السنوات الماضية، ما أكده لنا محمد من بلكور صاحب محل لترويج ألبسة الأطفال، بحيث أكد أن الزبائن هم غائبون فعلا في هذه الفترة، خاصة وأنهم وجهوا اهتمامهم إلى جلب الأضحية وأهملوا -مكرهين- جانب كسوة الأطفال، خاصة وأن القدرة الشرائية لا تلبي ذلك في ظل غلاء الكباش في هذا الموسم. كما أرجع سبب العزوف عن الملابس إلى استمرار موجة الحر وهو الأمر الذي سيساعد أغلب الأسر على الانتفاع بملابس عيد الفطر المبارك، وهي في الغالب ملابس صيفية، خاصة وأننا اجتزنا عيد الفطر في أوج الصيف وصادف شهر أوت الفارط، لذلك لم تجد الأسر أي داع يجبرها على إعادة كسوة أبنائها وزيادة التكاليف.