يحمل تاريخ المنتخب الوطني العديد من المواجهات التي لا تنسى، كيف لا وقد أخرجت الملايين من الجزائريين إلى الشوارع احتفالا بالنّصر. ترى ما هي هذه التواريخ التي أنست الجزائريين همومهم، آلامهم وحدتهم؟ فلنبدأ من أوّل يوم احتفل فيه الجزائريون بنشوة فوز منتخبنا الوطني. 6 جانفي 1963: أوّل لقاء كروي للمنتخب الوطني بعد الاستقلال وفيه هزمنا بلغاريا أوّل فرحة للجزائريين مع منتخبنا الوطني كانت في السادس من شهر جانفي عام 1963، وهو اليوم الذي واجه فيه منتخبنا الوطني بقيادة المدرّب إسماعيل خباطو المنتخب البلغاري بملعب 20 أوت بهدفين لواحد. فرغم الطابع الودّي للقاء إلاّ أن الملايين من الجزائريين خرجوا إلى الشوارع يحتفلون بنشوة الفوز. اللقاء احتضنه ملعب 20 أوت أمام جمهور غفير جدّا اكتظّت به هذا الملعب. وجاء اللقاء سريعا، المنتخب البلغاري كان السبّاق إلى التسجيل في المرحلة الأولى، لكن المرحلة الثانية كانت لمنتخبنا الوطني، حيث فرض أشبال المدرّب خباطو سيطرة كلّية جسّدها لاعب أولمبي العناصر آنذاك عبد الغني زيتوني بهدفين سمحا للمنتخب الوطني بإنهاء اللقاء لمصلحته، وهو أوّل فوز بعد الاستقلال يوقّعه منتخبنا الوطني. 6 سبتمبر 1975: ليلة رمضان التي هزمنا فيها فرنسا سيبقى اللقاء الذي خاضه منتخبنا الوطني في يوم 6 سبتمبر عام 1975 ليلة أوّل يوم من رمضان المعظّم من بين أهمّ المباريات التي لا تنسى، كيف لا والمنافس اسمه المنتخب الفرنسي والمنافسة نهائي دورة الألعاب المتوسطية التي استضافتها بلادنا في تلك السنة..فأمام حوالي 80 ألف متفرّج وتحت إشراف المدرّب رشيد مخلوفي انتظر الجمهور الرياضي الجزائري الثواني الأخيرة من اللقاء لتعديل النتيجة بفضل الهدف التاريخي الذي وقّعه عمر بتروني بعد أن كان المنتخب الفرنسي متقدّما في النتيجة (2/1). لكن في الوقت الذي كان فيه الحكَم يستعدّ لإنهاء المباراة بفوز المنتخب الفرنسي حدث ما لم يكن يتمنّاه الفرنسيون، بل ما لم يكن يحلم به جلّ الجزائريين، ففي الوقت الذي انطفأت فيه أنوار صبّورة ملعب 5 جويلية بانتهاء التسعين دقيقة وإذ بعمر بتروني يقوم بهجمة خاطفة تمكّن على إثرها من إسكان كرته شباك المنتخب الفرنسي، ويا له من هدف، حيث أغمي على العديد من الجزائريين، كما أنه أعاد الرئيس الرّاحل هواري بومدين إلى ملعب 5 جويلية بعد أن غادره حتى لا يقف وقفة إجلال للنشيد الفرنسيو فجاء هدف منفلاتي في الوقت الضائع ليمنح المنتخب الجزائري أوّل وآخر ميدالية ذهبية في الألعاب المتوسطية وأوّل تتويج للكرة الجزائرية بعد الاستقلال. 21 ديسمبر 1979: الخماسية التي أذلّت المغاربة في "كازابلانكا" بعد أربع سنوات من الفوز التاريخي بالميدالية الذهبية لدورة الألعاب المتوسطية التي احتضنتها بلادنا عام 1975 كان الجزائريون على موعد مع فوز لا تزال طلاسمه مستورة إلى حدّ اللّحظة، كيف لا والفوز كان في ملعب الدار البيضاء المغربية والمنافس هو (أسود الأطلس) المغرب والمنافسة الدور التصفوي الأخير لأولمبياد موسكو عام 1980. بعد مشوار إيجابي للفريقين في التصفيات التقى الفريقان في الدور الأخير، ففي ملعب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء وأمام حوالي 50 ألف متفرّج وتحت إدارة الحكَم ميشيلوتي انطلق الشوط الأوّل وأوّل محاولة كانت للاعب (الخضر) قمري الذي ضيّع هدفا محقّقا. وفي الدقيقة ال 15 قمري رضوان مرّر كرة على طبق من ذهب إلى اللاّعب بن ساولة الذي راوغ بطريقة ذكية كلاّ من العربي وليمان وأسكن الكرة في الزّاوية اليمني لمرمي حزاز (1-0). 15 دقيقة من بعد نفس اللاّعب بن ساولة من جديد يفاجئ المغاربة ويصرعهم بهدف ثاني، وبالرغم من هذا لم يتسرّب اليأس إلى صفوف المغاربة وتمكّنوا من تقليص الفارق عن طريق ليمان في الدقيقة ال 32 بعد ضربة جزاء. وعلى وقع هدفين لواحد انتهى الشوط الأوّل. الشوط الثاني لم يختلف عن الأوّل، في الدقيقة ال 69 بن ساولة أرسل رصاصة الرّحمة إلى المغاربة ووقّع بطريقة مبدعة الهدف الثالث، ولم يبق للمغاربة سوى الإرادة لإتمام اللقاء. وفي الدقيقة ال 71 فرفاني يضع مري رضوان وجها لوجه مع الحارس المغربي حزاز، وبكلّ سهولة يضيف ابن جمعية وهران الهدف الرّابع، ليختم صالح عصاد مهرجان الأهداف في الدقيقة ال 87 بهدف ولا أروع وبرجله اليسرى، بعدها بدقائق قليلة أعلن الحكَم ميشيلوتي صفّارة النّهاية بفوز تاريخي ل (الخضر). وفي لقاء الذهاب جسّد المنتخب الوطني قوته وهزم المنتخب المغربي بنتيجة (3/0) في ملعب 5 جويلية وبلغ لأوّل وآخر مرّة الدورة النّهائية للأولمبياد. 30 أكتوبر 1981: الفوز على نيجيريا والتأهّل التاريخي إلى مونديال الأندلس في ليلة الفاتح من نوفمبر عام 1981 التقى منتخبنا الوطني نظيره النيجيري في ملعب 17 جوان بمدينة قسنطينة في إيّاب الدور التصفوي الأخير لمونديال إسبانيا 82. الفريق الوطني دخل بالتشكيلة التالية: في الحراسة مهدي سرباح، في الدفاع صالح لرباس وفوزي منصوري ونور الدين وريشي ومحمود فندوز، وفي الوسط محمد قاسي سعيد ومحيوز وبلومي وفي الهجوم فموح وماجر وجمال زيدان، المدرّبون كلّ من الرّاحل روغوف ومعوش وصوكان. في الثانية ال 40 من بداية اللقاء فموح ضيّع هدفا محقّقا. ستّ دقائق من بعد كان الجمهور الجزائري على موعد مع الهدف الأوّل وقّعه لخضر بلومي، حيث استغلّ كرة مرتدّة من زيدان وقذفها من 20 مترا ليسكنها في شباك الحارس النيجيري العملاق بيست. النيجيريون لم يستسلموا وراحوا يشنّون الهجمة تلو الأخرى كلّلت بهدف في الدقيقة ال 40 عن طريق اللاّعب إيسماو بنتيجة التعادل هدف لمثله وانتهت المرحلة الأولى. المرحلة الثانية دخلها النيجيريون بقوة قصد إضافة هدف ثان قد يمهّد لهم الطريق إلى أهداف أخرى، لكن ونظرا لصمود الدفاع الجزائري بقيادة فندوز وقريشي بدأت تتلاشى القوة النيجيرية وكان لحماس الجمهور الجزائري من المدرّجات الأثر الإيجابي في نفسية اللاّعبين، حيث راحوا ينقلون الخطر من منطقة الحارس سرباح إلى منطقة الحارس سيبت الذي اهتزّت شباكه ثانية بواسطة رابح ماجر، لتمتزج الفرحة بفرحة عيد اندلاع الثورة التاريخية الذي صادف الذكرى ال 27. 16 جوان 1982: الفوز الأسطوري على ألمانيا يوم آخر من الأيّام الحلوة التي أفرحت الجزائريين 16 جوان 1982، وحين نذكر هذا التاريح تعود بنا الذاكرة إلى أيّام المجد الذهبي لكرتنا، يوم هزمتنا فيه منتخب بلاد (الجرمان) بالأداء والنتيجة (2/1). بعد بلوغ منتخبنا الوطني نهائيات كأس العالم بإسبانيا على حساب المنتخب النيجيري كما سبق الذكر منذ قليل أوقعت عملية القرعة منتخبنا الوطني في المجموعة الرّابعة التي ترأستها ألمانيا، إضافة إلى المنتخبين النمساوي والشيلي. دشّن المنتخب الوطني مونديال إسبانيا في ال16 جوان 1982، ففي تمام الساعة الرّابعة وربع من عصر يوم الأربعاء أعطى الحكَم البيروفي لابو إشارة الانطلاقة بملعب خيخون أمام حوالي 20 ألف متفرّج. فرغم الأسماء الرنّانة التي كانت تزخر بها الآلة الألمانية إلاّ أن شبّان الجزائر بقيادة ثنائي التدريب رشيد مخلوفي وخالف محي الدين تمكّنوا من إنهاء الشوط الأوّل دون أهداف، وهي النتيجة التي تمنّى حينها الجمهور الرياضي الجزائري أن تنتهي بها المباراة كونها أشبه بالانتصار. لكن زملاء ماجر في المرحلة الثانية قالوا إنه (يجب أن نفوز)، حيث تمكّن ماجر بطريقة رائعة من فتح باب التسجيل بعد 15 دقيقة من اللّعب، بعدها ب 10 دقائق تمكّن ورمينيغي من تعديل النتيجة، لكن فرحة الألمان لم تدم إلاّ دقيقة واحدة، ففي عزّ هذه الفرحة نجمنا الكبير وأحسن لاعب جزائري لكلّ الأوقات لخضر بلومي تمكّن من هزّ شباك الحارس الألماني شوماخر. وفور انتهاء المباراة راح الملايين من الجزائريين يحتفلون بهذا الفوز العظيم، ويا له من فوز. 6 أكتوبر 1985: الفوز على تونس والتأهّل إلى مونديال "الأزتيك" بعد أن ظلّ المنتخب التونسي الشبح المخيف لمنتخبنا الوطني وقبل أن توقعهما عملية القرعة في لقاء فاصل لتحديد هوية الصاعد إلى مونديال المكسيك لعام 1986، كان قد ألحق به المنتخب التونسي الكثير من الهزائم التي أسالت أكثر من مرّة دموع الجزائريين، لكن الجيل الذهبي لعشرية الثمانينيات بقيادة بلومي وماجر وعصاد تمكّنوا من زلزلة الأرض من تحت أقدام التونسيين في يوم لن ينساه هؤلاء. في ال 6 أكتوبر من عام 1985 استضاف المنتخب التونسي منتخبنا الوطني بملعب المنزه أمام حوالي 40 ألف متفرّج، وتحت قيادة الحكَم البلجيكي سشورتر عبث منتخبنا الوطني بنظيره التونسي وهزّ شباكه برباعية لهدفين سجّلها كلّ من ماجر، بلومي ومناد في مناسبتين. فوز مهّد للمنتخب الجزائري الطريق لبلوغ المونديال للمرّة الثانية بعد أن أكّد تفوّقه على المنتخب التونسي في لقاء الإيّاب (3/0)، لكن فرحة الجزائريين بنشوة التأهّل إلى المونديال كانت قد تلاشت بعد أن فرحوا وتغنّوا إثر نهاية مباراة الذهاب بفوز الجزائر كما سبق الذكر بنتيجة لا تقبل أيّ جدل (4/1). 16 مارس 1990: التتويج بكاس أمم إفريقيا 1990 بعد أربع سنوات ونصف السنة عن بلوغ منتخبنا الوطني مونديال بلاد الأزتيك عام 1986 كان الجزائريون على موعد مع الفوز التاريخي بأوّل وآخر كأس لأمم إفريقيا التي احتضنتها بلادنا في ربيع عام 1990، والتي حسمها آنذاك أشبال المدرّب عبد الحميد كرمالي لمصلحتهم بتفوّقهم في اللقاء على نيجيريا بهدف لصفر. ففي تمام الساعة الرّابعة من عصر يوم السادس عشر من شهر مارس عام 1990 وبملعب 50 جويلية وأمام أكثر من 80 ألف متفرّج التقى المنتخبان الجزائري والنيجيري في اللقاء النهائي للدورة السابعة عشر من كأس أمم إفريقيا. إرادة اللاّعبين الجزائريين لانتزاع الكأس الإفريقية الغالية جسّدها اللاّعب شريف وجاني في الدقيقة ال 38 بهدف من أروع ما سجّل هذا اللاّعب أسكنها في شباك الحارس النيجيري أولسين. وفور تسلّم رابح ماجر الكأس العالية من رئيس الاتحاد الإفريقي الحالي عيسى حياتو خرج الملايين من الجزائريين إلى الشوارع يحتفلون بهذا التتويج الغالي، ودامت الأفراح أيّاما عدّة. 7 جوان 2009: فوز "الخضر" على "الفراعنة" حتى وإن احتفل الجزائريون بفوز (الخضر) على منتخب (الفراعنة) في نهائيات كاس أمم إفريقيا عام 2004 بتونس بهدفين لواحد، إلاّ أن الفوز الأخير على نفس المنتخب بملعب (مصطفى تشاكر) بمدينة البليدة الأحد المنصرم برسم الإقصائيات المزدوجة لكأس العالم وإفريقيا 2010 أنسى الملايين من الجزائريين متاعبهم اليومية وآلامهم، حيث خرج الملايين منهم إلى الشوارع فور انتهاء المباراة بفوز مستحقّ لأشبال المدرّب رابح سعدان بثلاثية لن ينساها المصريون إلى الأبد، حيث قال الحارس المصري الشهير في مونديال إيطاليا أحمد شوبير إن تاريخ 7 جوان 2009 من بين أسوأ التواريخ في تاريخ مصر الحديثة. 18 نوفمبر 2006: فوز الجزائر على مصر في أم درمان والتأهّل إلى مونديال جنوب إفريقيا يبقى تاريح 18 نوفمبر من السنة الماضية من بين أسعد التواريخ التي أفرحت الجزائريين، كيف لا وفي هذا اليوم الأربعاء 18 نوفمبر تمكّن شبّان الجزائر بقيادة عنتر يحيى من هزّ شباك الحارس المصري عصام الحضري بقنبلة قادت منتخبنا من مدينة أم درمان السودانية إلى جنوب إفريقيا، أين ستقام نهائيات كأس العالم المقبلة. وعقب نهاية المباراة خرج الملايين من الجزائريين يحتفلون بالفوز العظيم على مصر وتأهّل (الخضر) لثالث مرّة إلى نهايات كأس العالم بعد دورتي إسبانيا 1982 والمكسيك 1986. 18 جانفي 2010: تأهّل الجزائر إلى الدور الثاني لكأس أمم إفريقيا بأنغولا بما أن تاريخ 18 من كلّ شهر بات مقرونا بأفراح الجزائريين كان الموعد مع يوم 18 جانفي الأخير، يوم تمكّن فيه منتخبنا من بلوغ الدور الثاني لكأس أمم إفريفيا لما حقّقه حاليا بأنغولا بتعادله سلبيا أمام المنتخب الأنغولي منظّم البطولة، تعادل كان كافيا ليؤهّل (الخضر) إلى الدور الثاني بعد فوز مالي على مالاوي. وكالعادة خرج الملايين من الجزائريين عقب تأهّل منتخبنا إلى الدور الثاني ليفرح بنشوة التأهّل والجميع يتمنّى أن يجتاز زملاء كريم زيّاني مواجهة كوت ديفوار. 24 نوفمبر 2010: تأهّل "الخضر" إلى المربّع الذهبي لدورة أنغولا آخر فرحة قد نتوقّف عندها هي فوز منتخبنا الوطني التاريخي على المنتخب الإيفواري بنتيجة (3/2)، لم يمنع الجزائريين في مختلف أنحاء الوطن وحتى الجالية الجزائرية المقيمة في المهجر من الخروج إلى الشوارع احتفالا بهذا التأهّل. تلكم باختصار أهمّ التواريخ التي أفرحت الجزائريين وأخرجتهم إلى الشوارع وهم يرقصون ويهتفون بحياة المنتخب الوطني وبحياة الجزائر، وما أجمل أن تتواصل أفراحنا.