لازال قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المتعلق بسحب الجنسية من الأجانب يثير الكثير من الجدل في الشارع الفرنسي والدولي والجزائري بشكل خاص بعدما أصبح 200 ألف جزائري تحصلوا على الجنسية الفرنسية منذ ما يقارب 10 سنوات مهددين بالطرد من الأراضي الفرنسية بسبب الإجراءات القانونية الجديدة التي سيناقشها الرجل الأول في قصر الاليزيه غدا. من المرتقب أن يجتمع ساركوزي مع رئيس الوزراء "فرانسوا فيون" غدا الجمعة للنظر في آليات قانون سحب الجنسية الفرنسية من الأجانب متعددي الزوجات ومرتكبي جرائم محددة تشكل خطرا حسب ساركوزي وجماعته على سياسة فرنسا وهو الإجراء الذي يثير كثير من الجدل ويرسم عدائية فرنسا وسياستها العنصرية ضد الأجانب حيث ستشد أنظار العالم إلى قصر الاليزيه في انتظار ما سيسفر عنه هذا الاجتماع الذي من المتوقع حسب تصريحات وزير الهجرة الفرنسي "اريك بيسون" أن ينظر في جملة من التعديلات الواجب إدخالها على القانون بغية سحب الجنسية من المجنسين الذين يدانون بارتكاب جرائم كتحديد طبيعة الجرائم التي تستحق فعلا سحب الجنسية، وقد جاء هذا الاجتماع بعد اختلاف الاقتراحات التي تقدم بها كل من وزير الهجرة ووزير الداخلية "بريس اورتفو" حيث أعدا هذا الأخير اقتراحا يتضمن إدخال تعديلين على القانون يرميان إلى سحب الجنسية من المجنسين المدانين موسعا بذلك دائرة المستهدفين بمشروع القانون الجديد، لتشمل أيضا من يخالف القانون الفرنسي الذي يمنع تعدد الزوجات، وأضاف تهمة أخرى فضفاضة، تحت عنوان الاحتيال واستغلال ضعف الضحية لتطال كل فرنسي من أصل أجنبي، تحصل على الجنسية الفرنسية خلال السنوات العشر الأخيرة، صدرت في حقه عقوبة السجن لفترة تزيد عن 8 سنوات بتهمة ارتكاب مخالفة تعرف بموجب القانون الفرنسي على أنها جريمة مع إقرار عقوبات إضافية في حقه بتغريمه مبلغا يصل إلى 100 ألف أورو. وبموجب التعديل الأول ستستحدث في القانون جريمة تجمع بين "تعدد الأزواج في الواقع" و"الاحتيال" و"استغلال الضعف"، وسيعاقب على هذه الجريمة كل شخص يعمد باسم الإسلام وعن طريق إقامة علاقات مع أكثر من امرأة واحدة، إلى الاستفادة بشكل احتيالي من المنح الاجتماعية الحكومية. أما التعديل الثاني فينص على سحب الجنسية الفرنسية من "كل شخص من أصل أجنبي تعمد تشكيل خطر" على حياة شرطي ودركي أو أي "ممثل للسلطة العامة". وسيشمل هذا التعديل الذين حصلوا على الجنسية قبل اقل من عشر سنوات والمحكوم عليهم ب"السجن خمسة أعوام على الأقل". وهو التعديل الذي رفضه وزير الهجرة الذي ارتأى أن يمس القانون فقط الأشخاص الذي يرتكبون جرائم تشكل حظرا على امن فرنسا حيث أوضح هذا الأخير أن لديه تحفظات على موضوع أن تصل العقوبة على تعدد الزوجات إلى حد سحب الجنسية وهو ما يعد مناهضة للدين الإسلامي الذي يقر بذلك. وتعد هذه التعديلات ثمرة قرار ساركوزي تشديد الإجراءات الأمنية في البلاد والذي أعلنه أواخر جويلية الماضي بعد سلسلة حوادث أمنية شهدتها فرنسا. نحو طرد آلاف الجزائريين تحتل الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا نسبة كبيرة من الأجانب مما سيجعلها مهددة بالطرد بالدرجة الأولى بموجب قانون الهجرة الجديد الذي تسعى فرنسا لتفعليه والمصادقة عليه من طرف الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري فحسب الإحصائيات المتوفرة لدينا فإن 200 ألف جزائري تحصلوا على الجنسية الفرنسية في السنوات العشر الأخيرة، منهم 60 ألفا تحصلوا عليها وعلى وثائق الإقامة قبلها بفضل زواجهم من فرنسيات يعيشون تحت طائلة تهديدات هذا القانون، بسحب الجنسية ويمثل هذا الرقم ربع الجزائريين الحاملين للجنسية الفرنسية وستكون ترتيبات القانون الجديد جاهزة بتعديل المادة 25 من القانون المدني الفرنسي حيث أن كل شخص يتمتع بصفة السلطة العمومية بموجب ما تخطط له الحكومة الفرنسية، ويتعلق الأمر بالقضاة والمحامين والمحلفين، وموظفي وأعوان مختلف الأجهزة الأمنية وإدارات السجون، والجمارك وحتى بعض حراس البنايات ذات غرض سكني أو غيره يتعرض إلى أي اعتداء سواء كان لفظي أوجسدي فستكون عقوبة هذا الأخير سحب الجنسية نهائيا والطرد ما أثار الكثير من القلق لدى المهاجرين الجزائريين الذي يعيشون تحت هاجس الخوف من ترسيم هذا القانون وجعله ساريا المفعول حيث سوف سيكونون معرضين لتنفيذ أحكامه بمجرد ارتكاب أي خطأ بسيط تجمعات بباريس تنديدا بقانون الهجرة الجديد من المقرر تنظيم تجمع كبير يوم 4 سبتمبر في ساحة الجمهورية بباريس وعدة مدن أخرى إستجابة "لنداء المواطن" الذي وجهته حوالي 50 جمعية ومنظمة غير حكومية وأحزاب سياسية للتنديد بمشروع القانون هذا الذي عرضه وزير الهجرة يوم 31 مارس الفارة على مجلس الوزراء والذي يرتقب تشديد شروط الدخول إلى فرنسا وخلق منطقة انتظار خاصة في حالة تسجيل توافد عدد كبير من اللاجئين. ومن بين هذه المنظمات والأحزاب السياسية والجمعيات يذكر فدرالية جمعيات التضامن مع العمال المهاجرين والفدرالية الوطنية لجمعيات الاستقبال و الإدماج الاجتماعي ومجموعة الإعلام ودعم المهاجرين ورابطة حقوق الإنسان والحركة ضد العنصرية والصداقة بين الشعوب والحزب الشيوعي الفرنسي والكنفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل والكنفدرالية العامة للعمل، حيث صرحت هذه المنظمات أن مشروع القانون الذي سيتم مناقشته في البرلمان يخفي ضمن نصوصه أحكاما تعتبر "انتهاكا خطيرا" لحقوق المهاجرين ودور العدالة في فرنسا، فدستور فرنسا الجمهورية العلمانية والديمقراطية والاجتماعية يضمن المساواة لجميع المواطنين دون تمييز من جانب الأصل أو الديانة أمام القانون. فإن ضميرنا يمنعنا من السكوت وعدم التحرك مما سيتسبب في زعزعة السلم المدني"