أرسلت قيادة الجيش الجزائري، تعليمات صارمة لوحداتها المرابطة على الحدود مع ليبيا، لتشديد المراقبة الأمنية ومنع تسلسل مجموعات مسلحة إلى التراب الجزائري، بعد تدهور الوضع الأمني بالجارة الشرقية للجزائر.وأعقبت التعليمات الجديدة التي أرسلت إلى وحدات الجيش و الدرك الجزائريين، على الحدود مع ليبيا، أمس، بعد قرار الجزائر بغلق حدودها الجنوبية مع ليبيا، عشية الاثنين، لكن مخاوف الحكومة الجزائرية، مازالت قائمة اثر صعوبة التحكم بحدود طولها أكثر من ألف كيلومتر، كلها صحراء، ذلك إن سدت ثلاثة منافذ حدودية وهي: «تيت الكوم» و»طارات» و «الدبداب» لا يكفي لتأمين التراب الجزائري من المجموعات المسلحة. وينم قرار الجزائر على أن « الوضع في ليبيا صار خطرا أكثر من أي وقت مضى، وبدأت الجزائر تتحسس فعلا هذه الخطر الداهم من الجارة الشرقية».وأوضح مصدر سياسي ل»الحياة العربية» أن « الخطر في الحقيقة ليس وليد اليوم، وإن كان تعاظم وأصبح يشكل تهديد حقيقي على بلادنا، وانما يعود إلى الفترة التي تدخل بها الناتو لإسناد الثوار في ليبيا للإطاحة بامعمر القذافي«، وأضاف» نعم، الحكومة الجزائرية حذرت من خطر تدخل الناتو ، وهاهو عامل الوقت ينصف موقفنا الذي انتقدنا من أجله».ويفهم من تصريحات المسؤول أن الحكومة الجزائرية غير راضية عن أسلوب تعاطي نظيرتها الليبية، فيما يتصل بالتعاون لتأمين الحدود، مثلما ورد في اتفاقية وقعت بين البلدين في جانفي 2012. وجاء القرار المتخذ تناغما مع مواقف غربية حذرت من انعكاسات الوضع المتردي بليبيا على الجزائر، حيث لاحظ التقرير العالمي لسنة 2013 حول مكافحة الارهاب الذي أعدته كتابة الدولة الأمريكية و نشر قبل أسبوعين ، على موقعها الالكتروني ، أن الوضع الأمني السائد في الدول المجاورة للجزائر ، على غرار التهديد بشن هجوم انتقامي بعد التدخل العسكري الدولي في مالي و انتشار الأسلحة المهربة في ليبيا و أعمال العنف الضعيفة المسجلة في مناطق الجنوب و على طول الحدود الجزائرية-التونسية قد «ساهمت في مجملها في التهديد الارهابي في الجزائر«. و تحدث التقرير أنه خلال سنة 2013 «قامت قوات الأمن الجزائرية بإفشال الكثير من الاعتداءات الارهابية و استمرت في ممارسة الضغط على شبكة القاعدة في المغرب الاسلامي اضافة لمصادرتها لعتاد و مخابئ للأسلحة و قيامها بعزل شبكة القاعدة في المغرب الاسلامي جغرافيا«. ولا يخرج غلق الحدود عن هاجس أمني صار واقعا، بعد العملية التي قام بها الجيش و الدرك الوطنيين، الخامس ماي الجاري، والتي قتل اثرها 12 ارهابيا، كانوا بصدد التسلل إلى التراب الجزائري بولاية إيليزي، وبحوزتهم عتاد عسكري متطور وأسلحة حربية ثقيلة، وهي العملية التي كانت كافية لاتخاذ مثل هذا القرار، حتى وان تدعم الموقف الجزائري بتردي أكبر للوضع بعد اشتداد الاقتتال بدخول مليشيات اللواء خليفة خفتر خط المواجهة مع السلطات المركزية. الأخير الذي أكد لصحيفة» الشرق الأوسط» اللندنية، أمس، « لا أتلقى الدعم لا من الجزائر ولا من مصر و الدول الجارة لليبيا اشتكت كثيرا مما يحصل فيها». وتصل الحكومة الجزائرية المعطيات الأمنية دوريا حول طبيعة الوضع الأمني ، من بينها تقارير أمنية خطيرة عن تهديدات لجماعات مسلحة ومحاولات تسلل إلى التراب الجزائري، موازاة مع تنامي الاقتتال بين الليبيين، بينما أوضح نفس المصدر، أن « القرار بغلق الحدود مع الجارة ليبيا، قرار سيادي، وهناك مخاطر محدقة بالجزائر تتسبب بها ليبيا، لكن هذه المخاطر كبرت كثيرا هذه الأيام ما دفع الحكومة الجزائرية إلى البحث عن حل عملي، فكان غلق الحدود».وتابع « القرار مهم ونحن لا نريد أن نقع في نفس الإشكالات التي وقعت بها السلطات الليبية ، هناك اختطافات وتحركات خطرة لمسلحين ، وقد جرى سحب حكومات سفرائها من طرابلس ليقينهم أن الوضع أصبح لا يطاق». وأشار إلى أن «الجزائر تواجه تحالفا مكونا من الارهاب و الجريمة العابرة للحدود، وهذا يتطلب تكاثف جهود كل الدول الجارة وعلى راسها ليبيا».وكان الجيش الجزائري قتل 12 عنصرا مسلحا في الخامس ماي الجاري، في ولاية تمنراست الحدودية مع ليبيا، وينتمي هؤلاء إلى جنسيات عربية وافريقية مختلفة. كما حجز ترسانة حربية تتالف من اسلحة ثقيلة وعتاد حربي متطور.