تقارير ولائية تدقّ ناقوس الخطر.. قطاع الصحّة.. "في الإنعاش"! لا يختلف جزائريان حول الوضع الكارثي لقطاع الصحّة في البلاد، لكن كثيرا ما عوتب مسؤولو القطاع على عدم إدراكهم لحجم كارثية الوضع، غير أن مدراء الصحّة للعديد من الولايات (شذوا عن القاعدة) حين راحوا (ينشرون غسيل) بؤس القطاع الذي اعترفوا بأنه (يحتضر في قسم الإنعاش). سجّلت مختلف التقارير الولائية للقطاع الصحّي التي تمّ عرضها أمس الأحد بالجزائر العاصمة بمناسبة اللّقاء الوطني التقييمي لمدراء الصحّة لولايات الوطن نقصا فادحا في الموارد البشرية المتعلّقة بهذا القطاع. وتأسّف مدير الصحّة لولاية سطيف السيّد محمد رضا لهتيهات للنّقص المسجّل في بعض الاختصاصات على غرار طبّ النّساء، مؤكّدا أن المؤسسة الاستشفائية الجامعية للولاية تفتقر إلى مختصّ في هذا المجال، وأشار إلى أن طلبات التحويل في وسط السلك الطبّي هي التي أثّرت على توازن الخدمة بالاضافة إلى قلّة التأطير بالنسبة للسلك الإداري. كما سجّل مدير الصحّة لنفس الولاية نقصا بالنّسبة للسلك الذي يتكفّل بالكشف المبكّر عن سرطان عنق الرّحم. من جهته، أشار مدير الصحّة لولاية مستغانم السيّد علي خير الدين إلى أن الخدمة الصحّية المتخصّصة بقطاعه ترتكز بنسبة 63 بالمائة بمقرّ الولاية، ممّا يحرم بقّية المناطق النّائية من هذه الاختصاصات التي تحاول الولاية استدراكها من خلال الفرق الطبّية المتنقّلة. وركّزت من جهتها مديرة الصحّة لولاية برج بوعريريج السيّدة دليلة زغلاش على ضرورة وضع خارطة صحّية تستجيب لاحتياجات المنطقة مع إدراج خدمات القطاع الخاص تكملة للقطاع العمومي. ومن جهة أخرى، أشار مدير الصحّة لولاية سكيكدة السيّد محمد ناصر دعماش إلى النّقص المسجّل في الموارد البشرية المسيّرة للمؤسسات العمومية للصحّة الجوارية. أمّا مدير الصحّة لولاية وهران السيّد عبدالقادر قصّاب فقد أكّد على ضرورة تعزيز الولاية بالقابلات والأطبّاء المختّصين في الأمراض التنفّسية والصدرية. وردّ وزير الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات على انشغالات المتدخّلين والمتعلّقة بالنّقص المسجّل في الموارد البشرية مقترحا وضع خارطة صحّية وطنية واستدراك هذا النّقص بالتوزيع العادل للأطبّاء المختصّين في إطار الخدمة المدنية في انتظار تكثيف التكوين. ومن بين النقاط الأخرى التي ركّز عليها المتدخّلون هي نسبة شغل الأسرة التي تتراوح بمختلف الولايات التي عرضت برنامجها الصحّية بين 45 و60 بالمائة، حيث وصف الوزير هذه الوضعية (بالتبذير) مؤكّدا على ترشيد الوسائل المتعلّقة بهذا الجانب بين مختلف نواحي الولاية بدلا من المطالبة بفتح مستشفيات جديدة يصعب تزويدها بالموارد البشرية. زياري: "جهود تُبذل ولكن..." قال وزير الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات السيّد عبد العزيز زياري أمس الأحد بالجزائر العاصمة إنه رغم المجهودات التي بذلتها الدولة لتحسين القطاع (لازال المواطن غير مقتنع بالخدمة المقدّمة). شدّد السيّد زياري خلال إشرافه على اللّقاء الوطني التقييمي لمدراء الصحّة والسكان لولايات الوطن على ضرورة البحث عن طرق كفيلة بتحسين استقبال المواطن والسهر على صحّته في جميع المراكز الصحّية والمؤسسات الاستشفائية، وأوضح في نفس الإطار خلال هذا اللّقاء الأوّل من نوعه بعد تولّيه منصب وزير الصحّة أن البرامج الجهوية هي جزء لا يتجزّأ من السياسة الوطنية للصحّة، حاثّا على ضرورة تطبيق البرامج الصحّية بنفس الطريقة بكلّ الولايات. وفيما يتعلّق باهتمام مدراء الصحّة بالورشات والمشاريع الخاصّة بالقطاع على حساب الخدمات الصحّية أكّد المسؤول الأوّل عن القطاع أن مدير الصحّة (ليس رئيس ورشة) وعليه أن يتكفّل باهتمامات المواطن قبل كلّ شيء، مشيرا إلى التفكير في عدم إلزامه بهذه المهمّة. وركّز السيّد زيّاري بالمناسبة في تقييم مدراء الصحّة على متابعة البرامج الصحّية والمشاريع المنجزة، والتي هي في طريق الإنجاز، خاصّة تلك التي تدخل في إطار برنامج رئيس الجمهورية، وأكّد في نفس السياق على تسخير الدولة لكلّ الوسائل المادية والضرورية بغية تحسين القطاع وتقريب الصحة من المواطن. وبخصوص استدراك النّقص المسجّل في الأطبّاء الأخصّائيين قال السيّد زيّاري إنه بصدد وضع خارطة صحّية بغية تغطية شاملة، مؤكّدا على إعطاء الأولوية لمناطق الجنوب والهضاب العليا، وشدّد على ضرورة تطبيق البرامج الوطنية الوقائية بما فيها صحّة الأمّ والطفل ومكافحة الأمراض غير المعدية، مؤكّدا على تحسين الخدمات ونوعية التكفّل بالمريض. ولدى تطرّقه إلى الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص، والذي يجب أن يكون مكمّلا للقطاع العمومي أكّد السيّد زيّاري على دور مفتشي الوزارة للسهر على خضوع العيادات الخاصّة للقوانين التي تسيّر القطاع.