نزل خبر تأجيل ترحيل أكثر من 1000 عائلة من حي ديار الشمس بالمدنية بالعاصمة إلى صيف العام المقبل كالصاعقة على سكان الحي بعد الآمال التي بنوها بعد رمضان، حيث كان من المقرر ترحيل سكان الحي إلى شقق جديدة وواسعة مثل تلك التي استفاد منها أقرانهم في مارس الفارط حيث تم ترحيل حوالي 300 عائلة، وبُنيت العديد من الآمال بعد أن سطرت جل العائلات برامجها وفقا لذلك الحلم التي حلمت به منذ أمد بعيد وراحت تسطر مشاريع تزويج أبنائها كون أن مشكل تأخر الزواج يمس العديد من شباب الحي ورأس المشكل هو ضيق تلك السكنات التي لا تتسع حتى لأفراد العائلة الواحدة فما بالنا بضم أسر جديدة. هناك العديد من الشبان على مستوى ذلك الحي الذي يمتاز بطابع شبابي تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين إلا أن حلم الزواج لا يزال بعيداً عنهم ويبقى ذلك الحلم عالقا إلى غاية الحصول على سكنات والتي أصبحت بعيدة المنال بعد اليأس والإحباط الذي تعرض له معظم السكان خصوصا بعد انتشار خبر تأجيل الترحيل إلى صيف السنة المقبلة، ففيما سبق وجد بعض الشبان الحل في بناء تلك البيوت الفوضوية التي كانت تتوسط الحي إلا انه حاليا وبعد سياسة القضاء على السكنات الهشة لا مفر لهؤلاء الشبان من تحمل العزوبية لسنوات أخرى بعد تقدم عمرهم كون انه من المستحيلات السبع ضم عائلة أخرى بعد تزويج الأبناء بتلك السكنات الضيقة التي يعود بناؤها إلى الحقبة الاستعمارية. أحلام وردية تذهب سدى بعد الوعود المتكررة التي أخذها السكان بمحمل الجد اصطدم سكان حي ديار الشمس بالمدنية بذلك القرار الذي يفيد بترحيل عدد قليل من سكان العمارات في أواخر شهر ديسمبر على أن يؤجل ترحيل سكان العمارات المتبقية إلى صيف العام المقبل. ذلك الخبر الذي نزل على العائلات كالصاعقة لاسيما وان آمالها كانت كبيرة في تحقق الحلم الذي طالما حلمت به العديد من العائلات وراحت تبني طموحاتها عليه. وفي هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين على مستوى الحي الذين أظهروا غيظهم الشديد لاسيما وان أقرانهم وبعد أن عايشوا المرارة، هم ينعمون الآن في شقق متكونة من ثلاث وأربع غرف ليبقوا هم يكابدون ذلك الضيق الخانق الذي عايشوه لأكثر من خمسين سنة. يقول السيد "ع "، 40 سنة، أن مشكل الضيق هو الذي حرمه من حلم بناء بيت وهو في ذلك العمر وبعد أن بزغت قليلا شمس الأمل سارعت أمه البالغة من العمر78 سنة لإخراجه من دائرة العزوبية على أن يتم عقد قرانه بعد دخول البيت الجديد، إلا ان ما تداول من أخبار مؤخرا حول تأجيل مشروع الترحيل سقط على مسامع الكل كالصاعقة، وتساءل محدثنا: "ما عسانا نفعل لاسيما وان تشييد البيوت الفوضوية يمنع منعا باتا، ومنذ أن سمعت الخبر وأنا أعاني من أزمات نفسية وضغوط لاسيما وان أهل خطيبتي استعجلوني وحمَّلوني مسؤولية لا يد لي فيها، فما عساي افعل بعد أن أوصدت كل الأبواب في وجهي خاصة مع تأجيل قرار الترحيل ونحن عائلة متعددة الأفراد؟". وتجدر الإشارة أن محدثنا ليس الوحيد من يعاني من هذا المشكل بل العشرات من الشباب الذين ملوا من العزوبية لاسيما وان الوقت قد حان بعد تقدم أعمارهم، مما أدى إلى سخطهم وسخط عائلاتهم خاصة أمهاتهم اللواتي أبين إلا الفرح بأبنائهن وتوصيلهم إلى بيوتهم قبل مغادرة هذه الدنيا إلا أن القدر كان أقوى، وشاء قدرهم إضافة عام آخر أو ربما سنوات أخرى في تلك البيوت الضيقة التي أفرزت العديد من الآفات على مستوى الحي لم يسلم منها إلا من تقوّى بروح الإيمان والصبر. وعود واحباط بعد انتفاضة حي ديار الشمس التي جرت وقائعها في ثلاثاء الغضب بتاريخ 20 أكتوبر من العام الفارط والتي وجد فيها الشبان الحل في إلحاق صوتهم إلى السلطات العليا بالبلاد بحيث أفرزت انطلاق أول عملية ترحيل في الحي في مارس الفارط والتي شملت 500 عائلة جمعت بين 300عائلة من سكان العمارات و200 عائلة من سكان البيوت الفوضوية، تم إعلام السكان بعدها أن عمليات الترحيل سوف تتوالى وتتواصل إلى غاية شهر أكتوبر المقبل على أن يتم ترحيل كل العائلات قبل نهايته، وانتظرت العائلات ذلك في العطلة المدرسية إلا أن شيئا لم يحدث، بعدها توالت الوعود وكان آخرها يفيد استئناف الترحيل مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان المعظم إلا أن لا مستجدات تذكر في ذلك الشأن، بعدها تسلل الخوف إلى قلوب العائلات القاطنة بالحي، وانتهج شبانها للمرة الثانية أسلوب الاحتجاج قبل أسابيع قليلة ولم يؤت ثماره في هذه المرة، وألغى أحلام مئات العائلات التي كانت تنتظر بصيص أمل يخرجها من كربتها التي تجرعت مراراتها طويلا لاسيما بعد أن تداول خبر تأجيل الترحيل إلى السنة المقبلة. وعن هذا قالت السيدة "ن": "لقد صبرنا طويلا وطالت مأساتنا التي ترعرع أولادنا فيها وكبرت معهم مشاكلهم في ذلك الضيق الخانق والآن عندما بزغت شمس الأمل قليلا سرعان ما انطفأت لاسيما بعد الوعود المتتالية التي سمعناها من السلطات المحلية والتي لم يتحقق منها ولا وعد على ارض الواقع، مما زاد من إحباطنا ونحن اليوم وبعد أن فقدنا الأمل وأصبحنا نعيش على الأعصاب لاسيما بعد أن تأكدت من بقائنا في تلك السكنات لحقبة أخرى لا ندري مدتها في ظل تلك الوعود الكاذبة، نأمل أن تلتفت إلينا السلطات العليا بالبلاد على رأسها فخامة رئيس الجمهورية الذي لم يخيب ولو مرة واحدة أمل شعبه من اجل استكمال الفرحة التي عشناها مع أقراننا بعد أن رحلوا في مارس الفارط ولم يتناسونا بالدعاء المكثف لكي ننتشل نحن أيضا من تلك القبور ولا نقول سكنات كونها لا تتسع لا للمآتم ولا للأفراح، وكثيرا ما كانت هي لب المشاكل الاجتماعية والنفسية التي يتخبط فيها العديد من شباب الحي فهؤلاء الشباب لم يثوروا هكذا بل ما تجرعوه من همٍّ وغم لعقود من الزمن هو ما دفعهم إلى شن تلك الاحتجاجات المتتالية لعلها تجد آذانا صاغية" . وفعلا وجدوا أذانا صاغية، إلا أن الخطوة لم تستكمل فمشكل ديار الشمس لا يتعلق ب300 عائلة التي تم ترحيلها في مارس الفارط بل بأزيد من 1000عائلة وما تلك الدفعات التي رُحّلت إلا نقطة في بحر.