* هل يجوز أن أنوي بالصدقة الواحدة أكثر من نية؟ كأن أتصدق بنيه تيسير الزواج والشفاء في نفس الوقت؟ ** الحمد لله لا بأس بجمع أكثر من نية حال التصدق، ففضل الله واسع، وقد حرض الله عباده على التعرض لفضله، والسعي في حصول كرامته. قال الله عز وجل عن نبيه نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) نوح/ 10-12 قال ابن كثير رحمه الله: (أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها) انتهى. (تفسير ابن كثير) (8/233) فإذا استغفر العبد ربه وأناب إليه، ورجا أن يحصل له ذلك كله، لم يكن عليه فيه بأس إن شاء الله. قال قتادة: (علم نبي الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: هلموا إلى طاعة الله؛ فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة). وقال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله. وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله. وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدا؛ فقال له: استغفر الله. وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئا، إن الله تعالى يقول: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً) (الجامع لأحكام القرآن) (18/302) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا، وحسنى الآخرة: فلا شيء عليه في ذلك، لأن الله يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2 -3، وهذا ترغيب في التقوي بأمر دنيوي) انتهى من (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين) (2/ 209). فابتغاء العبد بعمله واسع رحمة ربه في الدنيا والآخرة من حسن الظن بالله. ولكن.. لا يكونن قصدك الدنيا وتحصيل منافعها، وأنت معرض عن الآخرة غير راغب فيها، قال الله عز وجل: (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ* وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) البقرة/ 200_ 202 قال الشيخ السعدي: (والحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد، من رزق هنيء واسع حلال، وزوجة صالحة، وولد تقر به العين، وراحة، وعلم نافع، وعمل صالح، ونحو ذلك من المطالب المحبوبة والمباحة. وحسنة الآخرة هي السلامة من العقوبات في القبر، والموقف، والنار، وحصول رضا الله، والفوز بالنعيم المقيم، والقرب من الرب الرحيم، فصار هذا الدعاء أجمع دعاء وأكمله وأولاه بالإيثار) انتهى من (تفسير السعدي) (ص 92)