بعد موجة العنف والفوضى تساؤلات عن أفق الحلّ السياسي للأزمة المصرية تثير الأزمة المصرية الرّاهنة تساؤلات حول أفق الحلّ السياسي بعد سقوط مئات الجرحى وآلاف المصابين منذ عزل الرئيس محمد مرسي مطلع الشهر الماضي، وتواصل أعمال العنف بعد الفضّ الدامي لاعتصامي (رابعة العدوية) و(النهضة). رغم طرح العديد من الشخصيات المستقلّة لمبادرات سياسية لتجاوز الأزمة إلاّ أنه لم يتمّ التعامل معها بجدّية، سواء من جانب السلطة الانتقالية والقوّات المسلّحة أو من التحالف الوطني لدعم الشرعية بوصفهما طرفي الأزمة الرّاهنة في البلاد. وتتصلّب مواقف طرفي الأزمة اتجاه هذه المبادرات، فبينما يؤكّد التحالف تثمينه لأي مبادرة تنطلق من (الشرعية) المتمثّلة في عودة الرئيس والدستور ومجلس الشورى، تشدد السلطات الانتقالية في مصر على أنه لا تراجع عن خريطة الطريق التي وضعت في الثالث من جويلية الماضي. وسبق أن تقدّم رئيس الوزراء السابق هشام قنديل بمبادرة لحل الأزمة ارتكازا على الشرعية الدستورية. كما طرح المرشّح الرئاسي السابق محمد سليم العوا مبادرة أخرى بمشاركة شخصيات بارزة كالفقيه القانوني المستشار طارق البشري، والشيخ حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر، والكاتب الصحفي فهمي هويدي، إلاّ أنه لم يتمّ التجاوب مع المبادرتين. وفي أحدث تحرّك نحو الحلول السياسية، طرح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة سيف الدين عبد الفتّاح مبادرة تتضمّن رحيل وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتّاح السيسي ووزير الداخلية اللّواء محمد إبراهيم، وتحديد الجيش لشخصية عسكرية تقود القوّات المسلّحة بعيدا عن السياسة. تتضمّن مبادرة سيف الدين عبد الفتّاح تكليف رئيس حزب الدستور محمد البرادعي وسليم العوا بالتفاوض مع تلك الشخصية العسكرية، والتواصل مع الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي (لتفويض الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أو سليم العوا أو كليهما كرئيس للوزراء للقيام بتعديلات دستورية للمواد المختلف عليها). وتشمل المبادرة (تشكيل لجان بمراقبة دولية لإحصاء الشهداء والتحقيق في ملابسات قتلهم ونوعية الأسلحة المحرمة ومعرفة ملابسات حرق الجثث، وسرعة تسليم الجثث لأهاليها تخفيفا للغضب الشعبي). وشدّد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة على ضرورة (محاكمة كل من شارك في تلك المذابح التي روت دماؤها تراب مصر)، إلاّ أنه لم تصدر أيّ ردود فعل بالترحيب أو الرّفض اتجاه هذه المبادرة حتى الآن. وحول إمكانية الوصول إلى حلّ سياسي ينهي الأزمة الحالية قال عضو الهيئة العليا لحزب الوسط طارق الملط إنه لا يمكن (حلحلة الوضع الراهن إلا بواسطة الحل السياسي)، مؤكّدا أن (الحلول العنيفة التي تتبعها السلطة لن تساهم في إيجاد حلّ، بل ستعقّد الوضع أكثر). وأضاف الملط، وهو عضو بمجلس الشورى المنحل، أن السلطة تمارس (الإرهاب لتركيع المصريين) ظنّا منها أن ذلك سيحسّن موقفها عند الجلوس للتفاوض، وأشار إلى صعوبة بدء مفاوضات الحلّ السياسي في ظلّ حالة (الهياج) التي تنتاب السلطة ووسائل الإعلام التابعة لها، وأوضح أن الحل السياسي يجب أن يبنى على أساس العودة للشرعية المتمثّلة في الرئيس مرسي، وبعدها تتم تلبية كافة مطالب الجماهير التي خرجت في 30 جوان الماضي. وتابع الملط قائلا: (كما خرجت جماهير عريضة في 30 جوان تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، فقد خرجت على مدار الأيّام الماضية وتحديدا بعد فض اعتصام رابعة العدوية جماهير عريضة أيضا ترفض الانقلاب العسكري، ونبه إلى ضرورة عودة الشرعية ثمّ إيجاد الحلول من داخل الدستور المصري الذي عطله الانقلاب)، وحول عدم تقديم الفريق المؤيّد لعزل مرسي أي مبادرات لمنع إراقة المزيد من الدماء أكّد أن (السيناريو كان معدّا لعودة الدولة الباطشة بموافقة جميع مؤيّدي الانقلاب العسكري، فكيف يتقدّمون بمبادرات لمنع البطش والقتل؟). لكن عضو جبهة الإنقاذ وحيد عبد المجيد رأى أن مبادرات الحلّ السياسي يجب أن تصدر من قيادات جماعة الإخوان المسلمين غير المتورطين في التحريض على أعمال العنف، مشيرا إلى أن مبادرات قنديل والعوا وغيرها ليست إلاّ (تمثيليات مضى وقتها والعقل السياسي الناضج لا يتقبّلها)، وأكّد أنه من الممكن الوصول إلى حلّ سياسي، لكنه شدّد على أن (الشرعية) التي يتمسّك بها الإخوان أصبحت تاريخا، وأن (هناك شرعية شعبية جديدة ولدت في 30 جوان الماضي). وطالب عبد المجيد من أسماهم ب (العقلاء) داخل جماعة الإخوان بالقَبول بخريطة الطريق التي وضعتها القيادة العامة للقوات المسلحة، والمشاركة فيها والتحاور حول خطواتها ليحفظوا لهم مكانا في الحياة السياسية مستقبلا.