أطلق أمس مثقفون وحقوقيون وسياسيون فرنسيون عريضة لجمع توقيعات الرافضين للإجراءات الجديدة التي تعتزم حكومة ساركوزي عرضها على البرلمان خلال أيام والمتعلقة بسحب الجنسية من فرنسيين من أصول أجنبية، وحملت العريضة شعار »لا للمساس بأمتي«، منددة بما اعتبرته محاولات لتقسيم الأمة الفرنسية إلى فرنسيين عرقا وفرنسيين على الورق، وقد تجاوز عدد الموقعين بعد ساعات فقط من وضع العريضة على مواقع إعلامية فرنسية والشبكة الاجتماعية الفايس بوك 23 ألف موقع منهم وزراء سابقين وشخصيات ثقافية وسياسية وفنية بارزة على غرار الوزير الأول السابق ليونال جوسبان ووزيرة العدل السابقة . يبدو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيجد نفسه في مواجهة معارضة قوية للنصوص التشريعية الجديدة التي تعتزم حكومته عرضها بعد أيام قليلة على البرلمان والتي تتضمن إجراءات جديدة في مجال الهجرة والسياسة الأمنية الفرنسية، فبعد التظاهرات والمسيرات التي شملت مئات المدن الفرنسية والأوروبية بداية شهر سبتمبر للتنديد بما وصفه المتظاهرون بعنصرية الدولة، أطلق أمس سياسيون ومثقفون ومدافعون عن حقوق الإنسان عريضة لجمع توقيعات الرافضين لإجراءات ساركوزي ضد المهاجرين والفرنسيين من أصول فرنسية، المبادرة تبنتها بشكل خاص جمعية مناهضة العنصرية وصحيفة »ليبيراسيون« الفرنسية . وجاء في نص العريضة التي نشرت أمس صحف فرنسية إلى جانب مواقع التواصل عبر الأنترنيت نصها أن مقترح توسيع إجراءات سحب الجنسية الفرنسية إلى فئات جديدة من المواطنين مثلما أعلن عنه ساركوزي في خطابه بمدينة غرونبل، أمر خطير وغير مقبول، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي يتجرأ فيها مسؤول من هذا المستوى على القول علنيا أن هناك فرنسيين عرقيين وفرنسيين على الورق، والذهاب إلى حد المساس بمادة دستورية وهي الحق في اكتساب الجنسية الفرنسية لمن ولد على التراب الفرنسي من الأجانب. ويؤكد الموقعون على العريضة والذين تجاوز عددهم ال20 ألف موقع بعد ساعات معدودة من إطلاق المبادرة، إنهم يرفضون الحجج الواهية والأفكار التي يروج لها وزراء ساركوزي والتي تلخص مشاكل المجتمع الفرنسي في الفرنسيين من أصول أجنبية، منددين بما اعتبروه مساس بقيم الجمهورية الفرنسية وفي مقدمتها المساواة، وخلصت العريضة التي حملت شعار »لا للمساس بأمتي« إلى التأكيد على ثلاث »لاءات« حذرت ساركوزي من الاقتراب منها وهي:لا لتوسيع مجالات سحب الجنسية الفرنسية، لا لوسم الغجر والرحل، لا للتراجع عن حقوق الأجانب. وقد ضمت قائمة الموقعين على العريضة عديد من الشخصيات البارزة والنخبة الفرنسية منهم ليونال جوسبان وزير أول سابق وميشال روكار وزير أول سابق، ونواب في البرلمانين الفرنسي والأوروبي ووزراء سابقين ورئيس بلدية باريس والمؤرخ بن يامين ستورا، ورئيس حزب اليسار الراديكالي، والنقيب السابق للمحامين الفرنسيين، ونائب رئيس الغرفة البرلمانية السفلى واليزابيث قيقو وزير العدل السابقة ومدير نشر جريدة ليبيراسيون والأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي، ورئيس جمعية مناهضة العنصرية، وعدة شخصيات أخرى سياسية وثقافية وفنية وإعلامية وحقوقية، وهو ما يعكس رفض النخبة الفرنسية ومن ورائها نسبة معتبرة من الفرنسيين للإجراءات التي تنوي حكومة ساركوزي عرضها على البرلمان خلال أيام في مجال الهجرة، وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد عن 200 ألف فرنسي من أصول جزائرية سيجدون أنفسهم معنيين بهذه الإجراءات في حال تطبيقها باعتبارهم تحصلوا على الجنسية الفرنسية خلال السنوات العشر الأخيرة، ويتجاوز عدد الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا المليونين. وتتزامن هذه العريضة مع عزم المفوضية الأوروبية متابعة فرنسا قضائيا بتهمة انتهاك القانون الأوروبي بعد قيام باريس بإعادة الغجر البلغار والرومانيين إلى بلديهم، ووصفت المفوضية هذا الإجراء بأنه ضرب من العار.