إذا كانت عادات وتقاليد شهر رمضان المعظم تختلف من منطقة إلى أخرى في الجزائر على الرغم من دورانها في وعاء واحد فان مظاهر عيد الفطر المبارك تتوحد بها كامل ولاياتنا الشاسعة، وتتلخص في الفرحة والبهجة التي تملا القلوب وفي البسمات التي تملا الشفاه لتحل محل الضغينة والحقد وتقضي عليهما، فيوم عيد الفطر المبارك هو يوم للتسامح والتصالح مع العبد والرّب سبحانه وتعالى هذا من الناحية الروحية والمعاني السامية ليوم عيد الفطر المبارك أما من ناحية العادات والتقاليد فهي الأخرى تدور في وعاء واحد لاسيما من حيث تهيئة المنازل قبل حلوله أو الأطباق المحضرة خصيصا لذلك اليوم وهي عادة ما تكون أطباقا تقليدية محضة على غرار الكسكس الذي يترأس طاولات الغذاء في اليوم الأول من العيد في اغلب المناطق إلى جانب الرشتة والتريدة والشخشوخة أما الحلويات فهي سيدة أمسية ذلك اليوم كون أن النسوة يحضرن شتى أنواعها قبل العيد ويتفنن في تجديدها مع محافظتهن على التقليدية منها التي لا يخلو منها أي بيت جزائري كالمقروط المعسل والبقلوى والتشاراك المسكر وحلوى الطابع فرغم التجديد في الأنواع يبقى صيت تلك الأخيرة شائعا لدى اغلب الأسر ولا نستطيع الاستغناء عنها كونها تعبر عن أصولنا العريقة التي كانت القصبة بالعاصمة وباب الرحبة بالبليدة والقليعة بتيبازة ... مرتعا لها وكل منطقة من مناطق وطننا الشاسع تشع بنور تلك التقاليد المحضة. وما يميز يوم العيد في اغلب المناطق الجزائرية هو التوافد الكبير إلى المسجد من طرف المصلين رجالا ونساء واعتاد اغلب الأفراد على النهوض المبكر في ذلك اليوم الذي هو ليس كسائر الأيام كيف لا وهو يوم فرحة الصائم بفطره بعد شهر كامل من الصيام والقيام. وتزدان اغلب الموائد في تلك الصبيحة الأولى من الإفطار بشتى أنواع الحلويات وبعد الفراغ من الصلاة يتبادل المصلون تهاني العيد فيما بينهم كلهم ودون استثناء في اغلب المساجد سواء كانوا على معرفة ببعضهم البعض أم لا، وبعد العودة إلى المنزل تفتتح الزيارات إلى الأهل والأقارب وتشهد اغلب المدن حركية ونشاطاً لا مثيل لهما يميزهما تنقلات الأطفال بملابس العيد وهم في أبهى حلة بحيث يتنقلون إلى الأهل والأحباب لتقديم تهاني العيد وتقدم لهم هدايا العيد التي تكون عادة مبالغ مالية معتبرة ونرى أن جل الأطفال يتزودون سواء بحقيبة مصغرة أو "شحيحة" لجمع مبالغ العيد بعد أن يحصلوا على مبالغ كبيرة وكلهم فرح، وعادة ما يستهلكونها في شراء ألعاب العيد على غرار البالونات والمسدسات البلاستيكية والدمى إلى غيرها من الأنواع التي تزين بها الشوارع ويقضى كامل اليوم الأول في تبادل التهاني والتزاور فيما بين الأهل والأحباب وتستكمل تلك الزيارات في اليوم الثاني لاسيما بالنسبة للأقارب الذين تبعد مسافات سكناهم. ذلك هو عيد الجزائريين فهو عيد للتسامح للتزاور، للفرح والابتهاج، لعيادة المرضى بالمستشفيات، أعاده الله علينا وعلى كافة الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.