بكاميرات مخرجين شباب بلغت السينما العراقية بسبعينيات القرن الماضي ذروة مجدها. أنتج مخرجون كمحمد شكري جميل وقاسم حول وفيصل الياسري وجعفر علي أفلاما مهمة بقيت علامات فارقة في المشهد السينمائي العراقي، قبل أن تنضب الأعمال المهمة تدريجيا وتدخل السينما العراقية، كما هو حال البلد في نفق مظلم. وبعد مرحلة ركود وتهميش للفن السابع أملتها الظروف السياسية والأمنية في بلاد الرافدين بدأت السينما العراقية مرحلة جديدة واعدة بفضل جيل جديد من الشباب الموهوبين في العراق أو المهجر، اقتحموا مجال الإبداع السينمائي وشاركوا بالمهرجانات الدولية رغم صعوبات نقص التمويل، وغياب بنية تحتية مناسبة وتراجع الدعم الحكومي، الذي بدأ أيضا يتطور ضمن فعالية بغداد عاصمة للثقافة العربية. وضمن برنامج (إرث عراقي أطفال المستقبل) شاركت السينما العراقية في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي بعدة أفلام روائية قصيرة بينها (أطفال الحرب) للمخرج ميدو علي، و(خزان الحرب) ليحيى العلاق، و(أطفال الله) لأحمد ياسين و(عيد ميلاد سعيد) لمهند حيال، و(أحمر شفاه) للؤي فاضل و(طيور نسمة) لنجوان علي وميدو علي. وفازت ثلاثة أفلام عراقية بجوائز المهرجان بينها الفيلم العراقي البلجيكي (الصوت المفقود) للمخرجة بافي ياسين بجائزة أفضل فيلم روائي قصير، وهو من إنتاج بافي ياسين ونور معطلة. كما منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم العراقي الإيطالي (القاع) للمخرج حيدر رشيد من العراق. وكان فيلم (أطفال الله) للمخرج أحمد ياسين فاز بجائزة الاتحاد الدولي للنقّاد (فيبرسي) الأفلام العربية القصيرة، وشهادة تقدير وهو إنتاج عراقي إنجليزي. ويحكي الفيلم قصة الفتى الذي بترت ساقاه وراهن بكل ما يملك بفوز فريق البنات على فريق البنين في مباراة كرة القدم، وكل ذلك ليلفت انتباه فتاة مولع بها وهي حارسة مرمى فريق الإناث. ومن الجدير ذكره أن هذا الفيلم وغيره من الأفلام المشاركة بالمهرجان هو إنتاج ورشة متطورة أطلقها المركز العراقي للفيلم المستقل لمدة سنة كاملة عام 2012 على الكاميرا السينمائية 35 ملم تحت إشراف المخرج الدراجي، حيث انخرط عشرون طالبا في هذه الورشة بعضهم من خارج العراق حاليا ضمن مشروع المركز في صناعة جيل جديد للسينما العراقية. وكان فيلم (تحت رمال بابل) للمخرج محمد جبارة الدراجي قد حصل على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته السابقة، وصنف فيلم (ابن بابل) للدراجي نفسه ضمن قائمة أفضل مائة فيلم عربي وهو الفيلم العراقي الوحيد ضمن القائمة. وترى المخرجة العراقية بافي ياسين أن عدسات المخرجين العراقيين الشباب ستعطي صورة أخرى وميلادا جديدا للسينما العراقية. وتضيف بافي ياسين أنها لم تتوقع لفيلمها -الذي كتبته وأخرجته وأنتجته والذي لا تتجاوز مدة عرضه عشرين دقيقة- أن ينال جائزة مهمة مثل جائزة المهر السينمائي، كما أنه تم ترشيحه مع عدد من الأفلام الفائزة ليكون بين القائمة الطويلة في فئة الأفلام القصيرة للأوسكار وهو الخبر الذي فوجئت به حين تم إعلانه أثناء المهرجان. وتؤكد أن مشروعها القادم هو فيلم (الوهم)، وهو نوع جديد من الأفلام الوثائقية التي يتم تنفيذها بشكل سينمائي تم ترشيحه في سوق دبي السينمائي الذي يتم فيه عرض مشروعات أفلام ليست جاهزة، وهو إنتاج بلجيكي كامل وسيتم تصويره في أفريل 2014، نصفه في بلجيكا والنصف الآخر في كردستان العراق. يذكر أن بافي ياسين هي مخرجة عراقية كردية تعيش في بلجيكا منذ 2002، حصلت على الماجستير في الإخراج السينمائي من بروكسل، وأخرجت أثناء الدراسة مجموعة أفلام دخلت مهرجانات بلجيكية متعددة إلا أن (الصوت المفقود) هو عملها الأول كمخرجة محترفة.