حذَّر علماء الدين من خطورة الانقسام والفرقة، التي تعطل مسيرة الأمة الإسلامية عن ركب التنمية والحضارة، وتغلق أبواباً كثيرة في وجه الوحدة ولم الشمل، مشددين على أهمية الاعتصام بحبل الله تعالى والبعد عن التشرذم والتصارع. وأوضح العلماء أن الإسلام دين ترابط وتوحد، ويحث المسلم على الترابط والاعتصام، حتى يستطيع أن ينهض بمجتمعه ووطنه، فلا بناء ولا نهضة بلا ترابط وتوحد بين أفراد المجتمع، مشيرين إلى أن النزاعات مناقضة تماما للإسلام وتعاليمه السامية. حول دعوة ديننا الحنيف إلى وحدة المسلمين، يقول رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور أحمد عمر هاشم: (لقد دعا الإسلام الحنيف إلى التوحد والترابط، وعدم التنازع، وإلى جمع الكلمة، وتوحيد الصف، والاعتصام بحبل الله؛ لأن العمل بغير ذلك يؤدي إلى الهلاك)، وفي هذا يقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، ولا شك في أن المجتمعات العربية والإسلامية الآن في أمسِّ الحاجة إلى هذه القيم التي حثّ عليها القرآن الكريم في أكثر من موضع، حيث إن الخلافات والتنازع من أخطر الأمور التي يرتكبها الناس فيما بينهم، وقد نهانا القرآن الكريم عن التنازع، فقال الله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين). صفوف الأمة ويضيف هاشم، بحسب (الاتحاد): الأمة الإسلامية تمر الآن بفترة من الانقسام والخلاف الحاد الذي يهدد مسيرتها في ركب التنمية والحضارة، ويغلق أبواباً كثيرة في وجه الوحدة ولم الشمل لمواجهة الأخطار الخارجية التي تتربص بهذه الأمة التي وصفها الله تعالى بقوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وهو الأمر الذي يطمئن قلوبنا جميعاً بأن الله تعالى معنا بقدرته وحلمه وعونه للم الشمل ونبذ أي خلاف أو انقسام في صفوف الأمة، وهذا يفرض على علماء الإسلام ورجال العلم أن يتدخلوا بكل ما يملكون من علم الله وتقواه لعلاج الانقسامات والخلافات التي تهددنا جميعاً، وذلك باتباع سبل الدعوة الحسنة إلى لمِّ الشمل ونبذ الخلافات مصداقا لقوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، بالإضافة إلى اتباع سبل الحوار اللين الرقيق المقام على التراحم ووصل الصفوف ولم الشمل. وعن الاهتداء بسنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال الدكتور أحمد عمر هاشم: علينا أن نقتدي بسيرة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، في لمِّ الشمل ونبذ الفرقة بين المسلمين من خلال الحكمة والوعي، ولنا في صلح الحديبية مثال رائع على القيادة الحكيمة، حيث حرص، صلى الله عليه وسلم، على التوفيق بين صفي الأمة من مؤيدي الصلح ومعارضيه، كاشفاً لهم الخير الذي سينعكس على الأمة جراء هذا الصلح فيما بعد، وهو ما كشفته الأحداث لتثبت قيادته الحكيمة وقراراته المستمدة من مراقبة الله تعالى له قبل مراقبة المعارضين والمؤيدين من صفي الأمة. ويؤكد أن الإسلام دين ترابط وتوحُّد، ويحث المسلم على الترابط والاعتصام حتى يستطيع أن ينهض بمجتمعه ووطنه، فلا بناء ولا نهضة من دون ترابط وتوحُّد بين أفراد المجتمع، ولهذا شدد القرآن الكريم في أكثر من موضع على أهمية الترابط في حياة المجتمع المسلم، والبُعد عن التنازع فقال الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون). كما قال أيضاً جل شأنه: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، ومن ثمَّ فإن النزاعات والخلافات هي بلا شك أمور مناقضة تماما للإسلام وتعاليمه التي تحث على التوحُّد والترابط. تحقيق الريادة وبخصوص استغلال طاقات المسلمين، يقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد رأفت عثمان: علينا جميعاً أن يكون هدفنا الأسمى هو تحقيق الريادة الحقيقية للأمة الإسلامية من خلال التنمية وإطلاق طاقات المسلمين الهائلة القادرة على العمل والتميز والتقدم، ولقد أصبح من الضروري جداً خلال هذه المرحلة الراهنة أن يتخذ كل مسلم من قول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً) شعاراً ومنهجاً حتى نتجنب الفتن والانقسام والفوضى التي تهدد أمن واستقرار الأمة، فقد أصبح نبذ الخلافات ووضع مصلحة الأمة العليا فوق أي اعتبار ضرورة ملحة لإنقاذ الأمة من المخاطر التي تتعرض لها. ويشير إلى أن تأليف القلوب كان ولا يزال باب الإسلام إلى تحقيق نعمة الوحدة والأخوَّة بين المؤمنين، ومن ثم إلى تحقيق التكامل، ولقد كان المسلمون الأوائل إخوة متحابين، وأولياء مجتمعين، لا ينزع أحدهم يده من يد أخيه، أو يعرض عنه، أو ينأى بجانبه ليعيش وحده دون إخوانه، وإن خالفه وعارضه في الرأي والقول، بل كانوا مثالاً للإخاء والمودة، ولو على حساب راحتهم مستجيبين لهدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: (إن المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدّ بعضه بعضاً). تعاليم الدين وأوضح عضو مجمع البحوث الإسلامية والأستاذ بجامعة القاهرة المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، أن السبيل الوحيد لعلاج الانقسام والخلاف والتناحر هو الالتزام بتعاليم الدين الحنيف التي أصَّلت لمبادئ توحيد المسلمين وتجنب آثار الفتن التي يحاول أعداء الإسلام النفخ فيها لضرب الأمة الإسلامية من الداخل وإحداث الانقسام والخلاف بين كل عناصرها بحجج وأسباب غير موضوعية. مشيراً إلى أن الإسلام يحرم لقاء الأخوة في الحروب والانقسام بينهم لدواع دنيوية لا مبرر لها وفي هذا يقول الله تعالى: (إنما المسلون إخوة فأصلحوا بين أخويكم). الطريق النموذجي ويقول: لقد كانت قيمة الرحمة التي حثّ عليها الإسلام الحنيف الطريق النموذجي لتحقيق الوحدة بين المسلمين، والبعد عن التشرذم والانقسام، وكانت في الوقت نفسه نقطة الانطلاق إلى تحقيق الوحدة لمجتمع المدينة عندما هاجر الرسول، صلى الله عليه وسلم إليها، حيث تم توحيد القبائل العربية في المدينة للدفاع الجماعي عن المدينة ضد أعدائها وأصبح الدفاع بهذا الشكل مسؤولية جماعية وليس مسؤولية كل قبيلة على حدة، وقد أدّت المؤاخاة إلى إمكانية الدخول في معاهدة مع اليهود. وقد تمخض هذا كله عن صدور صحيفة المدينة التي اشتملت على اثنين وخمسين بنداً تم فيها تحديد العلاقات بين أطراف المجتمع في المدينة المنوّرة، وكانت نقطة الانطلاق إلى تأسيس الدولة في المدينة التي يمكن القول أنها تحولت بعد الوثيقة إلى مدينة ودولة تقوم على أساس من السلام والوحدة التي ساهمت في تشكيل شبكة من العلاقات القبلية القائمة على أساس من الأخوة والود. * تأليف القلوب كان ولا يزال باب الإسلام إلى تحقيق نعمة الوحدة والأخوَّة بين المؤمنين، ومن ثم إلى تحقيق التكامل، ولقد كان المسلمون الأوائل إخوة متحابين، وأولياء مجتمعين، لا ينزع أحدهم يده من يد أخيه، أو يعرض عنه، أو ينأى بجانبه ليعيش وحده دون إخوانه، وإن خالفه وعارضه في الرأي والقول، بل كانوا مثالاً للإخاء والمودة، ولو على حساب راحتهم مستجيبين لهدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: (إن المؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدّ بعضه بعضاً).