يقع على عاتق الجزائريين المقيمين بفرنسا حمل ثقيل ومسؤولية كبرى تتمثل في التصدي لأعداء الإسلام الذين لا يدخرون جهدا لاتخاذ فرنسا محطة للعمل على تشويه الدين الحنيف. وباعتبار الجالية الجزائرية أكبر وأبرز جالية مسلمة في فرنسا، فإن قيام نخبها بالتصدي لكل أشكال معاداة الإسلام يدخل ضمن أبرز أولوياتها، وانشغال أغلب الجزائريين المقيمين في فرنسا ب(مطاردة الخبزة) وتأمين سبل العيش الكريم ينبغي ألا يحول دون أدائهم لواجب الدفاع عن الإسلام. وبإمكان جزائريي فرنسا الاستعانة في نضالهم ضد أعداء دينهم بكتاب (معاداة الإسلام): كيف تصنع النخبة الفرنسية مشكلة الإسلام الصادر حديثا للمختصين في علم الاجتماع عبد العالي حجات ومروان محمد الذي يحلل بوضوح المنطق المشوه لصورة المسلمين الذي ما فتئ يتخذ أبعادا خطيرة في فرنسا. ويتناول المختصان في علم الاجتماع في هذا الكتاب الذي صدر مؤخرا عن دار النشر (لاديكوفرت) في سياق نشر خاص تداعيات معاداة الإسلام في فرنسا التي تتجلى في عدة جوانب عبر وصف دقيق للخطابات والأعمال المرتبطة بمعاداة الإسلام. ويرمي المؤلفان إلى تقديم عناصر للرد واقتراح مجالات تفكير لاعتبار معاداة الإسلام بمثابة ظاهرة اجتماعية تعني كل المجتمع الفرنسي والمؤسسات السياسية والإدارية والقانونية والاقتصادية والإعلامية والفكرية. ويحلل الكتاب الذي يقع في 300 صفحة والذي يضم 12 فصلا هذا (المنطق الإعلامي) من خلال تساؤل مؤلفيه لماذا تنشر الصحافة الفرنسية غالبا مقالات عن )التهديد الإسلامي). ويرى المختصان في علم الاجتماع أن الرد يكمن في منطق إصدار المعلومة الذي يخلق إعلاما لا مكان للمسلمين فيه. وأوضح الباحثان أن المسلمين (هم عبارة عن أدوات أكثر من مواضيع)، وأكدا أن هذا الوضع يعد أيضا نتيجة فرضية تجارية مفادها أنه كون أغلبية المسلمين ينتمون للطبقات الشعبية فإنهم (لا يهتمون) بالصحافة ولا يشكلون بذلك هدفا تجاريا. واستنادا لذات الفرضية فإن (المسلمين لا يشترون لكنهم يساهمون في البيع). ويتطرق الكاتبان إلى أمثلة شهيرة مثل (آداء) يومية (شارلي ايبدو) التي حققت مبيعات بلغت 560.000 نسخة في 2006 عن عددها الخاص بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بدلا من 45.000 نسخة المعتادة. كما يتناول الكتاب حالة سيرين تلك المراهقة البالغة من العمر 15 سنة التي منعت في 2012 من مزاولة دروسها ومشاطرة زملائها فترة الاستراحة بإكمالية في ضواحي باريس بسبب ارتدائها عصابة وتنورة طويلة. وعلق المختصان في علم الاجتماع (تنورة وعصابة ليس لهما أي مفهوم ديني لكن التعامل المدرسي والقانوني والسياسي مع الأمر يعكس بوضوح بعض أشكال معاداة الإسلام المعاصرة في فرنسا). ويدين الكاتبان أيضا الخطابات العمومية التي لا تحصى المسيئة لصورة الإسلام والمسلمين دون أي حرج التي يلقيها رؤساء دول وأعضاء في الحكومة ومهنيو السياسة وصحفيون ومفكرون وإعلاميون وجامعيون. وأوضحا أن (الجميع يتفق على وجود مشكلة مرتبطة بالإسلام التي لا بد للسلطات العمومية التصدي لها بصفة عاجلة)، مؤكدين أن الخطابات المعادية للإسلام (المربحة) سيما خلال الحملات الانتخابية تخلق (مناخا إيديولوجيا معاديا) لتواجد المسلمين بفرنسا. في هذا الصدد أضافا أنه خلال فترة التسعينات صرح جاك شيراك الذي كان حينها رئيس بلدية باريس ورئيس حزب التجمع من أجل الجمهورية قائلا (إن عمل بولونيين وإيطاليين وبرتغاليين لدينا يمثل مشاكل أقل مقارنة مع عمل المسلمين أو السود). هذا إضافة إلى تصريح بيار-أندري تاغييف باحث بمركز البحث في العلوم السياسية الذي أكد بدوره أن (مليوني مسلم في فرنسا يعني مليوني متطرف محتمل). ويتمثل الهدف الثاني لكتاب عبد العالي حجات ومروان محمد في شرح كيفية اعتبار الإسلام شيئا فشيئا بمثابة (مشكلة) في فرنسا وكيف أصبحت معاداة الإسلام السلاح المفضل لعنصرية ضمنية. في الأخير يتضمن الكتاب تحليلا لطريقة تلقي المسلمين أنفسهم للخطابات المعادية للإسلام وأشكال الاحتجاج ضد معاداة الإسلام ضمن النشاط الجماعي والتعبئة مع التأكيد على (بروز متنامي) لجمعيات مناهضة لمعاداة الإسلام التي تنم من جهة أخرى عن تدهور مستمر للوضع. ولا تزال الاعتداءات ضد النساء اللائي ترتدين الحجاب وأعمال التخريب التي تستهدف المساجد والشتائم العمومية في حق المسلمين تعرف ارتفاعا. في تقريره الأخير أحصى المجمع المناهض لمعاداة الإسلام في فرنسا سنة 2012 ما يقارب 469 عمل مرتكب ضد المؤسسات أو الأشخاص مقابل 298 في 2011 و188 في 2010 أي زيادة بنسبة 4ر57 في عدد الأعمال المناهضة للإسلام.