تعرف الجمهور الوهراني أول أمس على ملامح السينما العراقية من خلال فيلم »ابن بابل« لمخرجه محمد الدراجي الذي احتضنته بقاعة المغرب في اطار لمنافسة الأفلام الروائية الطويلة للمهرجان الدولي للفيلم العربي حيث تم تسليط الضوء على مشكل العراقيين المفقودين بعد سقوط نظام صدام حسين عبر قصة مؤثرة لطفل كردي يدعى أحمد ويبلغ من العمر 12 سنة، حيث تظهر المشاهد الأولى بالصحراء عندما يصور المخ رج حالة اليأس التي يعيشها هذا الطفل الصغير رفقة جدته أم ابراهيم و يقرران البحث عن ابنها الذي لم يعد إلى المنزل منذ حرب الخليج عام 1991 خصوصا أن هناك أخبار تؤكد أن ابنها ابراهيم قد سجن في الناصرة بعد غزو العراق للكويت فتبدأ رحلة هذين الشخصين ليعيشا معا معاناة كبيرة مع الحرب وسط المجازر الشنيعة التي تعرض لها الأكراد وانتشار المقابر الجماعية التي صرت مأوى للضحايا العراقيين. وقد عمل المخرج العراقي محمد الدراجي في هذا الفيلم على إبراز الإرادة القوية التي طغت على الأكراد لا سيما الأطفال حيث قدّم شخصية » أحمد« بشكل جريء بعد أن جعله يبدو طفلا يقظا ومترجلا وله عزيمة قوية للبحث عن والده ابراهيم الذي أوقفته قوات الحرس الجمهوري لصدام حسين نهاية حرب الخليج منذ 12 سنة، فيشق رحلة البحث رفقة جدته على طول الطرقات الصحراوية أين يلتقيان بأشخاص يحاولون قدر المستطاع مساعدتهما لتستمر رحلة البحث الجماعية عن هذا الشخص المفقود ليصل أحمد في الأخير رفقة جدته إلى جنوب بابل ويتعرفان هناك على جندي سابق في الحرس الجمهوري الذي يحاول مساعدتهما وانطلاق من هذه النقطة تتغير حياة أحمد رغم صغر سنه ويدرك أمورا كثيرة كان يجهلها حول الحرب ومعاناة الأكراد لتولد لديه فكرة عن قساوة الحرب وتأثيرها الشنيع على حياة شعبة المظلوم. وعلى هذا الأساس فقد نقل المخرج صورة حقيقية عن بشاعة هذه الحروب مباشرة بعد سقوط نظام صدام بالعراق وأبرز معاناة الشعب العراقي جراء هذه المجازر وصورة المقابر الجماعية التي عبّرت بكل وضوح عن شكل الحياة التي عاشها العراقيون في هذه الفترة الدامية وللإشارة فإن المخرج محمد الدراجي من أبرز المخرجين العراقيين الذين تحدثوا عن حرب العراق وعالجوا في أفلامهم الحروب العربية بشكل عام وهو من مواليد بغداد وتمكن من الذهاب إلى هولندا المتابعة دروس في الإخراج السينمائي بأكاديمية السمعي البصري »بهيلفرسون« بعد نيله شهادته قرر تعميق تكوينه فسافر إلى انجلترا واشتغل في تحضير أفلام اشهارية قبل أن يقرر العودة إلى العراق في 2003 حيث صوّر أول فيلم طويل له بعنوان »أحلام« وقد عرف فيلمه »إبن بابل« نجاحا كبيرا في جلّ المهرجانات العربية كما حاز من العديد من الجوائز علما أن هذا العمل قد أنتجه بشركته الخاصة وميزانية صغيرة حيث صوّر وقائع الفيلم في ديكورات طبيعية بممثلين هواة على غرار ياسر طالب، شيزاد حسين وبشير المجيد في حين تكفل بالسيناريو كل من جينيفر نورج، محمد الدراجي ومثال غازي.