بات أغلب المرضى يلهثون وراء الطب الشعبي لمداواة أعراضهم المختلفة حتى الأمراض المستعصية وفقدوا الثقة في الطب الحديث خاصة وإن جمعهم حظهم بأطباء مبتدئين لا يصلون إلى تحقيق شفائهم، وبعد تغيير الأطباء في كل مرة والدوران في حلقة مفرغة يستنجدون بالطب الشعبي الذي ينقلب في بعض الأحيان بالسلب على حالتهم ويزيدها سوءا خاصة مع بعض الوسائل الخطيرة المستعملة أو حتى بعض الأعشاب البرية السامة التي قد تزيد من هلاك المريض حسب ما كشفه الواقع في الكثير من المرات. إلا أننا نجد من المرضى من لازالوا يضعون الثقة الكاملة في بعض العطارين أو دعاة الطب الشعبي بعد أن صارت غاية الكثير منهم الحصول على أرباح والزيادة من تعب المريض بدل شفائه خاصة وأن الكثير من الحالات أدت إلى استفحال المرض ومضاعفة الأعراض، خاصة وأن بعض المرضى يسلكون طريقة الطب الشعبي بعد أن تضيق صدورهم وتغلق في وجوههم جل الأبواب وييأسون من شفائهم على يد الطبيب الذي قد يجهل حالتهم فيفرون إلى الطب الشعبي بعد أن فقدوا أملهم في الطب الحديث. إلا أنهم يصطدمون بكوارث كانت ربما نتائج الطب الحديث أرحم منها خاصة وأن الطب الشعبي عادة ما يأخذ منعرجات خطيرة تؤدي إلى المخاطرة بصحة المريض وتفاقم أعراضه بالنظر إلى التجارة التي أضحت معلنة في ذلك النوع من الاستطباب الذي يلهث إليه المريض بحثا عن الشفاء. حتى من المرضى من أضحوا يضعون الثقة أكثر في المعالجين الشعبيين بل ويفضلونهم عن الأطباء، بحيث يستشيرونهم في كل صغيرة وكبيرة حتى أنهم يأخذون برأيهم أكثر من الأخذ برأي الطبيب وهو الأمر الذي يحتار إليه الأطباء كون أن تلك التصرفات هي في غير صالحهم، ومنهم حتى من يشكك في أوامر وتدابير الطبيب الذي لا يبخل على تقديمها للمريض، وعادة ما يناهض المعالجون الشعبيون آراء وتدابير الأطباء مما ينعكس بالسلب على صحة المريض. التقينا بعينات أكدت الظاهرة، كما أن العديد ممن حدثناهم أجمعوا على عدم قدرة الطب الشعبي على منافسة الطب الحديث لوجود عدة ، خاصة وأن نتائج الطب الحديث هي فورية أي بعد شرب الدواء، فهو طب يؤمن بالواقع على عكس الطب الحديث الذي تكون نتائجه دوما بعدية وبعد تكرر الحصص العلاجية، إلى جانب أن الطب الشعبي عادة ما تملأه الشبهات، كما أن نتائجه غير مضمونة وفي بعض الحالات أدى إلى مضاعفة الإفرازات السلبية بدل تحقيق نتائج مرضية بشفاء المرضى. ما سردته لنا علياء سيدة كانت تعاني من العقم وراحت جارتها تنصحها بزيارة مختصة في العلاج الشعبي بنواحي البليدة، وما إن راحت إليها حتى راحت تصنع لها تحميلات تمتلئ بمختلف الخلطات ونصحتها باستعمالها بغرض الحصول على نتائج إيجابية وبالفعل أخذت برأيها إلا أنها أضحت تحس بآلام شديدة على مستوى المعدة ألحقتها إلى أبواب الاستعجالات أين أخبروها بوجود تعفن على مستوى معدتها من جراء تلك التحميلات التي وضعتها على أمل الإنجاب، ومنذ ذلك الحين ذكرت أنها لم تعاود الكرة وفضلت الصبر إلى غاية فك كربتها من الله تعالى. وفي هذا الصدد تحدثنا إلى دكتور (ح. مصطفى) مختص في علاج المفاصل، فقال إن الكثير من المرضى باتوا يأتون إلى العيادة ويخبرونه أنهم عالجوا عند معالجين شعبيين الذين لا تنطبق التسمية على بعضهم، خاصة وأن الكثير منهم ساهموا في تفاقم حالة المرضى بالنظر إلى جهلهم للميدان، خاصة فيما يخص أمراض المفاصل، بحيث يذهبون إلى برمجة حصص علاجية قد تؤدي إلى هلاك المريض عن طريق الدلك مثلا في مواضع لا يليق دلكهم فيها، إلى جانب شرب بعض المحاليل الخطيرة التي ربما تزيد من سوء حالة المريض ليختم بالقول إنه مهما وصل الطب الشعبي إلى أعلى الدرجات فإنه لن ينافس الطب الحديث المرتكز على ركائز علمية ونتائج طبية موثوقة.