الإمام ابن سعد أحد الأئمة الأعلام، وله اليد الطولى في السيرة والرواية والتاريخ والفقه، ومن أفضل علماء عصره في الحديث وعلومه، وخلف مصنفات فريدة اعتنى بها الدارسون والباحثون. ولد محمد بن سعد بن منيع الهاشمي، وكنيته (أبو عبد الله البصري)، والمعروف بابن سعد، وبكاتب الواقدي، لكونه لازم شيخه محمد بن عمر الواقدي زمناً طويلاً، وكتب له، في البصرة سنة 168 ه، ونشأ بالبصرة، واتجه إلى طلب العلم وهو صغير فأخذ علوم اللغة العربية والفقه والحديث والتاريخ والسير عن مشاهير علمائها، وأراد الاستزادة من التحصيل وطلب العلم، فسافر إلى بغداد وسكنها ولازم فيها شيخه محمد بن عمر الواقدي، ورحل إلى الكوفة، وتتلمذ على يد ابن مهدي والطيالسي وأبي عاصم النبيل، والمدينة النبوية ومكةالمكرمة، والتقى علماءهما، وأخذ العلم عن كبار مشايخ عصره. لما تضلع في العلم جلس للتدريس، وخلف أستاذه الواقدي في حلقته بعد وفاته، وأقبل عليه الطلاب، وبلغ مكانة علمية رفيعة ومنزلة مرموقة، وذاع صيته وطافت شهرته الآفاق، وتتلمذ على يده الكثيرون من النجباء المحققين. عالمٌ ورع وأشاد بعلمه وورعه العلماءُ وأثنوا عليه، فقال عنه تلميذه الحسين بن فهم: كان كثيرَ العلم كثير الحديث والرواية كثيرَ الكتب. ووصفه الخطيب البغدادي بأنه كان من أهل العلم والفضل. وقال ابن النديم: كان ثقة مستوراً عالماً بأخبار الصحابة والتابعين. وقال ابن خلكان: كان أحد الفضلاء النبلاء الأجلاء، وكان صدوقا ثقة. واعتبره الخزرجي: أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحررين. وقال الذهبي: كان من أوعية العلم، ومن نظر في الطبقات خضع لعلمه. وكان ابن سعد واحدا من كبار الحفاظ وأوعية العلم العظام، كان كثير الحديث والرواية، واسع المعرفة، كثير الكتب، روى الحديث والغريب، والفقه، واشتهر بكتابة السير والمغازي، وكان مصدر ثقة لكثير من العلماء والكتاب في العصور التي تلته، وخلف مصنفات علمية كثيرة في مختلف صنوف العلوم الشرعية واللغوية والتاريخ منها (الزخرف القصري في ترجمة أبي الحسن البصري) أي الحسين بن يسار، و(القصيدة الحلوانية في افتخار القحطانيين على العدنانيين)، و(الطبقات الصغرى)، و(أخبار النبي صلى اللّه عليه وسلم)، و(الحيل). تاريخٌ ثقافي وذكر أن كتابه (الطبقات الكبرى) الذي كان يُعرف باسم (كتاب الطبقات الكبير)، من أقدم ما كتب في التاريخ الثقافي للمدينة النبوية في القرنين الأولين من الهجرة، ومن أهم المؤلفات التي تناولت سيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم، حيث سلك فيه منهج ابن إسحاق في دراسة السيرة، حيث يقدِّم للأحداث والأخبار والغزوات بجمع أسانيده إليها، والمغازي والسير، وقد اعتمد عليه العلماءُ الذين صنفوا فى التأريخ والتراجم والاخبار والجرح والتعديل والانساب، كما تظهر أهمية الكتاب في تنوُّع مادته، وفي دقة مصادره، إذ اعتمد ابن سعد على منهج المحدثين، واستقى معلوماته المتنوعة من مصادرها المتخصصة التأريخية، وعرضها بأمانة علمية متناهية حتى الأخبار المتعلقة بالأوصاف الشخصية. وقال إن هذا الكتاب يتكون من أجزاء، الأول والثاني خصصهما للسيرة النبوية، والأجزاء التالية تناولت الصحابة والرواة إلى عصره، وخصص الجزء الأخير للنساء. وعني بذكر الصحابة الذين انتشروا في الأقاليم بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فبدأ بالمدينة ثم مكة ثم الطائف ثم اليمن ثم اليمامة ثم البحرين ثم الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وخراسان والري وهمذان وقم والأنبار والشام والجزيرة ومصر وغيرها. معلوماتٌ دقيقة قدم الكتابُ معلومات وافية ودقيقة عن المترجم، من حيث اسمه ونسبته وكنيته ولقبه ونسبه من جهة أبيه وأمه، ويذكر أولاده من بنين وبنات مع ذكر أمهاتهم وسرد النسب، كما قد يذكر المهنة التي يزاولها المترجم أو الوظائف الإدارية أو القضائية التي كان يشغلها، وقد يُحدد المكان الذي سكن فيه المترجم، ورحلاته إلى الأمصار وكل ما يتعلق بصفاته الخلقية أو الخلقية أو أحواله الدالة على مكانته العلمية، أو على عقيدته وأقواله في الزهد والورع والاجتهاد في العبادة، ويستعرض الأحداث التي وقعت له، ويهتم بوصف المظهر الخارجي لصاحب الترجمة، فيبين نوع الخضاب الذي يخضب به شعره ولحيته، ونوع الثياب والعمامة التي يرتديها، ونوع الخاتم الذي يتختم به وصيغة نقشه. وأشاد العلماء بهذا الكتاب، فقد قال الخطيب البغدادي: صنف كتاباً كبيراً في طبقات الصحابة والتابعين، وتابعيهم إلى وقته فأجاد فيه وأحسن، وقال حاجي خليفة: كتاب الطبقات أعظم ما صنف في طبقات الرواة. * كان ابن سعد واحدا من كبار الحفاظ وأوعية العلم العظام، كان كثير الحديث والرواية، واسع المعرفة، كثير الكتب، روى الحديث والغريب، والفقه، واشتهر بكتابة السير والمغازي، وكان مصدر ثقة لكثير من العلماء والكتاب في العصور التي تلته، وخلف مصنفات علمية كثيرة في مختلف صنوف العلوم الشرعية واللغوية والتاريخ.