وزيرنا للصحّة جمال ولد عباس تابع على التلفزيون الجزائري، مثله مثل ملايين الجزائريين، تحقيقا حول الوضعية المزرية التي يعانيها المرضى بمستشفى »الحكيم عقبي« بمدينة ڤالمة، وهي وضعية آلمت كلّ من تابعها. وبما أن ولد عباس ليس كبقّية الجزائريين الذين لا حول لهم ولا قوّة ولا يمكنهم فعل شيء غير الأسف، فهو وزير القطاع ويمتلك سلطة القرار وواجبه إصلاح ما يمكن إصلاحه وتخفيف معاناة المرضى وحلّ مشاكل الأطبّاء وعموم المستخدمين، وقد أحسن الوزير صنعا حين لم يكتف بإجراء مكالمة هاتفية مع مدير المستشفى المعني أو مدير الولاية التي يتواجد بها، وإنما تنقّل إلى المدينة بعد أربعة أيّام من بثّ التحقيق في التلفزيون الجزائري. ومن داخل المستشفى صرّح الوزير قائلا: »الصور التي بثّها التلفزيون الجزائري في نشرة الثامنة ليوم الثلاثاء الماضي عن ظروف الاستقبال بالمستشفى هي التي دفعتني إلى هذه الزيارة«. ولعلّها من المرّات النّادرة جدّا التي يتحرّك فيها مسؤول بحجم وزير في الحكومة بناء على تحقيق قام به التلفزيون، وهو تحرّك محمود يستحقّ التنويه مثلما يتطلّب التقاعس الشجب. فالتلفزيون أحسن حين نزع ورقة التوت عن ممارسات مشينة في ذلك المستشفى، والوزير أحسن أيضا من خلال تنقّله إلى المستشفى ووقوفه على الوضعية السيّئة، وبالتالي إعطاء التعليمات اللاّزمة لتخليص المرضى من معاناتهم الرّهيبة. وقد أثبت تحرّك ولد عباس بناء على ما جاء في نشرة من نشرات التلفزيون أن الإعلام ليس عدوا للحكوم ولا ينبغي أن يكون كذلك، وأن العلاقة بين الجهاز التنفيذي ووسائل الإعلام ليست بالضرورة علاقة قطّ يقظ يطارد فأرا مشاغبا مثلما هو الحال في كثير من الأحيان عندنا، وإنما هي علاقة تكاملية أو هكذا ينبغي أن تكون، فوسائل الإعلام يجب أن تضع يدها على مكامن الخلل في أيّ قطاع، ومسؤولو ذلك القطاع عليهم التحرّك لإصلاح الخلل وليس »الغضب« على تلك الوسائل حين تكشف النّقائص وتنبّه إليها مثلما يتصرّف بعض المسؤولين، سواء مع التلفزيون أو مع الصحف والقنوات الإذاعية المحلّية والوطنية. فالمسؤولون »معادن« وأصناف، وكلّ إناء بما فيه ينضح.