في تحد جديد للحكومة اليمنية يؤشر على زيادة وقوة نفوذه، أعلن تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، مسئوليته عن عدد من الهجمات ضد قوات الأمن في مناطق مختلفة بمحافظة أبين، جنوبي البلاد، وذلك في الوقت الذي هاجم فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بشدة التنظيم, واصفا عناصره بالأشرار الجهلة الذين لا يفقهون في الإسلام شيئا ويتاجرون بالمخدرات ويتعاطونها. وكانت أبين قد شهدت خلال الأيام القليلة الماضية خاصة في منطقة لودر معارك دامية بين قوات الجيش اليمني وعناصر مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجانبين، ونفى التنظيم صحة إعلان السلطات الأمنية عن تمكن أجهزتها من إلقاء القبض على عدد من عناصره. وحسبما ذكرت صحيفة "الوطن" السعودية، أشار بيان للتنظيم إلى أن من بين تلك العمليات التي نفذها إلقاء قنبلة يدوية على مجموعة من ضباط الأمن السياسي أدت إلى إصابات في صفوفهم، واقتحام دورية للنجدة عند جولة القدس في قلب زنجبار نتج عنها مقتل ثلاثة جنود، إضافة إلى غارة على منطقة دوفس الأمنية بقذائف ال "آر. بي. جي" والأسلحة الرشاشة والتي أسفرت عن مقتل ثمانية جنود وإلحاق أضرار بغرفة الحراسة، كما تبنى التنظيم مقتل خمسة جنود بينهم ضابط وإصابة سادس في سوق القات في زنجبار. وينشط تنظيم القاعدة في محافظة ابين. ويعتبر جنوب اليمن، الذي كان دولة مستقلة قبل العام 1990، مركزا لحركة احتجاجية مدعومة من الحراك الجنوبي، وهو تحالف يدعو بعض مكوناته إلى الفدرالية، فيما يطالب البعض الآخر بالعودة إلى دولة اليمن الجنوبي. وكانت تقارير إعلامية أكدت أن الهدوء الحذر يسود لودر بعد أيام من الاشتباكات الدامية بين قوات الجيش اليمني ومسلحين تابعين لتنظيم القاعدة. وأشارت تلك التقارير إلى أن سكان "لودر" والذين يقدر عددهم بأكثر من 80 ألف نسمة، نزحوا عنها جميعا إلى المدن المجاورة. ووصف شهود عيان، المدينة التي يتحصن فيها مسلحو القاعدة ويحاصرها الجيش اليمني بأنها باتت تشبه "مدينة الأشباح"، حيث لا يوجد فيها أحد سوى المسلحين الذين يتحصنون في منازلها وأسواقها. صالح يهاجم في هذه الأثناء، شن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح هجوما عنيفا على تنظيم القاعدة في اليمن, واصفا عناصره ب"الأشرار الجهلة الذين لا يفقهون في الإسلام شيئا ويتاجرون بالمخدرات ويتعاطونها, ويقومون بقتل النفس المحرمة وقطع الطرق والاعتداء على مراكز الشرطة والنقاط العسكرية والأمنية ومؤسسات الدولة والأجانب والمقيمين في اليمن". وقال في خطاب خلال حفل تكريم الفائزين بمسابقة القرآن الكريم في جامع الصالح بصنعاء، إن تجار المخدرات هم من عناصر الإرهاب وقد أباح لهم السياسيون في تنظيم القاعدة الإرهابي أن يتاجروا بالمخدرات ابتداء من أفغانستان وإلى أي مكان في العالم, متسائلا "أين هم من الإسلام وتعاليمه السمحاء؟". وأضاف انهم يضرون بأعمالهم الإرهابية والإجرامية المحرمة, شرعا وقانونا, بمصالح الأمة, فقطاع الطرق الذين ينشرون ثقافة الكراهية والبغضاء والحقد بعيدون بأعمالهم الإجرامية تلك عن الإسلام, والإسلام منهم براء". وأكد الرئيس اليمني أن هذه العناصر بما ترتكبه من أعمال إرهابية وإجرامية خارجة عن الدين الإسلامي الحنيف ولا علاقة لها بالإسلام وبقيمه السمحاء ومبادئه السامية, وإنما يتلبسون قميص الدين الإسلامي, وأوضح أن الدين الإسلامي براء من هذه الشرذمة ومن هذه العناصر الباغية وعلينا جميعا أن نحاربهم لأنهم يحاربون الله والدين والوطن ويعيقون التنمية. وأضاف "لقد تحول الإرهابيون الآن إلى استهداف الأجهزة الأمنية, وهي نفس الآلية ونفس الحركة التي تتبع في أفغانستان وفي العراق ولكنهم لن يفلحوا أمام صمود شعبنا, فشعبنا صمد في عدة محطات في معركة السبعين يوما وأفشل مخطط أذناب الإمامة الذين كانوا يحلمون بعودتها ليحكموا اليمن بعد قيام ثورة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر, فقد صمد شعبنا وأفشل هذا المخطط وكذلك عندما انتشرت الفوضى الماركسية الشيوعية في مناطق جنوب اليمن وفي المناطق الوسطى, صمد شعبنا وأفشل هذا المخطط وهذه من نعم الله تعالى علينا". وقال ان "القاعدة" "تظل المحطة الأخيرة وهي أسوأ المحطات, محطة تنظيم القاعدة التي تقوم بإرهاب عامة الناس, وعلى شعبنا في كل المحافظات, في حضرموت وشبوة وأبين ومأرب وبقية المحافظات إفشال هذا المخطط, وعلى المواطنين أن يقفوا إلى جانب مؤسسات الدولة, فهؤلاء الإرهابيون لا يضرون النظام السياسي وإنما يضرون بمصالح الوطن والمواطنين. إلى ذلك كذب مصدر أمني يمني ما سماه "المزاعم" التي "تداولتها وسائل الإعلام عن خروج عناصر من تنظيم القاعدة بكامل سلاحها من مدينة لودر" في محافظة أبين بجنوب البلاد، والتي شهدت الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة بين قوات أمنية ومجاميع من عناصر تنظيم القاعدة. ووصف المصدر الأمني اليمني تلك الأنباء ب"المزاعم والأراجيف والإشاعات المختلقة المجافية للحقيقة والبعيدة كل البعد عما يجري على أرض الواقع"، وكشف المصدر عن أن أجهزة الأمن "ما زالت تحاصر عناصر إرهابية تحتمي في بعض الأوكار"، وتقوم ب "عملية تمشيط وملاحقة مستمرة للعناصر التي فرت من لودر". ونقلت صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية الصادرة في لندن، عن المصدر الأمني، قوله: "إن عناصر "القاعدة" في المدينة تلقوا "ضربات قاسمة وموجعة على أيدي رجال الأمن والجيش"، وإن عددا منهم "لقوا مصرعهم، بينما أُجبر آخرون على الاستسلام". إلى ذلك سخرت الحكومة اليمنية من الأنباء التي تحدثت عن وجود قواعد عسكرية أجنبية على الأراضي اليمنية وعن انتقال قوات أمريكية من العراق إلى اليمن. وقال مصدر حكومي مسؤول، أمس، إن بلاده تستغرب "نشر مثل هذه المزاعم والافتراءات المختلقة التي لا أساس لها من الصحة في بعض وسائل الإعلام، وبخاصة في الآونة الأخيرة"، والتي تتحدث "تارة عن وجود جنود بريطانيين وأخرى عن وصول قوات أمريكية لمكافحة الإرهاب إلى اليمن". وأضاف المصدر، في بيان وزع في صنعاء، أن اليمن "لا يقبل أي وجود عسكري أجنبي على أراضيه"، وأنه "يمتلك مؤسسات أمنية وعسكرية قوية وقادرة على القيام بدورها في مكافحة الإرهاب وتحقيق نجاحات في هذا المجال"، مشيرا إلى أن "تعاون اليمن مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، سواء مع أمريكا أو غيرها، يقتصر على تبادل المعلومات التي تسهل عملية تعقب العناصر الإرهابية وتقديمها للعدالة". نفوذ "القاعدة" في اليمن وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية كشفت في عدد سابق لها، عن ان نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن يزداد بشكل كبير، وان عناصره باتوا يتغلغلون بين القوى الأمنية اليمنية. وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن "التنظيم يوفر بيئة ملائمة للملتحقين الجدد في اليمن، حيث يزودهم ببرامج دراسة العقيدة الجهادية ل"القاعدة" والاستماع إلى منظري التنظيم بمن فيهم أنور العولقي رجل الدين اليمني المتشدد والمطلوب في الولاياتالمتحدة التي يحمل جنسيتها". وعن الاسباب التي قادت الى زيادة نفوذ القاعدة في اليمن، تقول الصحيفة "ربما يرجع الامر الى دعم حكومي حصل عليه التنظيم في بعض المراحل، حيث استفادوا بداية من الهزيمة التي ألحقها النظام اليمني بالاشتراكيين في الجنوب في تسعينيات القرن الماضي، وهي شجعتهم على دخول مناطق الاشتراكيين وبسط نفوذهم فيها". ونقلت الصحيفة عن أحد المسلحين، دون الكشف عن اسمه، قوله "انه تلقى ورفاقه وعودا من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة دولة إسلامية، وهو ما فسر تشكيل المقاتلين وحدات عسكرية خاصة بها تعمل بأمرة الجيش اليمن وتدعمه في القتال، لكن الرئيس أخل بوعده". ونقلت الصحيفة ايضا عن رجل يدعى فيصل وهو اشتراكي سابق يعارض القاعدة قوله "لا تصدق الحكومة حين تقول إنها تحارب الجهاديين، الحكومة تمولهم وتفاوضهم وتستخدمهم لتقاتل أعداءها، وثم تقول للأمريكيين: مولونا لكي نحارب القاعدة. إنها مهزلة".